
عداد الموت صاعد، المؤشر لا
يتوقف أمام استمرار حوادث الطرق، حادثة كل ربع ساعة وقتيل كل 30 دقيقة، فيما تؤكد
إحصائيات أن مصر تحتل مراكز متقدمة في صدامات وكوارث الطرق السريعة دون دراسة
للموقف أو مواجهة، ووقف نزيف الدم على الأسفلت، والحد من ظاهرة الموت يوميا.
تقرير حديث لمنظمة الصحة العالمية، صنف مصر ضمن أسوأ
10 دول في حوادث الطرق، فيما يتصادف نشر التقرير الدولي، ظهور تقديرات الجهاز
المركزي للتعبئة العامة والإحصاء حول خسائر تلك الحوادث، والتي قدرتها بـ 30 مليار
جنيه سنويا، وتشير التقديرات إلى أن معدلات الوفيات والإصابات متصاعدة، وأن هناك
قتيلا كل نصف ساعة تقريبا.
وكان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، كشف
أن القيمة المقدرة للحد الأدنى للتكلفة الاقتصادية لحوادث الطرق بمصر 30.2 مليار
جنيه عام 2015، وذلك باستخدام أسلوب الناتج المفقود، حيث تبلغ التكلفة الكلية المقدرة
للوفيات (6203 متوفين) 24.1 مليار جنيه، وللإصابات الشديدة (15847 إصابة) 3.7
مليار جنيه، وللإصابات الطفيفة (3479 إصابة) 0.6 مليار جنيه، إضافة إلى 1.8 مليار
جنيه كتعويضات مسددة من شركات التأمين، موضحا في دراسة عن "التكلفة
الاقتصادية لحوادث الطرق في مصر عام 2015" - أن إجمالي عدد المركبات المرخصة
بمحافظات الجمهورية بلغ 8.6 مليون مركبة عام 2015، وتستحوذ محافظة القاهرة على
26.5% ومحافظة الجيزة على 11.6% من إجمالي المركبـات، وتمثل السيارات الخاصة
51.4% من إجمالي عدد المركبات، وتستحوذ محافظة القاهرة على 38.8% ومحافظة الجيزة
على 13.1% من إجمالي السيارات الخاصة.

وأضافت الدراسة أن إجمالي عدد حوادث السيارات في مصر 14.5 ألف حادثـة عام 2015 بنسبـة انخفـاض 31.9% عن عام 2005، ونسبــة زيادة 1% عن عـام 2014، مشيرا إلى أن إجمالي الخسائر البشرية الناتجة عن حوادث السيارات 25.5 ألف حالة وفاة وإصابة عام 2015 بنسبة انخفاض 16.8% عن عام 2005، بينما انخفضت بنسبة 16% عن عـام 2014.
وأظهر تقرير ارتفاع معدل القسـوة (متوفي/ 100 مصاب) ليبلغ 32.1% عام 2015 مقابل 24.8% عــام 2005، في حين بلـغ 25.8% عـام 2014، بينما ارتفع معدل الوفاة / 100 حادثة إلى 42.6 حالة عام 2015، مقابل 28.6 حالة عام 2005 وإلى 43.3 حالة عام 2014.
ويمثل العنصر البشرى 64% من أسباب حوادث الطرق بمصر عام 2014، يليه الحالة الفنية للمركبة بنسبة 21.9% ثم حالة الطريق بنسبة 2.4 %، وتأتي سيارات الملاكي كأهم نوع سيارات يسبب الحوادث بنسبة 36.8% يليها سيارات النقل بنسبة 27.8% ثم سيارات الأجرة بنسبة 18.9 %.
وتطرق الجهاز في دراسته إلى حساب توقعـات التكلفــة الاقتصاديــة لحـوادث الطـرق عـام 2020، وباستـخـدام أسلـوب الناتـج المفقـود بلغـت 31 مليار جنيه، حيث يتوقع أن تبلغ وفيات حوادث الطرق عام 2020 نحو 6211 حالة، والإصابات 22255 حالة، وذلك في ظل ثبات العوامل والتكاليف للفرد الواحد.

وفي رصدنا لأشهر طرق "الموت" التي تشهد عددًا غير قليل من الحوادث سنويا مقارنة بغيرها على مستوى الجمهورية، لوحظ أن المحور باتجاه المهندسين يعتبر أول الطرق التي تقع عليها حوادث طرق، ويحتل قمة ترتيب تلك الطرق، يليه الطريق الدائري المتجه من التجمع إلى الأوتوستراد، ويقع في المرتبة الثالثة طريق المحور باتجاه الشيخ زايد، وربما ينضم إليها قريبا طرق أسوان.
وعلى مستوى الأقاليم وشبكة الطرق بين المحافظات كشفت الإحصاءات أن طريق أسيوط – المنيا هو الأعلى في مستوى الحوادث، ثم الشرقية، ثم القليوبية، بينما جاء طريقا الإسكندرية الزراعي والصحراوي الأقل من حيث عدد الحوادث.
وهنا استنكر د. عادل الكاشف رئيس الجمعية المصرية لسلامة المرور النقل والمواصلات، ما يحدث على الطرق السريعة من حوادث، وقال: إن ما يحدث يشبه مسلسلا تركيا لكن من نوع جديد، ويبدو أنه يعجب الحكومة وتستمتع بإعادة مشاهدته على فترات متقاربة، بل إنها وصلت لدرجة إدمان مشاهدته، موضحا أن السبب الرئيسي لتلك الحوادث المؤلمة هو ضياع هيبة الدولة، فهناك افتقاد للإرادة السياسية في هذا الملف، رغم أن الإرادة السياسية موجودة بوضوح في ملفات أخرى أمنية وسياسية، لكن ملف المرور وحوادث الطرق والمفترض أن يكون له أولوية يفتقد إلى الاهتمام الكافي، لأنها أكثر أهمية في حياتنا، وتحتاج لإجراء "جراحة عاجلة" توقف نزيف الدماء على الطرق.
وتوقع رئيس جمعية الطرق أن تستمر الحوادث بدون توقف وكل يوم سنسمع عن حادثة، لأن الفاعل واحد وموجود ولا يتعلم من أخطائه ولا يجد من يردعه أو يلزمه بالقانون وهو السائق المتهور، فهيبة الدولة ضاعت أمام سائقي الميكروباص والتكاتك، ولا يخافون من أي شيء حتى القانون.

واقترح خبير الطرق لحل قضية الحوادث المروعة أن ترعى رئاسة الجمهورية وباهتمام شخصي من الرئيس عبدالفتاح السيسي مؤتمرًا قوميًّا يجمع فيه كل خبراء المرور في مصر، ولا مانع من أن يستمر لشهرين أو ثلاثة حتى يخرجوا لنا بـ"دستور" مرور جديد وقانون مرور ملزم للجميع، تعمل على تنفيذه كل مؤسسات الدولة وهيئاتها.
كما طالب الكاشف بعودة "الكونستبل" إلى الشارع قائلا: إن هيبته التي كنا نراها في أفلام الأبيض والأسود كانت تفوق ضابط المرور الحالي، ومضيفا أنه إذا تم التدقيق في الكشف الطبي على السائقين، والكشف الفني على السيارات، سنكتشف كوارث".
وأكد د. "حسن مهدي" خبير الطرق وأستاذ الطرق والمطارات بجامعة عين شمس أن الطرق في مصر يتم تصميمها بحسب المواصفات الهندسية العالمية، بما يمكن أن نعتبره دستورا نسير عليه عند إنشاء أي طريق جديد، موضحا أن كثيرا من الحوادث قد تحدث بسبب السرعة الزائدة، لكن هذا لا يجعلنا نغض الطرف عن حقيقة مهمة قد يكون لها جزء من المسئولية وهي ضيق بعض الطرق في بعض المناطق، وهذا ليس بسبب خطأ في تصميمها في البداية لكن بسبب التعدي على حرم الطريق، والذي تم البناء عليه في ظل تراخ من المسئولين عن الإزالة لتلك المخالفات، وهو ما يحول دون إجراء أي توسعة لتلك الطرق في الوقت الذي تشهد فيه الطرق زحاما كبيرا، ويجعلها أكثر عرضة للحوادث.