في وقت أصبحت فيه بريطانيا
علي مشارف الانسحاب رسميا من الاتحاد الأوروبي، وإعلان اسكتلندا قرب إجراء استفتاء
جديد بشأن الاستقلال خلال أسابيع، أصبح السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان: هل يكون
تفكك بريطانيا ثمنا لانسحابها من الاتحاد الأوروبي.
وقال روس غرير، نائب من حزب الخضر، الذي يعد من
الحلفاء الرئيسيين لرئيس وزراء اسكتلندا نيكولا ستيرغن: إن قرارا بشأن الدعوة
لإجراء استفتاء جديد بشأن استقلال اسكتلندا قد يُتخذ خلال أسابيع، لافتا إلى أن
توقيت الاستفتاء ستحدده عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وتعزي اسكتلندا قرارها بعقد استفتاء لانفصال عن
بريطانيا إلى رفضها للقرار البريطاني بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي، حيث صوت معظم
الاسكتلنديين في يونيو الماضي لصالح البقاء في الاتحاد إلا أن الأمور سارت ضد
رغبتها.
وأوضح ستيرغن الموقف الاسكتلندي، في تصريحات صحفية،
قائلا: "إن هذا يعني أنه يجب أن يكون لاسكتلندا خيار جديد بشأن مستقبلها إذا
لم يتم احترام رغباتها كجزء من مفاوضات الانسحاب من الاتحاد الأوروبي".
إلا أن استطلاعات الرأي المبدئية تشير حتى الآن إلى
رفض غالبية الاسكتلنديين إجراء هذا الاستفتاء.
وكانت اسكتلندا قد أجرت استفتاء مماثلا في 2014 رفض
خلاله أكثر من نصف الاسكتلنديين الانفصال عن بريطانيا، حيث فاز رافضو الاستقلال
بـ55،3% من الأصوات بفارق كبير عن مؤيدي الاستقلال الذين حصلوا على 44،70% من
الأصوات.
واسكتلندا تعتبر إحدى أربع دول تشكل المملكة المتحدة
إلى جانب إنجلترا وويلز وإيرلندا الشمالية، مما يجعل الاستفتاء على انفصال
اسكتلندا يفتح الطريق أمام باقي أجزاء بريطانيا ولاسيما أيرلندا الشمالية للحذو
حذوها ما يهدد المملكة المتحدة بالتفكك إلى أربع ولايات مستقلة.
وكان رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير قد
حذر في وقت سابق من أن مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي قد تؤدي إلى تفكك المملكة
المتحدة، مهددًا من أن الخروج من التكتل الأوروبي "له عواقب على مستقبل
بريطانيا نفسها" لأنه سيغير تماما من النظرة حول استقلال اسكتلندا.
بينما استبعد محللون أن تخاطر اسكتلندا بالانقسام عن
بريطانيا نظرًا لعدة أسباب في مقدمتها أن اقتصاد المملكة المتحدة يعتبر السادس
عالميا، كما أن اقتصاد اسكتلندا، يمول من ميزانية الحكومة البريطانية ومن الموارد
الإنجليزية تحديدا وعلى نحو يصل إلى 120 مليار جنيه إسترليني سنويا.
وقلل المحللون من قيمة أن تلجأ اسكتلندا لدعم الاتحاد
الأوربي بديلا عن المملكة المتحدة، مؤكدين علي صعوبة أن يمول الاتحاد 5 ملايين
نسمة هم عدد سكان اسكتلندا وخاصة أن اسكتلندا لن تكون بديلا مرضيا عن بريطانيا
داخل الاتحاد علي المستويين السياسي والاقتصادي.
فبريطانيا لا تزال ثاني أهم دول العالم سياسيا بعد
الولايات المتحدة والحليف الرئيسي المؤثر في صنع القرار الأمريكي، كما أنها تدير
عددا هائلا الشركات العالمية المتعددة الجنسية التي تحكم اقتصاد العالم.
بينما يمثل التحدي الأكبر لبريطانيا إذا ما قررت أيرلندا الشمالية الاستقلال، فهي المكون الثالث في المملكة المتحدة بعد انجلترا
واسكتلندا، كما أنها المكون البريطاني الثمين الذي لن تتخلى عنه لندن حتى لو خاضت
حربا عالمية للدفاع عنها.
بينما تشهد أيرلندا انقساما داخليًا حول الرغبة في
التبعية لبريطانيا أو الاستقلال عنها بالنسبة للجزء الأكبر، ففي الوقت الذي يشعر
فيه البروتستانت بوجود علاقة قوية مع بريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية عن رغبته
في البقاء جزء من المملكة المتحدة، يطمح الكثير من الكاثوليك أن تبقى أيرلندا
الشمالية جزءا من المملكة المتحدة.