شهدت القمة الأوروبية
غير الرسمية انقساما فى المواقف بين الدول الأوربية حول مستقبل العلاقات بين دول
الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة الأمريكية فى فترة حكم الرئيس الجديد دونالد
ترامب، ولا سيما فيما يتعلق بالقضايا الجوهرية مثل قضية تدفق اللاجئين.
ففى حين حافظت بعض الدول الأوروبية الكبرى مثل ألمانيا
وفرنسا على مواقفها المؤيدة لقضية اللاجئين ومواجهة السياسة الأمريكية الجديدة
المنغلقة على نفسها بمحاولة الاعتماد على التعاون بين دول القارة العجوز والسعى الى
بناء أوروبا مستقلة تمامًا عن الحليف الأمريكى تتمتع بقوة عسكرية خاصة بها قادرة
على ضمان المصالح الأوروبية، أظهرت بعض الدول الاخرى تضامنا مع آراء الرئيس الأمريكى
التى اتفقت مع آرائها المتشددة فيما يتعلق بأزمة اللاجئين.
ومن جانبه، وجه الرئيس الفرنسى فرنسوا هولاند
انتقادا لاذعا لهذه الدول قائلا: "من يحاول من الدول الأوروبية نسج علاقات
ثنائية" مع الضفة الأخرى للأطلسى وتجاوز الاتحاد الأوروبي، لا نعرف حتى الآن
بماذا يفكر الرئيس الأمريكى وخصوصًا فى ملف حلف شمال الأطلسي، علينا أن نفكر فى ضمان
أمننا بأنفسنا من طريق حلف شمال الأطلسى وفى حماية مصالحنا الاقتصادية المهددة،
وعلى الدول الأوروبية أن تعلم أن مستقبلها يبقى مع الاتحاد الأوروبى بدل تخيل
علاقات ثنائية لا أعرف كيف ستكون مع الولايات المتحدة"، داعيا إلى ضرورة وجود
رؤية موحدة وإلّا فلن تكون هناك أوروبا ولا مستقبل لأى من دولها".
وكانت القمة غير الرسمية قد تطرقت لعدد من القضايا
وفى مقدمتها النشاط العدائى الروسى والإرهاب فى الشرق الأوسط وخروج بريطانيا من
الاتحاد والإدارة الأمريكية الجديدة.
ودعا الاتحاد الأوروبي، خلال البيان الختامي، إلى
مواصلة تطبيق اتفاقية إعادة المهاجرين مع تركيا، بشكل عادل وكامل، وتعهد بتقديم
المساعدات لدول منطقة غربى البلقان التى تعد ممرا لعبور المهاجرين واللاجئين، مثمنا
مساعى مالطا فى مواجهة أزمة المهاجرين فى منطقة وسط البحر المتوسط.
وشدد البيان على أن “الاتحاد الأوروبي، سيواصل
مكافحة أزمة الهجرة بكل حزم، بما يتوافق مع حقوق الإنسان، والقوانين الدولية،
والقيم الأوروبية، وقوانين المفوضية العليا للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، ومنظمة
الهجرة الدولية”، مشيرا إلى انخفاض أعداد المهاجرين غير الشرعيين بنسبة الثلث فى 2016،
بالمقارنة مع العام 2015، وأوضح أن “العنصر الأساسى فى سياسة الهجرة المستدامة، هو
حماية حدود الاتحاد الأوروبى بشكل فاعل، ومنع وقوع حالات الهجرة غير الشرعية”.
وقال البيان: إن 181 ألف شخص وصلوا أوروبا انطلاقا
من سواحل البحر المتوسط فى شمال أفريقيا، خلال 2016، مشددا على أن الاتحاد “عازم
على تخفيض حالات الهجرة غير الشرعية”.
وأضاف أن جهود إرساء الاستقرار فى ليبيا اكتسبت
أهمية أكثر من ذى قبل، وأن الاتحاد “سيبذل قصارى جهده من أجل تحقيق هذا الهدف
المنشود”.
وفى سياق متصل، اتخذت قمة مالطا إجراءات عدة عملية
لقطع الطريق على وصول اللاجئين انطلاقًا من الأراضى الليبية الى أوروبا، منها:
مساعدات مباشرة لليبيا بتدريب الحرس الوطنى الليبى وتوفير المعدات اللازمة له
ولدوائر أمنية ليبية أخرى، ومساعدة المناطق الساحلية لحض سكانها على التخلى عن
المتاجرة والاستفادة من أزمة اللجوء، ومحاربة تجار ومافيات اللجوء، وأخيرًا قرار
مثير للجدل يتمثل فى إنشاء مخيمات للاجئين فى الأراضى الليبية ليبقوا فيها إلى أن
يقرروا العودة إلى بلادهم.