الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

"معهد ناصر" يهدر ملايين الجنيهات في شراء أجهزة متوقفة

«البوابة» تواصل كشف فساد «مستشفى الغلابة»

معهد ناصر
معهد ناصر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نائب مدير المعهد يتقاضى أموالاً بالمخالفة للقانون.. وجدد انتدابه بـ«لجنة يرأسها»
اختفاء أجهزة من «بنك الدم».. وبلاغ للنائب العام يكشف تورط مسئولين فى الاستيلاء عليها
عدسة «البوابة» تضبط طبيبًا يعقد «صفقات الحالات الخاصة» بزى العمليات


لم يتوقف العبث داخل «معهد ناصر» على تعريض حياة المواطنين للخطر، وتركهم فريسة سهلة للإصابة بالأمراض الفيروسية «الكبدى سى» أو «الكبدى بي»، أو حتى «الإيدز»، ووصل الأمر إلى إهدار قرابة 4 ملايين جنيه.
بداية الواقعة كانت بمنحة مقدمة من «البنك الأهلى المصرى» للمعهد، بناء على خطاب من الأخير، لشراء أجهزة طبية ضمن خطة تطوير المستشفى، فما كان من البنك إلا أن قدم منحة تقارب الـ 5 ملايين جنيه، كان مقررا صرفها على أجهزة «بنك الدم» و«العمود الفقرى» بالمعهد، وذلك وفقًا للمستندات التى حصلت عليها «البوابة».
بالفعل تعاقد مسئولو المعهد على شراء ١٠ أجهزة لـ «بنك الدم» بما يقرب من مليونى جنيه، وكانت المفاجأة أن هذه الأجهزة لا تعمل ولم يتم تشغيلها منذ أن تم التعاقد عليها، وهو الأمر ذاته بالنسبة للأدوات الملحقة بها من «قرب» و«أكياس دم» غالية الثمن، والتى تم إعدامها بسبب عدم استخدامها منذ توريدها للمعهد حتى انتهاء صلاحيتها.
المبلغ بالتحديد الذى تم إهداره على هذه الأجهزة يبلغ مليونا و٦٧٧ ألف جنيه، وذلك بتعاقد الدكتورة سناء عبد الشافى مدير بنك الدم بالمعهد، مع شركة مستلزمات طبية بعينها، على توريد أجهزة «الأتريوس»، وهى عبارة عن جهاز لفصل أكياس الدم المفلترة، ويقترب سعر الواحدة من «القرب» المستخدمة معها ما بين ٦٥٠ إلى ٨٥٠ جنيها، بإجمالى ٥٠ ألف جنيه وذلك فى أغسطس ٢٠١٥، ولأن الأجهزة لا تعمل وظلت هذه القرب دون أى استخدام داخل المخازن فانتهت صلاحيتها.
لم يقتصر الأمر على صفقة «الأجهزة والقرب»، بل تعاقدت مديرة «بنك الدم» أيضًا مع نفس الشركة الموردة للأجهزة وملحقاتها، على صيانة تلك الأجهزة لمدة عام بقيمة ٨٥ ألف جنيه، ما يمثل إهدارًا للمال العام، وإصرارا على «تربيح» الشركة.
وإلى جانب أجهزة «الأتريوس» تم إعدام «قرب» أجهزة «الميراسول» بنفس الطريقة التى تضمنت تخزينها لعدم عمل الأجهزة حتى انتهاء صلاحيتها، فضلا عن توقف جهاز «سنتور للفحص الثيرولوجى للفيروسات» وعدم عقد أى دورات تدريبية خاصة به للعاملين فى المعهد.
يؤكد صحة ما بينته المستندات التى حصلت عليها «البوابة»، تقرير هيئة الرقابة الإدارية، وتحديدًا فى فقرته الثالثة، عن العثور على أكياس «الأتريوس»، وعليها دم كامل مسحوب منذ أكثر من شهر، وعند تدويره وجد به كرات دم مكسرة وغير صالح للاستخدام.
وللتستر على الواقعة، حاول مسئولو المعهد استخدام «القرب» فى مشتقات الدم، وبدلا من بيع «الكيس» الواحد بأسعار تزيد على ١١٥٠ جنيها، كان يباع بـ ١٨٠ جنيها فقط على اعتبار أنها «قرب» دم عادية وليست مستوردة، ما يمثل إهدارًا للمال العام.
ووفق بلاغ مقدم للنائب العام من أحد فنيى المعهد، بتاريخ ٦ ديسمبر ٢٠١٦، فإن «بنك الدم» شهد اختفاء جهازى لحام أكياس دم بعد صرفهما من المخازن، وتبين بعد ذلك نقلهما وأجهزة أخرى خاصة بفحص الفيروسات إلى إحدى الجامعات الخاصة.
فيما كشفت وثيقة مدونة برقم «J٣٧٧٤ /٩١١٧» ومقدمة من المريض «أحمد يوسف علي» إلى مدير المعهد، عن إصابته بثقب فى القولون أثناء إجراء جراحة استخراج حصوات من الكلية بالمنظار يوم ٣٠ أغسطس ٢٠١٦، وتركيب دعامة فى الحالب، وذلك تحت إشراف الدكتور محمد محمد ياسين سليم، استشارى المسالك البولية.

وفتحت تلك الواقعة الباب لكشف المزيد من مخالفات «استشارى المسالك البولية»، والذى يشغل منصب نائب مدير المعهد، ومن بينها الشكوى المقدمة من الدكتور مجدى قرنى مرعى، مساعد المدير للبحوث والعلاج، ضد «يس»، وتكشف لعبه دور «الخصم والحكم» وذلك بأن كان فى لجنة اعتماد طلب تقدم به نفسه.
تفاصيل الواقعة تقول إن الدكتور محمد ياسين كان قد تقدم بطلب للدكتور أحمد محيى القاصد، رئيس الأمانة العامة للمراكز الطبية المتخصصة،  يلتمس فيه تجديد انتدابه كنائب مدير للمعهد، بعد انتهاء ندبه فى ٣١ أغسطس ٢٠١٦، بمكافآت مقطوعة وليس الإعارة، وكان الرد من اللجنة التى يرأسها «يس» نفسه وتضم ٣ أطباء آخرين بالموافقة على طلب التجديد.
وجاء فى نص شكوى «قرني» ضد «يس» أنه «تم تجديد إعارته بموجب قرار اللجنة التى يرأسها».
ورغم عدم موافقة أمانة المراكز الطبية المتخصصة على تجديد انتدابه، لمخالفته القانون، وتغيبه عن التوقيع فى دفتر الحضور والانصراف، وليس له أى توقيع يدل على تواجده وانتظامه للعمل فى المعهد، إلا أنه يصرف جميع مستحقاته المالية بالمخالفة لقانون العاملين بالدولة.
إجراءات حصوله على تلك المستحقات بالطريقة القانونية السليمة يتطلب تحرير كشف انتظام عن عمله، معتمد من المسئول عن التوقيعات، وتسليمه لإدارة الاستحقاقات بالمعهد، ليتم الصرف بعدها، لكن ما يحدث فعليًا أنه يكتب بنفسه ما يفيد انتظامه فى العمل طوال أيام الشهر، بما يستوجب صرف جميع المستحقات المالية غير المستحقة له فى الأساس.
ووفقًا للشكوى ذاتها، فإن المذكور يمتلك عيادة خاصة، ويعمل جراح مسالك بمستشفى وادى النيل، وفى المعهد بنظام التعاقد، أى يعمل فنيا إضافة للعمل الإدارى بالمعهد، مخالفًا بذلك القرار الوزارى رقم ٥ لسنة ٢٠١٣، والذى يشترط فى البند الأول لشاغلى المناصب الإدارية بالمستشفيات التابعة للوزارة «التفرغ التام»، وكذلك البند الثانى الذى يحظر تعاقد الأطباء العاملين بمستشفيات الوزارة بالعمل فى منشأة طبية خاصة.
بيزنس «الحالات الخاصة»
تضمنت مخالفات «يس» كذلك وفقًا للشكاوى والوثائق لدى «البوابة»، إدخاله منذ توليه منصب نائب المدير، حالات خاصة من المترددين على المعهد من مرضى جراحة القلب المفتوح ومرضى الصمامات والشرايين وأمراض المثانة، وذلك من عيادته الخاصة، مستغلا منصبه وسلطاته، والتى وصلت أعدادها إلى ٨٢ حالة خلال الفترة ما بين ١ أغسطس حتى ٣٠ نوفمبر ٢٠١٦. واستغل بعض طوابق المعهد فى إدارته لحسابه الشخصي.
وتضمنت هذه الحالات ما بين الخاصة بالشركات والمخصصة للتأمين الصحى والقادرين، ولدى «البوابة» كشف بأسماء الحالات التى تم إدخالها ما بين استخراج حصوات متعددة بالكلى وحقن مادة البوتكس فى المثانة بالمنظار واستئصال ورم فى المثانة بالمنظار، فضلا عن «روشتات» تحويل الحالات مباشرة بتاريخ ٣١ ديسمبر ٢٠١٦، ثم دخول الحالة كما بينت إحداها يوم ٢ يناير ٢٠١٧ وتجرى العملية بعدها بيوم واحد، ضاربًا بقوائم الانتظار والنظام المعمول به عرض الحائط.
ونجحت عدسة «البوابة» فى تسجيل لحظة عقده للصفقات فى صالة الاستقبال الخاصة بمعهد ناصر أثناء ارتدائه زى العمليات المعقم الذى يحظر الخروج به خارج غرف العمليات، منعًا لنقل التلوث والعدوى.
لغز القرار رقم ١٣
الأخطر من ذلك أن كل ما يجرى من مقايضات وتربيطات داخل أروقة معهد ناصر يكون تحت سمع وبصر الدكتور أحمد محيى القاصد، رئيس الأمانة العامة للمراكز الطبية المتخصصة، والذى تقدم له الشكاوى والمستندات، ويكتفى بحفظها داخل الأدراج بل وينكل بمن يوجهها له.
ما يدل على ذلك قراره رقم ١٣ الخاص بالندب التعسفى لـ ١٠ أطباء من «معهد ناصر»، بتاريخ ٢ يناير ٢٠١٧، ومنهم الدكتورة هناء عبد القادر، وذلك بعد تقديمها بلاغا حمل رقم «٦٧١/٢٠١٣ صحة أول» ضد الفساد الفنى والمالى والإداري، مختصمة رئيس الأمانة، والدكتور حازم الفيل، مدير معهد ناصر.
وتضم قائمة المغضوب عليهم أيضًا الدكتورة فاتن رمضان، والدكتور مجدى مرعي، وعددًا من الفنيين ممن قدموا شكاوى باختفاء أجهزة بنك الدم، ورفضوا التواطؤ تجاه التخلص من تجميع أكياس الدم على جهاز ATRIM، وبيعها كـ «قرب» دم عادية لا يتعدى سعرها ١٨٠ جنيها، ما مثل إهدارًا للمال العام.
جزاء مقدمى الشكاوى والبلاغات كان الندب التعسفي، رغم كونهم استشاريين وحاصلين على درجة الدكتوراه، ويعملون فى تخصصات دقيقة بأمراض الدم والوراثة والبيولوجي، فضلا عن عدم تسليمهم إخطارات للجهات المفترض ندبهم إليها، وعندما طالبوا بها أبلغ قسم شرطة الساحل التابع له المعهد مدعيًا تنظيمهم تظاهرات، وبعدما جاء مأمور القسم لم يجد ما ادعاه المدير، وتم إخلاؤهم إداريًا بعد قرار الندب بأكثر من ١٠ إلى ١٥ يومًا، وفقًا لرواية أحد المتضررين.

الإجراء التعسفى ضد الأطباء العشرة جاء بعد تقرير رفعوه للمكتب الفنى لوزير الصحة، وحصلت «البوابة» على نسخة منه، ويشمل مخالفات جديدة للمعهد، وتسلمه الدكتور محمد عبدالوهاب مدير عام التفتيش المالى والإدارى بالوزارة.
وبناءً على تلك الشكاوى شكلت لجنة من أعضاء الأمانة للتفتيش، استمر عملها لمدة يومين، وأثبتت كثيرا من المخالفات الواردة فى التقرير، وذلك قبل إبلاغ النيابة الإدارية بشهرين.
وأكد الدكتور سامح العشماوي، رئيس الأمانة المراكز الطبية المتخصصة وقتها، إثبات اللجنة المخالفات الفنية والإدارية والتى أحالها للجهات المختصة، ولم يتم اتخاذ أى قرار بشأنها حتى الآن، وهى كالتالي:
الدور الأرضي: وجدت جميع حجرات العيادات الخارجية به بدون تهوية خاصة عيادات الصدر والباطنة وجراحة المخ والأعصاب والصدرية والمسالك والعظام والأوعية والجراحة وحجرات الغيار للجراحة العامة وجراحات العظام وعيادات الفم والأسنان وجراحة الوجه والفكين.
لم يختلف الحال فى الدور الأول المخصص للعمليات حيث تم إغلاق أكثر من غرفة منها غرفتان لجراحة القلب لعطل التكيفات.
أما جناح «كويتى قلب» فاتخذ مدير المعهد الحالى قرارًا لإنشاء رعاية متوسطة أخرى لجراحة القلب بدون دراية أو دراسة جدوى، وتم تكسير الحوائط والأرضية الفينيل التى تم تركيبها من شهور وهدم أربع حجرات بها ثمانية أسِرة لمرضى جراحة القلب المفتوح وتركت لعدم توافر الإمكانيات والغريب أنه تم رصد وتوفير مبلغ مليون وثمانمائة ألف جنيه لعملية تطوير القسم وبعد التكسير اختفى المبلغ.
وتم إغلاق الجناح منذ شهور حتى الآن ولم يتم الاستفادة منه لا لمرضى القلب «جراحة القلب المفتوح» أو مرضى الصمامات والشرايين، ولا للمرضى الذين يحتاجون الرعاية المتوسطة لمرضى جراحة القلب.
أما الدور الثانى المخصص للسياحة العلاجية، والذى كان من المفترض أن يدير دخلا للمعهد، وجرى العرف أثناء تولى كل المديرين أنه مصدر دخل للمعهد من خلال المرضى المترددين على المعهد سواء من مرضى الوافدين للسياحة العلاجية أو المصريين بالأجر، فجاءت الكارثة عن طريق إثبات أن الكثير منهم مرضى للتأمين الصحى للمدير والدكتور محمد ياسين، وأصبح يتم حجزه للشخصيات ذات الصلة بالمسئولين سواء أكان شركات أو حتى تأمينا صحيا، فضلًا عن عدم توفير جهاز رسم قلب بالمجهود بعد تكهين الجهاز القديم من سنة.
وهناك قسم بالدور الثانى للفحص الشامل لمرضى القلب، وجهاز رسم القلب معطل منذ أشهر، ولم يتم إصلاحه، والقسم يعمل بجهاز واحد فقط لا غير.
ووفقا لما حمله لنا التقرير فإن الدور السادس/ (B) مركز صحة المرأة / فقد تعطل جهاز «الماموجرام» الخاص بالكشف المبكر لأورام الثدى بسبب عدم توفير قطعة غيار للجهاز أشهر من أغسطس حتى نصف ديسمبر أى خمسة أشهر وحتى الآن مما نتح عنه توقف المترددين على المركز وفقد أكثر من ٣٥٠ ألف جنيه شهريًا، أى فقد أكثر من ٢ مليون جنيه من دخل المعهد، وتم وقف العمل بالمركز وتسريح التمريض القائم عليه.
الأمر نفسه فى الدور الثامن، هذا الدور مهجور منذ سنوات لا يتم إصلاحه أو تجديده، أما الدور السابع (C)الخاص بأمراض الدم وزرع النخاع فيحتوى على قسم (C)مهمل ومكسر ولا يعمل ويحتاج للإحلال والتجديد ولم ينظر إليه أو حتى يتم إدراجه فى أى خطة منذ أكثر من عشر سنوات وحتى الآن.