الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

هل صحيح أن الحكم عنوان للحقيقة؟!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أود أن أشير فى البداية إلى بعض الحقائق التاريخية الثابتة بشأن الجزيرتين السعوديتين:
١- وجه الملك عبدالعزيز آل سعود حاكم السعودية فى ١٩٥٠م الشكر للملك فاروق، حاكم مصر والسودان، وإلى الجيش المصرى على حماية مصر للجزيرتين: «تيران وصنافير» وفقًا للاتفاق المسبق بينهما.
٢- د. مراد غالب، سفير مصر ورئيس البعثة الدائمة فى الأمم المتحدة، قال فى مجلس الأمن عام ١٠٥٤م: «إن الاتفاق الموقع بين الحكومتين المصرية والسعودية عام ١٩٥٠م لم يهدف إلى أن تقوم مصر بضم الجزيرتين».
وبخصوص الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية العليا بشأن اتفاقية تعيين الحدود بين مصر والسعودية، هناك ثلاثة تعقيبات من ثلاثة فقهاء دستوريين وقانونيين أسردها كما يلي:
١ - الفقيه الدستورى محمد حامد الجمل قال: «القضاء زعم لنفسه اختصاصًا من دون اختصاص، والمستند الوحيد الذى زعمه- بطلانًا- كان ورقة فى صحيفة سربت لوسائل الإعلام، وهى ليست دليلًا رسميًا موثقًا».
إن وظيفة القاضى أن ينقب عن الحقائق القانونية الماثلة أمامه، ولا يستطيع أن يخلق أى حقائق وفقًا لأهوائه ونزواته.
وسوف يذكر التاريخ أن القضاء المصرى قد خلع عباءته على اتفاقية قانونية وسياسية قبل إحالتها للبرلمان.
إن البرلمان لا ينتظر القضاء، ولكن القضاء هو الذى ينتظر البرلمان، والاثنان (البرلمان والقضاء) ينتظران السلطة الأعلى، وهى السلطة التنفيذية فى شأن المعاهدات والاتفاقيات الدولية، ومن حق السلطة التنفيذية أن تسحب الاتفاقية من البرلمان.
ولا يجوز للقضاء مراجعة الاتفاقيات الدولية إلا بعد مناقشة البرلمان لها، لذلك فالحكم الذى صدر هو حكم جهول، ويعنى أن القضاء قد تغوّل على مبدأ الفصل بين السلطات، وقبول الدعوى فى حد ذاته افتئات على كل السلطات فى الدستور المصرى وكل دساتير العالم.
٢- القاضى التونسى الجليل وأستاذ القانون الدولى والدستورى، رافع بن عاشور، قال: «مجرد التوقيع على الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، هو عمل من أعمال السيادة».
٣- المحكّم الدولى الأسبق فى النزاع بين اليمن وإريتريا حول السيادة على جزر «حنيش»، والقاضى فى القضية الليبية الشهيرة «لوكيربي»، الذى كان عضوًا فى هيئة قضايا الدولة، وأستاذًا للقانون الدولى الأسبق فى جامعة عين شمس، والذى تتلمذ على يد حجة القانون والدستور عبدالرازق باشا السنهوري، إنه الشيخ الجليل القاضى الصادق القشيرى الذى ناهز من العمر ٨٥ عامًا، قال فى برنامج الإعلامى عمرو أديب عن الحكم القضائى الأخير الذى صدر بخصوص اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية من المحكمة الإدارية العليا: «أشعر بالخجل والخزى من ذلك الحكم الشاذ غير المألوف وغير المتوقع من مجلس الدولة، ولا أدرى كيف أقابل زملائى من الفقهاء والشراح والقضاة الدوليين خارج مصر؟!».
أما أحد القضاة الدوليين فى إحدى المحاكم الدولية، رفض الكشف عن اسمه، فقد صرح تعقيبًا على الحكم قائلاً: «حكم موجه للدهماء» أى الرعاع، وأضاف: «إن هذا الحكم بعيد عن القانون والمنطق، ولم يكن حكمًا قضائيًا، بل شعبويًا»، واختتم تصريحاته: «الحكم كلام رنان خالٍ من المحتوى».
وقد جاء فى حيثيات الحكم المهيب للمحكمة الإدارية العليا الصادر فى ١٦ يناير ٢٠١٦ هذه الفقر المدهشة: «مصر إنما هى دولة خلقت من رحم الطبيعة بعناية الله، وتقع بين بحرين عظيمين، ربطت بينهما خدمة للعالم القديم والحديث بقناة السويس التى شُقت بدماء بنيها، ويجرى من جنوبها إلى شمالها، نيل خالد نشأت على ضفتيه أعظم حضارات الدنيا، واتخذ أهلها من الزراعة حرفة، ومن البناء والعمران إبداعًا».
ترى.. ما علاقة هذه الديباجة بحيثيات المحكمة الموقرة فى قضية تعيين الحدود؟!
والسؤال المهم: هل صحيح أن الحكم كان عنوانًا للحقيقة؟!
للأسف الشديد، لم يكن الحكم على وجه الإطلاق عنوانًا للحقيقة، ونربأ بذلك الحكم أن يكون قد صدر فى الدولة المصرية، التى درست على مدى تاريخها مبادئ القانون والعدالة والحق.