أثار مقترح النائب عفيفى كامل، عضو
اللجنة التشريعية والدستورية بالبرلمان، بشأن تعديل قانون اللائحة الداخلية
للمجلس، بما يضمن إخضاع موازنته وحساباته الختامية لمراقبة الجهاز المركزى للمحاسبات،
حالة من الجدل بين لجنة الخطة والموازنة باعتبارها اللجنة المعنية قانونًا بمراقبة
حسابات المجلس، وبين لجنة الإصلاح التشريعى حول دستورية المقترح.
ومن جانبه أكد الدكتور حسين عيسى رئيس لجنة الخطة
والموازنة بالبرلمان أن ميزانية المجلس شأن داخلي، وأن المطالبة بإخضاع حسابات
المجلس لمراقبة الجهاز المركزى للمحاسبات، أمر مخالف للدستور والقانون، لأن المجلس
هو المنوط بمراجعة وفحص تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات، بما يتضمنه من حسابات
ختامية لكافة مؤسسات وأجهزة الدولة، أنه يراجع على ما راجعه الجهاز المركزى نفسه،
وإن الجهاز ملزم دستوريًا بتقديم تقاريره إلى مجلس النواب وليس العكس.
وأضاف عيسى أن المجلس هو صاحب السلطة الرقابية على الجميع،
بما فى ذلك ميزانية الجهاز المركزى للمحاسبات نفسه.
وأضاف أن لجنة الخطة والموازنة هى لجنة حسابات
المجلس والمراقب عليها، وفقًا للمادة 403 من اللائحة الداخلية دون غيرها، ووفقًا
لهذا الاختصاص فقد شكلت لجنة فرعية لمراجعة الحسابات الختامية السابقة للبرلمان،
وأعدت تقريرا تفصيليا بذلك سيتم عرضه على النواب خلال الأسبوع المقبل.
وأضاف أن ما يثار حول موازنة المجلس هو أمر مفتعل،
فهى لا تتضمن أى نقاط فنية تستدعى مراجعتها من قبل الجهاز، وأن جوهر وفحوى الموازنة
الخاصة بالمجلس، أساسها أجور ومرتبات العاملين بدليل الوثيقة التى تم تسريبها
إعلاميًا قبل أيام، متضمنة الحساب الختامى للعام المالى الماضي، والذى أظهر إجمالى
الحساب وتفاصيله، حيث قدر بإجمالى 700 مليون جنيه، بينما بلغ حجم أجور العاملين
منه 500 مليون جنيه، أى ما يقرب من 90% من إجمالى الموازنة، وأضاف قائلًا: على من
يريد أن يتكلم عن ميزانية المجلس فليتكلم بموضوعية، ويوضح لنا مناط المراجعة التى يطالب
بها.
ومن جانب آخر، استنكر عيسى ما أثير حول أزمة سيارات
الدكتور على عبد العال رئيس المجلس، قائلًا: إذا كان هذا هو سبب الخوض فى موازنة
المجلس الآن، فإننى أرى أنه من المخجل أن نترك جميع القضايا المهمة التى تمس المواطنين،
وميزانية مصر التى تبلغ 1200 مليار جنيه، ونتحدث عن 3 ملايين جنيه، وأضاف: هذا
الكلام لا يمكن أن يقبل فى دولة تريد أن تتقدم، ولم يحدث فى أى دولة أخرى.
واستتبع مستنكرًا: هل نحن حريصون هذا الحرص على هدم
هذه الدولة، لكى نتحول إلى دولة فاشلة؟ هل أصبحنا فى حالة غيبوبة، فتركنا
كل شيء وتفرغنا لموضوع سيارة رئيس المجلس؟
وفى سياق متصل، طالب النواب بتركيز جهودهم لخدمة
قضايا المواطن البسيط، وعدم إضاعة الوقت والجهد فى أمور لا طائل منها، كما طالب
الجميع برلمانيين وإعلاميين وكتابا ومواطنين بالرجوع إلى البرلمانات الخارجية، لكى
يتعرفوا على ما يناقش فيها، والالتفات إلى التحديات والمخاطر التى تحيط بالدولة، وعدم
استنزاف الجهد فى أشياء معروفة وواضحة.
ومن جانبه أيد الدكتور صلاح فوزى عضو اللجنة العليا
للإصلاح التشريعى مطلب النائب عفيفى كامل فى وجوب تعديل اللائحة، وإخضاع حسابات
المجلس للمراقبة، وقال إن المادة 219 من الدستور تحدثت لأول مرة عن اختصاصات
الجهاز المركزى للمحاسبات، ونصت على أن يتولى الرقابة على أموال الدولة، والبرلمان
هنا جزء من الدولة، وبالتالى فإن إختصاص المركزى للمحاسبات فى هذا الشأن هو إختصاص
دستورى واجب النفاذ.
وأضاف مستنكرًا: إن المادة 407 من اللائحة الداخلية
للمجلس، أتت مناقضة للدستور، حيث نصت على أن يتولى المجلس حساباته بنفسه، ومنحت
رئيس المجلس سلطة جوازية فى الاستعانة بالجهاز المركزي، بأن منحته الحق فى أن يطلب
من رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، ندب ما يراه لوضع تقرير يقدم لرئيس البرلمان عن
حساباته، وطريقة تنفيذ موازنته، أو أى شأن من شئون المالية الخاصة، ومعنى ذلك أنها
أعطت لرئيس المجلس سلطة جوازية فى الاستعانة بالجهاز المركزي، وهو ما يتضمن شبهة
عدم الدستورية، حيث إنها قد خالفت النص الدستورى الذى أوردته المادة 219 فى حق
الجهاز بشأن مراقبة أموال المجلس باعتباره جزءا من الدولة.
ومن ناحية أخرى، أكد فوزى أن تعديل اللائحة يجرى وفق
إجراءات قانونية محددة، الأول أن يكون بناء على طلب من مكتب المجلس نفسه، أو طلب
مقدم من 50 عضوا على الأقل، وفى هذه الحالة يتم إحالة المقترح إلى لجنة الشئون
الدستورية والتشريعية للمجلس، شرط أن تكون التعديلات صريحة وليست ضمنية، أما الإجراء
الثالث فيأتى عن طريق القضاء، موضحًا أن اللائحة الحالية للمجلس شأنها شأن أى قانون
خاضع للرقابة الدستورية، وبالتالى فإن لكل صاحب مصلحة الحق فى أن يرفع دعوى قضائية
بالطعن عليها لعدم الدستورية.