صرف عينات دم مختلفة للمرضى وعدم التخلص من الدم غير الصالح للاستخدام
لصق أكواد خاطئة تؤدى إلى إصابة المرضى الأصحاء بفيروسات
«البوابة» تحصل على وثيقة تتهم أمانة المراكز الطبية المتخصصة بالمسئولية عن الفساد داخل المستشفى
اتهام رئيس المراكز الطبية المتخصصة وإدارة المعهد بإهدار المال العام.. وتعريض المواطنين للإصابة بأمراض فيروسية
تقدمت الدكتورة هناء عبدالقادر أبوبكر استشارى باثولوجى إكلينيكى بمعهد ناصر ببلاغ النائب العام يحمل رقم 1189 بتاريخ 30 يناير 2017، تتهم من خلاله كلًا من الدكتور أحمد محيى القاصد رئيس أمانة المراكز الطبية المتخصصة، ومساعد رئيس الأمانة للمستشفيات أحادية التخصص الدكتور سامح العشماوى ومدير عام معهد ناصر الدكتور حازم الفيل ومدير بنك الدم الدكتورة سناء عبدالشافى والدكتورة شيرين شابيك رئيس قسم الجودة بالمعهد بصفتهم وشخصياتهم، بتعريض حياة المواطنين للخطر ونقل الأمراض الفيروسية والعدوى لهم.
حيث قالت الدكتورة هناء فى البلاغ إنها أثناء مباشرة عملها كمدير عام المتابعة بمعهد ناصر، لاحظت أن هناك ما يثبت بالمستندات شبهة إهمال وتعمد من قبل المسئولين بأمانة المراكز الطبية المتخصصة ومعهد ناصر وتعريض حياة المرضى للخطر ونقل الفيروسات لهم، ووجود تلاعب متعلق بقبول طلبات نقل الدم، حيث ما يتم هو التغاضى عن استكمال البيانات الخاصة بكل متبرع، وذلك من خلال الاستمارات المتعلقة فى التعامل مع بنك الدم مع معهد ناصر، ومن ثم تم تسهيل عملية التلاعب وتداول وحدات دم ناقصة البيانات، الأمر الذى يمثل خطورة على حياة المجتمع، فضلًا عن ذلك ما أثبتته بعض الجهات الرقابية التى أشرفت على بنك الدم داخل معهد ناصر، وكشفت عن العديد من المخالفات الخطيرة التى ترتكب فى حق المصريين منها تداول فصائل دم وقِرَب معدة للإعدام، وكذلك عدم متابعة بنك الدم من قبل الأطباء وتركه للفنيين والكيميائيين.
الأمر المثير للفزع والذى ذكره البلاغ أن المعهد وفقًا للمستندات لا يتبع أيًا من المعايير الدولية فى حفظ الدم وتداوله، وكذلك التعليمات المدونة على القِرب المعدمة والتعامل الخاطئ فى حفظ قرب الدم، مما يؤدى لفساد القِرب قبل استخدامها، وذلك بسبب تغير مكونات المواد المانعة للتجلط وعند تعرضها للضوء يؤثر ذلك بالسلب على جودة الدم المحفوظ بهذه القِرب الأمر الذى يؤدى لمشاكل صحية خطيرة عند نقل الدم للمرضى.
فضلًا عن عدم اتباع المعايير القومية لبنك الدم المتبعة فى التعامل مع قِرب الدم تحت الفحص وعدم فصلها عن القرب الصالحة للفحص، ناهيك عن عدم اتباع المعايير أيضا لتداول أكياس الدم المعدمة، حيث وجدت متروكة خارج الثلاجات المخصصة لتداول المواد الخطرة، ووجدت بدون أى ملصقات شارحة لما تحويه من خطورة، حيث تقرر إعدامها بسبب العدوى الفيروسية بها ما يمثل خطورة كبيرة على المرضى.
وأضاف البلاغ أن المسئولين عن بنك الدم بمعهد ناصر لم يقوموا بعمل أى سياسات لمكافحة العدوى عن طريق الالتزام بالمعايير القومية لبنوك الدم فى عملية الإدماء بداية من تطهير يد المتبرع، وفى عملية أخذ العينات حتى يتم ضمان عدم وصول هواء للكيس لعدم اتباعهم التعليمات ما يعرض وحدة الدم للتلوث، ويقلل من عمرها ويهدر المال العام الذى يتمثل فى سعر القِرب المعدة للحفظ ٣٥ يومًا إلى سعر قِربة لا تصلح للتداول خلال ٢٤ ساعة فقط بسبب تعرضها للتلوث البكتيرى.
فضلًا عن عدم اتباع سياسات الفحص السيرولوجى لأكياس الدم طبقًا للمعايير العالمية وعدم وجود سياق للفحص يضمن عدم وصول أكياس الدم غير المصابة للمرضى.
وبالرجوع إلى لجنة الصحة فى مجلس الشعب بخصوص الاستجواب الذى تقدم به نائب العمرانية الدكتور محمد فؤاد بشأن الممارسات الخطيرة فى معهد ناصر التى تعرض حياة المواطنين للخطر أبرزها:
ـ صرف أكياس دم ووحدات صفائح دموية منتهية الصلاحية فى الفترة ما بين ٢٣ و٢٤ يوليو ٢٠١٦، فضلًا عن لصق أكواد خاطئة على أكياس الدم والبلازما مما ينتج عنه دخول أكياس إيجابية للفيروسات مثل فيروس A-B-C فضلا عن نقص المناعة الإيدز والتى يكون من شأنه الفتك بحياة المريض المصرى، مثال على ذلك السيد أيمن علوان أحمد ورقمه ٢٨٧٣ وهو مصاب بفيروس B والذى قد تم لصق كود خاطئ باسم أمير فوزى عبدالفتاح برقم ٢٨٧٣ مع الأخذ فى الاعتبار أنه شخص سليم، الأمر الذى يمثل خطورة على الشخص السليم وإصابته بالفيروس نتيجة الخطأ.
كما حمل البلاغ أيضًا أن إدارة المعهد وبنك الدم يقومان بلصق أكواد خاطئة على أكياس الدم على بعض أكياس البلازما المحملة بفيروس C مثل كود رقم ٤٢١١، ناهيك عن إعدام أكياس الدم بشكل مخالف وحذفها من السجلات وأرقامها كالتالي: ٣٠٣٩، ٣١٤٢، ٦٨٨٦، ٣١١٩، ٣٣٠٦٩، ٣٤٤٤، ٢٩٨٩، مضافًا إلى ذلك سوء تداول الدم وحفظه بطريقة خاطئة وتلحق الضرر بالبيئة والمجتمع.
وبالرجوع إلى لجنة التفتيش المتعلقة بناء على الأمر الإدارى رقم ٢٠٠٦ لسنة ٢٠١٦ الصادر من مدير عام خدمات نقل الدم القومية التى قامت بالتفتيش يوم الثلاثاء ٢٠ ديسمبر ٢٠١٦ والتى كشفت عن المخالفات الخطيرة، وتم رفعها إلى رئيس أمانة المراكز الطبية المتخصصة.
ـ إهدار المال العام عمدًا بغرض استخدام كميات كبيرة من المستهلكات بغرض تربيح الشركات الموردة لبنك الدم بدون داعٍ أو وجه حق ما يحمل أيضًا إهدارًا للمال العام وذلك عن طريق الدكتورة سناء عبدالشافى مديرة بنك الدم، أيضًا استخدام كروت الفصائل مرتين بدون داعٍ علمى والضرب بكل المعايير القومية لبنوك الدم عرض الحائط، وعدم الالتزام بتوصياتها فضلًا عن الإهدار المتعمد لقِرب الدم التى تكون معدة للفصل الأوتوماتيكى الكامل غالية الثمن، وتصر على عدم الالتزام بتوصيات بنوك الدم القومية.
ـ الإهمال المتعمد وتغيب المسئولين فى بنك الدم عن الحضور بشكل مستمر ما أدى لممارسات تلحق الضرر المتعمد بصحة المواطنين المصريين كالمتبرعين أو مرضى الأورام الذين يعتمدون على نقل الدم بصفة مستمرة وقد نتج عن عدم وجودهم تداول أكياس الدم منتهية الصلاحية، وتداول وحدات دم غير صالحة وضارة بالمرضى لوجود تغير فى مكوناتها متمثل فى تكسير كرات الدم، ويرجع السبب لعدم اتباع الطرق والمعايير القومية لبنوك الدم.
علاوة عن تداول أكياس دم ووحدات صفائح ذات أوزان وعدد وحدات غير مضبوطة وعدم الاهتمام بأوزان أكياس الدم، مما يضر بحالة المريض عبر نقل وحدات دم غير معايرة، الأمر الذى يعيق علاجه ويهدد صحته.
ومن جملة المخالفات أيضًا التى ذكرها البلاغ عدم اتباع الطرق القياسية المعدة لفصل الدم وفصل وحدات دم غير متطابقة للمرضى ما يمثل خطورة على حياة المرضى، ناهيك عن عدم وجود طرق سليمة لحفظ أكياس البلازما، ما جعلها تفقد خاصية التجلط وتمثل عبئًا إضافيًا على حياة المريض.
وكشف البلاغ عن كارثة أن المعهد لا يتبع المعايير القومية فى عملية الإدماء من حيث تطهير يد المتبرع، وفى عملية أخذ العينات للفحص، حيث إنه لا وجود لضمانات عدم دخول الهواء إلى أكياس الدم، وذلك يعرض وحدة الدم بالكامل للخطر، ويقلل من عمرها. ويمثل هذا كما ذكر البلاغ إهدارًا للمال العام، حيث إن المتمثل فى فروق الأسعار بين سعر القِرب المعدة للحفظ مدة ٣٥ يومًا إلى سعر قربة معدة ولا تصلح للتداول إلا خلال ٢٤ ساعة، حيث إنه بسبب انتهاك النظام المغلق بسبب التلوث لقِرب الدم تصبح صالحة لمدة ٢٤ ساعة فقط لتعرضها للتلوث البكتيرى.
كشفت مذكرة حصلت عليها الجريدة صادرة من الدكتور محمد ياسين موجهة إلى الدكتور حازم الفيل مدير عام «معهد ناصر» يتهم فى المذكرة وزارة الصحة والمسئولين فى الأمانة العامة للمراكز الطبية المتخصصة بالإهمال، وعرقلة أى محاولة للإصلاح داخل المعهد، بسبب المحسوبية والفساد. حيث ذكر نائب مدير المعهد فى المذكرة أن هناك عدة محاولات تم طرحها لإصلاح المنظومة داخل المعهد، وتم إرسالها إلى رئيس الأمانة ومساعده، ولكن دون جدوى، حيث اتهمت نائب مدير المعهد فى المذكرة أن مسئولى الأمانة هم سبب ذلك، حيث يقوم أصحاب النفوذ داخل معهد ناصر بالاستعانة ببعض المراكز القيادية داخل الوزارة، لإبقاء الوضع كما هو عليه داخل المعهد على حسب شكوته، والتى تم تقديمها بتاريخ ١٠ أكتوبر ٢٠١٦، حيث ضمت الشكوى التى تم تقديمها العديد من المخالفات التى يعترف بها الدكتور محمد ياسين نائب المدير الطبى ونائب مدير المعهد أبرزها اعتماد رئيس الأمانة والقائم بعمل رئيس الأمانة قرار رئيس مجلس الإدارة بقبول تعديل الإعارة إلى انتداب جزئى بعض الوقت، مع العلم أن قرارات سابقة من الوزير ومستشاره السابق لشئون الأمانة بالندب الجزئى منها الدكتور أحمد عزيز مستشار الوزير السابق والدكتور محمد صدقى نائب مدير عام المعهد السابق والعديد من مديرى المستشفيات التابعة لأمانة المركز الطبية المتخصصة بوزارة الصحة.
مضافًا لذلك عدم وجود روح التعاون البناء لصالح المعهد من الدكتور القائم بعمل رئيس الأمانة ومساعده، وذلك يؤثر على طريقة العمل داخل المعهد مما يهدد سير العمل ويعرقل تحسن الأداء، والأخطر هو مقابلة أى محاولات إصلاحية فى الكادر الطبى سواء لكل من «الاستشاريين أو الإخصائيين أو النواب» بنوع من المقاومة الشديدة واللجوء إلى أشخاص فى مراكز قيادية بوزارة الصحة لإبقاء الوضع على ما هو عليه داخل معهد ناصر لفقد أى أمل فى الإصلاح داخل أروقته.
انتهت الشكوى ولكنه لم ينته العبث الذى يمارسه مسئولو الأمانة داخل معهد ناصر، حيث تقوم الإدارة بتعيين مسئولين عن المعهد غير مؤهلين للقيادة، فقد كشف مستند حصلنا عليه، أن مدير معهد ناصر الحالى الدكتور حازم الفيل حاصل على الدرجة الثانية ولم يحصل على الدرجة الأولى التى تؤهله لمنصب مدير عام معهد ناصر.
وقد حصلت «البوابة» على الجزاء الإدارى الذى تم للدكتور حازم الفيل مدير المعهد، حيث تمت مجازاته بخصم ثلاثة أيام من راتبه بتاريخ ٣/٥ /٢٠١٦ طبقًا لورود كتاب النيابة الإدارية بأسوان القسم الثانى رقم ٣٩٧ بتاريخ ٢٨/٣/٢٠١٦ وملف القضية رقم ٤٦٩ لسنة ٢٠١٤.
لم ينته الإهمال والفساد داخل أهم منظومة طبية فى مصر عند هذا الحد، بل وصل الأمر إلى أن المعهد من الداخل يتحول إلى مكان طالته يد التخريب بعد أن كان إحدي أهم قلاع الطب فى مصر والوطن العربى وتقصده السياحة العلاجية من كل مكان، ولكن يد الفساد والإهمال التى تقتل كل شيء حولت المعهد من حلم إلى كابوس، بسبب سياسة المسئولين عن إدارته، وفى ظل صمت كامل من الأمانة العامة للمراكز الطبية المتخصصة التى يرأسها الدكتور أحمد محيى القاصد، وكذلك وزير الصحة أحمد عماد.
«البوابة» إيمانًا بدورها فى كشف الفساد، وحتى تعود المنظومة الصحية على الطريق الصحيح، تجولت فى المعهد العريق لتكشف حجم التخريب الذى يمارس بفعل فاعل دون محاسبة من المسئولين.
البداية كانت من بدروم المعهد الذى تغمره مياه المجارى فى كل مكان والمواسير المتآكلة، الكارثة الأكبر هو تأثير ذلك على الأساسات، وتآكل بعضها، بل وتعدى الأمر إلى وصول المياه إلى الغرف الخاصة بالمرضى داخل الأدوار، وكذلك العناية المركز، مما يعرض حياة المرضى للخطر والتلوث والأخطر أيضًا هو ما كشفته الجريدة فى جولتها داخل المستشفى أثناء تجولنا فى وحدة زراعة الكبد التى تكلفت حوالى ٥ ملايين جنيه وتم تجديدها منذ عدة شهور وأصبحت غير مطابقة للمواصفات بسبب عدم استخدام مواد معقمة ومناسبة لغرفة زراعة الكبد، فقد كشفت كاميرا «البوابة» وجود ميكروبات وعفن داخل ورق الحائط الخاص بالغرفة بالإضافة إلى وجود بكتيريا بالأرضيات داخل غرف الرعاية أيضًا دون أى وجود لأدنى مسئولية على صحة المرضى من السادة المسئولين عن التعقيم بمعهد ناصر.
الكارثة التى كشفتها كاميرا «البوابة»، وجود المياه بجوار غرف التكييف والكهرباء المركزية بالدور الأرضى والبدروم، مما ينذر بحدوث كارثة إذا اقتربت هذه المياه إلى الأسلاك. أما عن حالة المقاعد الخاصة بالزوار، فهم يفترشون الطرقات الداخلية وذلك لعدم وجود استراحات لهم فى بعض الأدوار. فقد وجدنا أثناء جولتنا داخل كهف معهد ناصر أن بعض السيدات يجلسن على حصيرة فى مدخل غرف المرضى، فالكراسى الخاصة بالزوار غير صالحة للجلوس عليها.