الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

خواطر أيام من يناير.. ومولد روائية كبيرة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
• من دفتر الملاحظات... خواطر أيام من يناير ٢٠١٧:
١ـ أحياناً أشعر أن أغانى الحب، التى غناها عبدالحليم حافظ وكتبها مرسى جميل عزيز ولحنها محمد الموجى وكمال الطويل.. من الجنة..
ونفس الشيء تماماً بالنسبة لأغانى الثورة.. التى غناها عبدالحليم وكتبها صلاح جاهين ولحنها الطويل... هذه وتلك: قمة الغناء والموسيقى عندى، إلى درجة الدهشة المستمرة لدىّ، أمام هذه العبقرية..
وبعد هذه القمة (التى بالتأكيد: التوزيع الموسيقى لعلى إسماعيل ضلع أساسى فيها) تأتى فى نظرى وسمعى.. كل وأى روائع أخرى.. سواء فى فن الموسيقى والغناء العربى، أو إبداعات الإنسانية، بما فيها أروع وأمتع السيمفونيات.
٢ـ بالمناسبة: صدحت من جديد أغانى الوطن والثورة، من عصر الخمسينيات والستينيات، فى أوج ملحمة ثورة الشعب التى حل عيدها السادس فى يناير ٢٠١٧، بل وعلى امتداد ميادين ومليونيات الثورة المصرية المعاصرة ذات الذروتين (٢٥ يناير ٢٠١١، و٣٠ يونيو ٢٠١٣).. وما بينهما، وهنا تخطر لى الخاطرة التالية:
إن الأغانى الثورية التى كتبها صلاح، ولحنها كمال الطويل، ووزعها موسيقياً على إسماعيل، وغناها عبدالحليم حافظ.. تتميز عن كل الأغانى الوطنية، سواء فى عصر عبدالناصر أو من قبل أو من بعد، وحتى عن أية إبداعات وروائع أخرى جميلة وصادقة.. لماذا؟
إنها ليست، فحسب، أغاني عذبة راقية وصادقة باقية: وإنما تظل أيضاً ضمن «المراجع» الأكثر موضوعية وعلمية ودقة.. عن العصر الثورى الزاخر الاستثنائى، فى الخمسينيات والستينيات. (انظر مثلاً لهؤلاء المبدعين الأفذاذ الأربعة، أغنيات: المسئولية، صورة، يا أهلاً بالمعارك، على راس بستان الاشتراكية، بالأحضان.. وغيرها)... وتأملوها من هذه الزاوية: فإن عمق ودقة جاهين ومعه هؤلاء المبدعين، مما يجعل هذه الأغنيات وثائق بكل معنى الكلمة، ومراجع بالمعنى العلمى الحقيقى... وهذه خاطرة، جديرة بالتأمل والتعمق فيها لاحقاً وتناولها بإسهاب.
٣ـ فى يناير ٢٠١٧: قامات وقمم، ارتحلوا إلى خلود الوطن والإنسانية إلى الأبد... وقد كانت البداية الأولى الحزينة، فنانة أداء تمثيلى قديرة:
كريمة مختار: كم أنت قيمة إبداعية كبيرة، وكم فقدك: افتقاد لكثير من القيمة والألق... ويبقى فى المستقبل: التاريخ الزاخر لك والراقى.
وهى لم تبدع فى أدوار الأمومة فقط.. الأجيال الجديدة لا تعرف أنها: بدأت البطلة الشابة الحبيبة، الآسرة.. فى أحسن وأرق التمثيليات الإذاعية.. وقتما كان الراديو وأعمال الدراما به: فى الصدارة (نذكر مثلاً مسلسل «دماء على الصحراء» إحدى تحف الدراما الإذاعية، بطولة كريمة مختار وعبدالله غيث، قصة حب عذبة، فى أتون تراجيديا حفر قناة السويس الهائلة المهولة)، وما أكثر وأرقى وأبقى الأعمال.. لكريمة مختار.
٤ـ رحيل أديب عملاق ورائد.. «يوسف الشارونى» (١٩ يناير):
بعد رحيل أدبائنا الشوامخ مبدعى الروائع: سليمان فياض، وعلاء الديب، وأبوالمعاطى أبوالنجا، وأحمد الشيخ.. ومن قبل رضوى عاشور، وإدوارد الخراط، وجمال الغيطانى... تحيات من القلب والوجدان لكم، يا قادة الأمة الوجدانيين، أهل الإبداع الخالد من جيل الستينيات العظيم...
باقون يا أيها الرائعون... إن عيون الأدب التى تركتموها فى الرواية والقصة ومجمل إبداعاتكم: ستظل على الدوام... زاداً ومعيناً لا ينضب أبداً، بل ستظل الأجيال تعيد اكتشافه وتحافظ على نضارته، ولا تكف عن التعامل والتفاعل معه من جديد...
٥ـ رحل سيد حجاب فى يوم ٢٥ يناير ٢٠١٧.. وهو الذى أبدع ديباجة دستورنا التى تظل تنغص حياة كل القوى المضادة للثورة وجحافل ما يدعى بـ«الفلول»، لأنها مقدمة تمجد بحق وباقتدار جميل نبيل، وأسلوب بليغ ناصع: ثورة شعبنا فى الخامس والعشرين من يناير.. سبحان الله تعالى.. ورحم آخر «الفرسان الثلاثة» الأبرز والأبرع فى شعر العامية: سيد حجاب، مع عبدالرحمن الأبنودى، وأحمد فؤاد نجم، وهم رواد هذا الشعر ما بعد الجد: عبدالله النديم.. والآباء: بيرم التونسى وبديع خيرى.. والأخوين الأكبر: فؤاد حداد، وصلاح جاهين...
لا تعطى البلاد شاعراً حقيقياً كل يوم، بل على فترات متباعدة... كم لدينا مثل «سيد حجاب» فى حياتنا... كم أوجعنا وافتقدنا، وسنفتقد أكثر: غيابك عن حياتنا.
٦ـ ضحى عاصى.. مولد روائية مصرية كبيرة:
استمتعت هذا الأسبوع بقراءة الرواية الجديدة «١٠٤ القاهرة» للأديبة ضحى عاصى (الصادرة عن بيت الياسمين للنشر والتوزيع)، وهى روايتها الأولى بعدما أصدرت مجموعتين قصصيتين هما «فنجان قهوة» (٢٠٠٧) و«سعادة السوبر ماركت» (٢٠٠٩) وكتاباً فى علم الاجتماع السياسى بعنوان «محاكمة مبارك بشهادة السيدة نفيسة»، وتعجب لكون أن هذه روايتها الأولى، لمدى النضوج والتمكن الواضحين، سواء من حيث المقدرة على تشييد صرح شامخ متماسك ومتنام لبنية روائية، تجمع بين الحداثة الجميلة والطزاجة وروح الأصالة الجلية، أو من حيث نسج خطوط دراسية وشخصيات متنوعة متمايزة كثيرة، والاحتفاظ بها، ومتابعتها اليقظة دون ارتباك، أو إرباك للقارئ، أو من حيث السرد المتدفق والأسلوب السلس إلى حد السهل الممتنع، مما يجعل القارئ يشغف ويتمنى لو تتم قراءته فى جلسة واحدة. والحق أن البناء والطابع العام للرواية مع واقعيته، لم يخل من روح فانتازيا أو واقعية سحرية، ويظل الخيط الأساسى فى الرواية من أولها إلى آخرها بصحبة شخصية رئيسية هى «انشراح» وتكوينها الخاص وظرفها الحافل، على الرغم من التنوع الكبير فى الشخصيات، أما اصطحاب الرواية لـ«انشراح» فيمتد على مدى عمرها، مما يجعلنا أمام بيئات مختلفة، أتقنت الروائية تصويرها بكاميرا لماحة وتجسيدها بروح جماليات تكاد يلتقى عندها الأدب بالسينما... كما أن المدى الزمنى الواسع الذى تدور فيه الأحداث، وتتابع فيه الروائية أزمة «انشراح» الرئيسية وأزمات الشخصيات المجاورة والمتداخلة التى تحفل بها الرواية، أتاح تقديم خلفية سياسية واجتماعية وثقافية منذ خمسينيات القرن العشرين وثورة يوليو وعصر عبدالناصر، وصولاً إلى أولى عقود القرن الحالى، مروراً بأجواء السبعينيات المشتعلة وانتفاضة الطلاب فى بداياتها و(التحرير والكعكة الحجرية) ثم انتفاضة الشعب فى ١٨ و١٩ يناير ١٩٧٧.. هنا تقترب الكاميرا أكثر، ويتوقف القلم ملياً تأملاً وشجنا فى آن.. على نحو يتجاوز فى مثل هذه المنطقة من الأحداث مجرد الخلفية السياسية من بعيد، إلى اقتراب وتناول على قدر من التفصيل...
ضحى عاصى كما يجيء تعريفها فى الكتاب فى سطور: كاتبة مصرية من مواليد المنصورة، درست الطب فى موسكو، وحاصلة على دبلومات وشهادات رفيعة متنوعة، وهى نجلة الشيخ الجليل المستنير بحق مصطفى عاصى، أحد كبار مؤسسى حزب «التجمع» اليسارى (أيام أن كان حزباً حقاً ويساراً صدقاً!)، وهى تهدى الرواية: «إلى روح الشيخ المستنير مصطفى عاصى.. إلى ملك.. روحي»، كما تصدر الرواية بعبارة تكاد تلخص رؤيتها، ونظرتها إلى مجريات وشخوص روايتها: «عندما تفقد كل شيء فى لحظة خاطفة، تذكر أنك عندما ولدت لم تملك أى شيء غير قوة الحياة بداخلك».
إن بطلتها «انشراح»، بمجمل سيرتها ومراحلها، نموذج بشرى مهم فى أدبنا المصرى المعاصر، وشخصية ذات طموح جم جميل يواجه بتعثر وبظروف تعاند، وتظل روحاً وطبيعة جديرة بالتعاطف معها والاطلاع عليها وفهمها وفهم عصرها.. لأنها: ناسنا.. وعصرنا...
٧ـ سوناتا ابتهال فى ٢٥ يناير ٢٠١٧:
أغنية لك وللوطن وللثورة (فأنتم عندى واحد):
عشت على بابك
عشت بين يديك
عشت فى رحابك
يا حبى وعشقى وولهي
حلمًا جميلاً
فيارب الأكوان
أدعوك وأبتهل
من القلب والروح
والعقل والوجدان
ألا أعيش من الآن
بدون نور عمرى وقلبي
وحضور عشقي
وشموس حبي
كابوساً طويلاً