تساؤلات عديدة فرضت نفسها
على عقولنا كمواطنين بسطاء يقطنون دول نامية، باحثين طوال الوقت على متطلبات
الحياة الأساسيىة من غذاء ودواء ومسكن، فلا مجال للرفاهية في ظل تلك المتاهة
الصعبة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من متطلبات الحياة الإنسانية الكريمة.
رصدنا جميعا ذاك الهجوم
الجرثومي العنيف المتمثل في عواصف مجهولة المصدر من الأوبئة التي كنا قد اعتدنا
التصادم بها منذ الستنينات من القرن لحالي وحتى يومنا هذا ولكنها تحمل الآن من
الضراوة ما يجعلنا نتساءل ونفكر بعمق، لماذا تنتشر هذه الأوبئة في المجتمعات النامية
ذات التعداد السكاني العالي مثل مصر والهند وباكستان؟ وهل هناك دول تقف وراء
تصنيعها وإحداث الطفرات فيها؟ ويتبعها غزو جديد لعقاقير وأدوية معالجة لهذه
الأوبئة، والتي دائما ما تكون أمريكية الصنع والتي تصدر لنا كشعوب نامية تحت دعم
اقتصادي وتسهيلات تجارية متفق عليها في بنود التعاقد، والتي تتضمن أيضا حق إجراء
الأبحاث العلمية على الأفراد الخاضعة للعلاج في هذه الدول.
نظرة جديدة على الإرهاب
البيولوجي في برامج دول الغرب
يتوجب وجود نظرة جديدة
شاملة حول هذه الظاهرة حتى في برامج الجناة الرئيسين للإرهاب البيولوجي والمصنعين
الأساسيين للعناصر البيولوجية القاتلة.
نشرت CNN تقريرًا نقلًا عن خبراء
أمريكيين توقعوا تصاعد الهجمات البيولوجية في عام 2013؛ حيث خصصت لجنة في مجلس
الكونجرس جلسة عام 2008 لبحث ظاهرة الإرهاب البيولوجي وتبعاته، وخلصت إلى نتيجة
مفادها أنه خلال السنوات الخمس المقبلة ستتصاعد الميول نحو استخدام الإرهاب
البيولوجي بوسائله المتنوعة أكثر من الأسلحة النووية، وهناك إمكانية لشن هجوم
بيولوجي ضد أمريكا وستكون حصيلة الضحايا عشرة أضعاف حادثة 11 سبتمبر.
وعليه فإن مواطني الدول
النامية معرضون لخطر الإرهاب البيولوجي القادم من الدول الصناعية والقوى العسكرية
العظمى، وتقع هذه الحوادث أحيانًا نتيجة عدم إطلاع المواطنين والمنظمين أو ضعف
القوانين في هذه الدول.
الأغذية الناتجة عن
الهندسة الوراثية التي لم تحصل على تصاريح يتم اختبارها على الإنسان في دول العالم
الثالث لدراسة آثارها، كما تقوم شركات الأدوية العملاقة بإرسال منتجاتها الجديدة
كهدايا إلى دول العالم الثالث بهدف إجراء بحوث عليها، واكتشاف آثارها الجانبية،
ويتم تصدير النفايات الخطيرة التي تندرج تحت مسميات عينات الاستهلاك من الدرجة
الثانية إلى الدول الفقيرة.
المكملات الغذائية التي
تحوي مواد خطيرة تؤدي بالتدريج إلى القضاء على صحة الأفراد، وتتسبب في تلويث
المزروعات والحيوانات في كل مكان تتواجد فيه، ودائمًا تتعرض المحاصيل الزراعية
والغذائية لمحاولات تسميم ويتم استهدافها من خلال عمليات إرهابية بهدف تحقيق أهداف
عدوانية، الإرهاب البيولوجي وجميع مفرداته تندرج في إطار نشاطات شبكة إرهابية
كبيرة متصلة فيما بينها.
الإرهاب البيولوجي
الدوائي الأمريكي الممارس على شعوب العالم الفقيرة
تمارس أمريكا الإرهاب
البيولوجي الطبي والدوائي ضد شعوب العالم الفقيرة، حيث تجعل شركات الدواء
الأمريكية منهم فئران تجارب في مختبراتها لاختبار الأدوية والأمصال الحاملة للمرض؛
بغية الحصول على ترخيص قانوني من منظمة الغذاء والدواء الأمريكية لتكون صالحة
لاستعمال الشعب الأمريكي.
طبق القوانين المعتمدة في
أمريكا يتم تخصيص ميزانيات للأقسام التنفيذية للشركات لإجراء تجارب واختبارات لتطوير
أدوية الأطفال الجديدة، لكن اختبارات هذه الأدوية تجري في الدول الفقيرة التي
تعاني من خدمات طبية متدنية المستوى.
وتعتبر الأعمال التي تقوم
بها شركات الدواء الأمريكية والمختبرات العلمية التابعة لها نوع من أنواع التعامل
الإنساني! في حين أنها تندرج في إطار عمليات الإرهاب البيولوجي الصامتة وتجري على
نطاق واسع بين شعوب الدول الفقيرة خصوصًا بين الأطفال الأبرياء.
"سارة باسكالي"
الدكتورة (Dr.
Sara K. Pasquali)
متخصصة في طب الأطفال في
المركز الصحي في جامعة دولك الأمريكية كتبت مقالا حول هذا الموضوع، وقامت بإعداد تقرير
عن االنهج اللاإنساني للشركات الأمريكية والذي تتبعه في الدول الفقيرة.
الدكتورة مارسيا أنكل(Dr. Marcia Angell)
"أحد أساتذة الطب
الاجتماعي في كلية الطب في جامعة هارفارد تقول: لقد حولنا الأفراد والبشر في الدول
الضعيفة إلى مختبرات للأدوية طبعًا يرتبط هذا الأمر بشكل كامل بالمال والاستثمار
لكن لا يجب إجراء اختبارات الأدوية الجديدة في الدول الفقيرة لا على الأطفال ولا
على الأشخاص البالغين إلا في حالات الإصابة بمرض خاص محدد يصاب فيه فقط، وفقط
الأشخاص في تلك الدول".
بالرغم من المشكلات التي
تخلقها شركات تصنيع وإنتاج الأدوية الأمريكية في أفريقيا والدول الأخرى، ما تزال
هذه الشركات مستمرة في إجراء اختبارات على أدويتها الجديدة في الدول الفقيرة وهي
في حال توسيع نطاق اختباراتها.
مختبرات أمريكية على
أراضي هندية وبكستانية
تعتبر شركات الدواء دولة
الهند هدفا استراتيجيا ذا كثافة سكانية كبيرة، وتستطيع هذه الشركات التملص بشكل
محترف من القوانين الأمريكية الصارمة الناظمة لإجراء اختبارات الدواء والأمصال
وتخليق الأوبئة، لذا تقوم باستغلال الشعوب الفقيرة الجاهلة لتحقيق أهدافها
الاقتصادية.
ظاهريًا هذه الأدوية
عبارة عن أدوية تحديد النسل، مرض السكري، الشقيقة، وضغط الدم المرتفع أو الأمراض
المعدية، يذكر أن الحكومة الهندية أعلنت أن عدد الوفيات الناتجة عن اختبارات
الأدوية يصل إلى 1500 حالة سنويًا.
وكانت شركات الأدوية
الأمريكية خلال العقود الماضية قد نقلت قسما كبيرا من أنشطتها البحثية إلى خارج
الحدود الأمريكية، حيث تختبر أمصالها الجديدة على الشعوب في الدول الفقيرة مثل
روسيا والصين والبرازيل ورومانيا، وتجري هذه الاختبارات بعلم من الحكومات في بعض
الدول، ويتوقع أن التدفق المالي المرتبط بهذه الجرائم الصامتة سنويًا يصل إلى 30
مليار دولا.
من جامعة مك مستر الكندية
وهو باكستاني الأصل: "الحال في باكستان كما في الهند الناس تثق بأطبائها ثقة
عمياء ولا يعرفون شيئًا عن برامج صناعة الأدوية الجديدة واختبارات الأطباء
المرتبطة بها، ونادرًا ما يسأل الناس عن الآثار الجانبية للأدوية، والقوانين في
هذا المجال ضعيفة وكل شيء يحدث بسهولة، حيث تتعرض النساء والأطفال إلى أضرار كبيرة،
حتى الآن هناك أكثر من 80% من الأدوية غير المصرح بها والتي لم تحصل على تأييد من
قبل منظمة الغذاء والدواء الأمريكية لكنها تجرى اختبارات فعاليتها وآثارها
الجانبية على البشر لكن خارج حدود الولايات المتحدة الأمريكية.
حسب إحصاءات عام 1990 تم
إجراء اختبارات على 271 حالة على دواء جديد صنع ليستخدمه الشعب الأمريكي لكن فئران
المختبرات كانت شعوب الدول الأخرى، وقد وصل هذا الرقم في 2008 إلى 6485 حالة، وتظهر
إحصاءات منظمة الغذاء والدواء الأمريكية أن أكثر من 80% من الأدوية التي تنتظر
الحصول على تصريح قدمت إلى هذه المنظمة وثائق تظهر أنها أجرت الاختبارات خارج
أمريكا، شركة (مرك) إحدى شركات صناعة الدواء العملاقة ولها تاريخ طويل وحافل في
إجراء اختبارات الدواء على الشعوب الفقيرة.
يقع هذا المركز في مدينة
ريشون ليتسيون في جنوب شرق تل أبيب ويعتبر أحد المنشآت السرية للكيان الصهيوني،
وللحصول على أي معلومات صحيفة عنه يتوجب الحصول على موافقة من جهاز الاستخبارات
العسكرية في الجيش الإسرائيلي، حتى وسائل الإعلام الإسرائيلية تحصل على معلوماتها
من وسائل الإعلام الغربية التي لها مصادرها الخاصة في المركز.
مرة واحدة فقط منحت
مجموعة من وسائل الإعلام الإسرائيلية تصريحًا للدخول ومعاينة الأوضاع داخل المركز،
وذلك على خلفية قيام أحد الموظفين في المركز ويدعى "افيشاي كلاين"
بالتقدم بدعوى قضائية ضد هيئة إدارة المركز، وقال إنه كان له دور كبير جدًا في
إنتاج مرهم جلدي مضاد لغاز الخردل، إقامة هذه الدعوة القضائية ورد فعل الإدارة
عليها أدى إلى كشف الكثير من أنشطة وعمليات المركز البيولوجي.
يعمل في هذا المركز 300 عالم
وفني وفيه عدة أقسام كل قسم يعتبر خط إنتاج لسلاح كيماوي وبيولوجي.
كتبت صحيفة هآرتس حول هذا
الموضوع: تنشط معظم أقسام المركز في إنتاج مواد بيولوجية ذات استخدامات حربية مثل
سموم عمليات الاغتيال، وقد أُنتج في هذا المركز السم الذي استخدمه الموساد في
عملية اغتيال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في عام 1997.
أول مرة تستخدم منتجات
هذا المركز في عمليات الاغتيال كانت أواخر عام 1977 عندما سمح مناحيم بيغين رئيس
الوزراء الإسرائيلي السابق للموساد باغتيال وديع حداد أحد زعماء الجبهة الشعبية
لتحرير فلسطين، وقد اتهم الصهاينة حداد بوقوفه وراء تخطيط وتنفيذ عمليات ضد الكيان
الصهيوني منها اختطاف طائرة ركاب إسرائيلية في العاصمة أوغندا عام 1976.
وشهد شاهد من أهلها
كتب الصحفي الإسرائيلي
"آهارون كلاين" حول هذا الموضوع قائلًا: كان يعيش وديع حداد في بغداد
وكان يحب الشوكولاتة البلجيكية كثيرًا لذا قام الموساد بوضع مادة بيولوجية في هذا
النوع من الشوكولاتة ليقوم مسئول عراقي عميل للموساد وصديق لحداد أيضًا بتقديمها
له، أثر هذا السم بشكل تدريجي على صحة حداد لكنه صمد ولم يسقط سريعًا حتى يتم كشف
هوية الفاعل والجهة التي تقف وراء عملية الاغتيال.
بالتدريج ساءت حالة حداد
وتم نقله إلى مستشفى في ألمانيا الشرقية، حيث تم تشخيص حالته على أنها سرطان الدم،
وفي النهاية توفي حداد في 28 آذار 1978 لكن بعد مضي 32 عامًا تم الكشف عن سبب موته،
وهو سم مصنع في هذا المركز البيولوجي الإسرائيلي.
لم يرغب الموساد في
الكثير من الاغتيالات التي نفذها أن يترك أثرا يدل عليه لذا يمكن القول: موت
الشخصيات التي كان يعتبرها الكيان الصهيوني تشكل خطرًا على أمنه ناشئ عن منتجات
هذا المركز
الإرهاب البيولوجي يشمل
الأمراض الخطيرة والفيروسات السامة وتكتمل الدائرة بمختبرات تصنيع الأدوية
والأمصال، ربما هي لعبة كبيرة تحكمها السياسة والتربح معًا، وتبقى الغلبة للدول
التي تدعم البحث العلمي وتدعم العلماء في الكشف والتصدي بل ومهاجمة المخاطر
المتعددة.