قال الروائي الصيني "شوى تسي تشين": إن الأدب المترجم هو حلقة الوصل بين الشعوب على اختلافها، ومعرض القاهرة الدولي للكتاب، يُعد حدثًا مهمًا في تحقيق هذا التواصل الثقافي.
وروى "تسي تشين"، خلال اللقاء الفكري، بالقاعة الرئيسية، مساء أمس الأحد، تجربة معرفته بمصر، خاصة أن هذه المرة الأولى التي يزور فيها القاهرة، قائلا: " في الصغر، قرأت روايات نجيب محفوظ، وشاهدت أفلام بوليود التي تستعرض تاريخ الأهرامات ونهر النيل، وكذلك طبيعة الحياة في مصر، وقصص حول الأحداث في مصر، ثم أثارت فضولي فبحثتُ عن مصر في الموسوعات وقرأت عن سياستها والسياحة واقتصادها وثقافتها واطلعت على الأخبار التي ترصد حياة المصريين".
وأضاف: "وعندما جئت مصر، تعرفت على القاهرة، فبدأت أكون ملمًا بالوضع المصري، فوجدت أن مصر تُشبه روايات نجيب محفوظ وكانت هي مصر الحقيقية لا الأخبار الصحافية".
ورأى "تسي تشين"، أن الأدب هو الذي أدخله في الواقع المصري، ومن هنا تبرز عظمة الأدب، حيث الخوض في تفاصيل الشعوب والحياة اليومية، وواقع الحياة الحقيقي كما هو مصور على الأرض.
واستطرد: "إذا أراد أي شخص أن يجلس في مصر، ليس من الضروري أن يعتمد على البيانات والخرائط، يكفي أن يعتمد على واقع الحس الأدبي، فالأدب هو الخريطة التي تعكس واقع البلاد".
وتمنى "تسي تشين"، أن يقرأ الناس روايته ليتعرفوا إلى واقع الحياة اليومية والحقيقية في الصين، حتى تكون بمثابة خريطة لهم.
وتدور أحداث رواية "بكين بكين"، الصادرة عن دار العربي، لناشرها شريف بكر، حول الوجه الآخر لمدينة بكين الصينية، حيث التلوث الجوي إثر العواصف الترابية والضباب، وانتشار الدعارة، والفارق الشاسع بين الطبقة الفقيرة والغنية، والحياة السفلية لبكين.
أجاب الأديب الصيني، على سؤال طرحه عليه الناشر شريف بكر، حول الفوارق الطبقية بين الأغنياء والفقراء في بكين، وهو ما تناولته روايته "بكين بكين"، قائلًا: "أتصور أنه نتيجة حركة الإصلاح والانفتاح في الصين، في السبعينيات، حيث طرح مهندس نهضة الإصلاح، رئيس وزراء الصين، نظرية أسماها (ندع جزءًا من الشعب يعيش مرحلة الثراء)، وله جملة شهيرة عن إصلاح الاقتصاد في الصين، وهي (القط الذي يستطيع أكل الفئران هو قط ماهر).
وهذه هي السياسات التي أدت إلى إزدهار الصين في فترة قصيرة، ولكنها في الوقت ذاته أدت إلى توسيع الفارق الطبقي بين الفقراء والأغنياء، بالإضافة إلى بعض النظريات الشيوعية في الصين".
ويعمل "تسي تشين" محررًا أدبيًا في مجلة الأدب الصيني، وتلك الوظيفة لم تعطله عن عمله كأديب، ولكن - كما يقول- اكتشف أن عمله في هذه المجلة وفي هذه المهنة لم يكن العمل المثالي، لأنه يتصوّر أن الأديب المتميز لابد أن يكون على مسافة معينة من الوسط الأدبي، إعمالًا بالمثل: "المسافة توّلد الحنين إلى الجمال"، وهو ما يحفز رغبتك في الإبداع، وقراءة تفاصيل أكثر عن التجربة، وانخراطك في الحياة بعيدًا عن العمل الأدبي بشكل عام، يجعلك تبدع أكثر.
وأضاف الناشر شريف بكر، صاحب دار العربي للنشر، أنه حاول قراءة رواية "بكين بكين"، بعين القارئ العربي والمصري الذي يعيش في جنوب مصر، وتذليل كل العقبات التي قد تواجههم عند قراءة رواية صينية مترجمة، نتيجة اختلاف الثقافات وتشعبها.
وفيما يتعلق بالمشاهد الجنسية، لم نغير فيها نهائيًا، لأنها جزء من عمل المؤلف، كما أن الأمر لم يقتض ذلك، ولكن في كل الأحوال أي تغيير يستدعي أن يكون بإذن المؤلف.
وعقّب "بكر"، على سؤال أحد الحضور، حول دور الأديب في تقديم حلول للأزمات والقضايا المتعلقة بالسياسة أو الاقتصاد والثقافة وغيرها، قال: " لا يشترط أن يقدّم الأدب حل، الحكومات هي من تطرح الحلول وتعالج الأزمات، والأديب غير مطالب أن يقدّم أي حل".
وعلى الجانب الآخر، استعرض المترجم يحيى مختار، مترجم رواية "بكين بكين"، الصعوبات التي واجهها في الترجمة، وقال: "هي في الغالب ليست الجانب اللغوي، لأن هذا الجانب يُمكن التغلب عليه من خلال الممارسة، والإطلاع والمهارات اللغوية، ولكن أبرز الصعوبات، تمثلت في الفوارق الثقافية وأسماء الأماكن والأشخاص والأكلات، والتي قد لا يتأقلم معها القارئ إلى حد ما، فكنت أفكر في هوية القارئ، الذي لا يعرف شيئًا عن الصين إلا القشور، كذلك اضطررنا لتغيير اسم الرواية حتى يكون سلسا بالنسبة للقارئ".