الأربعاء 19 فبراير 2025
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

«الصحافة الورقية».. البقاء لله!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«نحن الآن فى غرفة الإنعاش وفى طريقنا إلى المدافن».. هكذا عبر أحد الصحفيين عن حال الصحافة الورقية فى مصر، وما آلت إليه نسب توزيعها المتراجعة والمتدنية بشدة فى الأسواق، وعدم اعتماد المواطنين على استقاء معلوماتهم من أخبارها «البايتة»، ونشر أخبار تخدم على مصالح رجال الأعمال والدول والمنظمات التى تمول، علاوة على انقراض الكتاب الذين يحدثون الفارق للصحف التى يكتبون بها، ويستطيعون هز الحكومات والرأى العام بما يتناولونه من قضايا وأطروحات!!
ورغم أن الواقع يؤكد هذه النظرة المتشائمة، إلا أن البعض وأنا منهم –ورغم المنافسة الشديدة والتى تأتى فى صالح «الصحافة الإلكترونية»، يرى أن المستقبل للصحافة الورقية، خاصة «الحكومية»، شريطة إنهاء حالة الارتباك التى حاقت بالمؤسسات، منذ ثورة ٢٥ يناير، وكانت آثارها وخيمة على الصحف القومية على وجه التحديد.
أيضا لابد من تحديد واضح ودقيق للدور الذى يتعين أن تقوم به الصحافة، خاصة القومية بحيث تكون «قائدة» وليست «منقادة»، باعتبارها تابعة للدولة، ولا تكون أداة فى يد السلطة التنفيذية تدافع بها عن نفسها وتستخدمها فى النيل من حقوقها، وتناول قضية تيران وصنافير «أكبر دليل على تخبط الصحافة القومية وانقيادها للسلطة التى تصرف مرتبات وحوافز بل وأرباحا للعاملين بها رغم الخسارة الفادحة التى تحقهها بعض المؤسسات!!.
كما لابد من إيجاد صياغة جديدة للمعايير المهنية التى غابت كثيرا عن أداء إصدارات الصحافة «حكومية وحزبية وخاصة» وبات مألوفًا نشر معلومات غير صحيحة وأخبار غير مدققة وأكاذيب بوصفها حقائق، بل إن ثمة سباقا بين البعض فى خرق ميثاق الشرف الصحفى الذى يلزم الإصدارات بمعايير مهنية محددة.
وللحق فإن الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها البلاد كان لها تأثيرها على تراجع التوزيع، وقلة إيرادات الإعلانات، وارتفاع أسعار الورق والأحبار، علاوة على تكدس المؤسسات بالعاملين، بعد تعيين المئات بل الآلاف لإنهاء اعتصاماتهم عقب الثورة، ولجوء بعض المؤسسات للسحب على المكشوف من البنوك أو الحصول على قروض جديدة بضمان أصولها، واستخدام هذه القروض فى سداد مستحقات للعاملين وليس لاستثمارها فى استحداث أصول جديدة.. إلخ
رغم هذه الأسباب وغيرها التى كانت سببا فى التعجيل بحالة «الموت الإكلينيكى» للصحافة المصرية، إلا أن افتقاد المؤسسات الصحفية للإدارة الاقتصادية المحترفة والرشيدة، واختيار قيادات بحسب «هوى الشلة» أو «الثقة الأمنية» كانا أكبر الأثر فى المأزق «المصيرى» الذى تعيشه تلك المؤسسات.
كما لم تكن «المهنية ببعيد» عن حالة الانحدار الصحفى، وعزوف القارئ عن شراء الصحف، حيث يوجد لدينا ٤ أنواع من رؤساء التحرير: «الصامدون» وهم الذين يتمسكون بأصول المهنة والولاء للقارئ، و«المرتعشون» وهم الذين يسارعون إلى الالتزام بالتعليمات، تأكيدا للولاء وحرصا على كسب رضا السلطة، و«المزايدون الطامحون» الذين يوسعون من نطاق «التجاوب» إلى حد الانبطاح الذى يجعلهم سلطويين أكثر من السلطة ذاتها، والفئة الرابعة تضم «الذين حسموا أمرهم من البداية وأصبحوا ممثلين للأجهزة الأمنية» فى صحفهم، وما أكثرهم!!
ولأن هناك العديد من الخبراء ورؤساء مجالس الإدارات السابقين والندوات، وآخرها صالون الكاتب الصحفى أسامة الألفى بدار القلم العربى، قدموا حلولا لـ«نجدة» الصحافة الورقية، خاصة القومية، من حالة الغرق والوحل التى تعيشها، ومن بينهم رئيس مجلس إدارة دار الهلال الأسبق عبد القادر شهيب، الذى يرى أن الحل هو الإبقاء على هذه المؤسسات القومية مع الإصلاح الشامل لكل أوضاعها الصحفية والإدارية والمالية.. وأسس هذا الإصلاح تقوم على الآتى:
أولًا: إيجاد حل لمشكلة الديون السيادية المتراكمة عليها وبشكل فورى. 
ثانيًا: وقف التعيينات الجديدة فى المؤسسات الصحفية إلا للضرورة القصوى مع إلزام العاملين فى صحف خاصة أو فى قنوات تليفزيونية على التفرغ لأعمالهم الأخرى والموافقة على منحهم إجازات بدون راتب.
ثالثًا: إجراء عملية تقييم شاملة للإصدارات الصحفية للمؤسسات الصحفية القومية على ضوء توزيعها، ودمج بعضها، وتحويل الباقى إلى مواقع إلكترونية تستوعب الصحفيين والإداريين العاملين فيها.
رابعا: التصرف فى الأصول غير المستغلة فى هذه المؤسسات واستخدام حصيلة البيع فى عملية الإصلاح الهيكلى والمالى لها أو سداد الديون المستحقة عليها.
خامسًا: تحديد خطة زمنية لتصحيح الخلل المالى وإلزام من يتولون إدارة هذه المؤسسات بها، وذلك بعد دراسة أوضاع كل مؤسسة على حدة لتباين الأوضاع والظروف حتى إن اتفقت كل المؤسسات فى الأوضاع الأساسية.
سادسًا: فصل الإدارة عن التحرير، وتكليف إدارات ذات خبرة اقتصادية بالإدارة، ومنح الجمعيات العمومية ومجالس الإدارة صلاحيات أكبر، وهو ما يقتضى مراجعة اللائحة الموحدة لها فى ضوء المتغيرات الجديدة، 
سابعًا: تحديد مدتين كحد أقصى لكل من رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير، وربط بقائهما بتحقيق أهداف الإصلاح المالى والتحريرى.
ورغم أن البعض يمنى نفسه بأن تكون للهيئة الوطنية للصحافة رؤية لإحياء الصحافة الورقية.. إلا أن هذا لن يحدث لو تم اختيار أعضائها من «الشلة» إياها!!