الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الأزهر الشريف والإمام الأكبر.. وألفاظ التقديس

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يقام فى أروقة الجامع الأزهر حلقات علمية لتدريس العلم الدينى لكل من يريد العلم للعلم على يد أكبر العلماء بجامعة الأزهر تحت مسمى "الدراسات الحرة"، وفى نهاية كل دورة تمنح الإجازات العلمية للطلاب الذين تلقوا ذلك العلم على يد هذه النخبة من علمائنا الأفاضل، وبمناسبة تبادل التهاني لهذه الدورات وترديد بعض ألفاظ التقدير للإمام الأكبر، والفرحة بما يتم فى أزهرنا الشريف كعبة العلم المقدس وجدت تساؤلات تدور على صفحات الفيس من جواز إطلاق هذه المسميات وتداول تلك الألفاظ وتساءل البعض

- هل هناك قدسية لغير مكة والمدينة التى نص عليها الرسول صلى الله عليه وسلم؟

- نعلم أن الأزهر منارة من منارات العلم والمعرفة لا شك ولا ينكر أحد ذلك ولكن كلمة قدسية وكعبة وشريف هل تصح؟ 

- وصف الإمام بالأكبر وبعض المسميات التى توحى بالتعظيم كالشريف والعالم الجليل هل هى جائزة؟ أفيدونا بعلمكم بارك الله فيكم.

وللإجابة على تلك التساؤلات نقول

أولا: إطلاق لفظ الإمام الأكبر فالإمام لأنه إمام في العلم الدينى أشرف العلوم 

وأما لفظ الأكبر ففى معجم المعانى الجامع تعنى في الأمر شيء أكبر: أهمّ، له الأولويَّة الكُبرى: أهمّ من أيّ شيء آخر ومن ذلك أطلق على يوم عرفة ويوم النحر: يَوْمُ الحجِّ الأكبر

والأكبر: اسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه: أكمل الموجودات وأشرفها، وأكبر من كلّ ما سواه، وأكابر القوم: عظماؤهم وشرفاؤهم، أكابر الكُتَّاب: المبرزون منهم، ومِنْ أبناء الأكابر: من عائلة محترمة شريفة,,وهو, لقب لرتبة عُليا الإمام الأكْبر، والأخ الأكبر مجرد علم على الشخص أو تقدير واحترام له، وإذا أردنا الإمام الأكبر بمعنى أنه الإمام المبرز المحترم عالى الرتبة والأهم فى العلم الدينى جاز لنا ذلك فلا شىء فى اللفظ .

ثانيا: نأتى لكلمة كعبة ماذا تعنى: الكعبة: كل بيت على هيئة التربيع، قال النووي: الكعبة سُمِّيت كَعبة لارتفاعها وتَرَبّعها وتكعيبها، وكل بَيت مُربع عند العرب فهو كعبة . وقيل: سُمِّيت كعبة لاستدارتها وعُلُوّها، وقال ابن الأثير:"كل شيء علا وارتفع فهو كعب، وأما الاشتقاق فهو ان الكعب مشتق من التكعب وهو النتوء مع الاستدارة ومنه سميت الكعبة، ومنه سُمّيت لُعبة من ألعاب العرب: الكِعاب، ومُفردها: كعبة !قال ابن منظور: وكَعَّبْتُ الشيءَ رَبَّعْتُه، ويُقال للثوب إذا طويته: كَعَّبْتُ الثوبَ تَكْعيبا وفى المنجد أيضا الكعبة بكارة الجارية جمعه كعاب، يقال جاء به كعاب وكعب إذا نهد ثديها ومنه الشرف والمجد.

ومنه: كَعْب الرِّجل وهو عظم طرفي الساق عند ملتقى القدم والساق، ومنه قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ...". 

ومنه قول الشاعر: كعبة الحجاج مكة .. وكعبة الطيب عنزة 

ولفظ الكعبة فى القرآن الكريم ورد فى آيتين فى قول الله تعالى:  "ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ.." [المائدة 95] ثم بين المراد بالكعبة بقوله تعالى فى نفس السورة آية 97 "جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ.." ولذا فإن المفسرين يقولون أن البيت الحرام في الآية ا رقم (97) هي عطف بيان للكعبة حتى لا يلتبس على الناس المراد بالكعبة فى الآية الأولى؛ إذ لا يحرم إطلاق اللفظ على غير هذا المكان بل هو أمر مباح، فإذا أردنا إطلاق لفظ كعبة العلم على الأزهر الشريف جاز المعنى والإطلاق من حيث إنه البناء المرتفع المكعب الشكل المخصص لتلقى العلم الشرعى أشرف العلوم ولم يكن هناك أى حرج فى إطلاق اللفظ .

ثالثا: كلمة المقدس: فتعنى: المبارك والمطهر وقد جاء في " لسان العرب": المُقَدَّس ": المُبارَك، والأَرض المُقَدَّسة: المطهَّرة، وقال الفرَّاء: الأَرض المقدَّسة: الطاهرة، وهي دِمَشْق وفِلَسْطين وبعض الأُرْدُنْ، ويقال: أَرض مقدَّسة أَي: مباركة، وهو قول قتادة، وإِليه ذهب ابن الأَعرابي ". 

يظهر مما ذكرناه أن لفظة " المقدَّس " لا تختص بالله تعالى، بل تُطلق على بعض المخلوقات مما يستحق هذا الوصف .

وقد جاء في " الفروق اللغوية " لأبي هلال العسكري – نقلا عن غيره في الفرق بين التسبيح والتقديس -: " والحاصل: أن التقديس لا يختص به سبحانه بل يستعمل في حق الآدميين، يقال: فلان رجل مقدَّس: إذا أريد تبعيده عن مسقطات العدالة ووصفه بالخير، ولا يقال: رجل مسبَّح، بل ربما يستعمل في غير ذوي العقول أيضاً، فيقال: قدَّس الله روح فلان، ولا يقال: سبَّحه .

ومن ذلك قوله تعالى: "ادْخُلُوا الأَرضَ المُقَدَّسَةَ" يعني: أرض مقدسة، يعني: أرض الشام .

وفي " تفسير السعدي

" قُلْ نزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ" وهو جبريل، الرسول المقدَّس المنزه عن كل عيب وخيانة وآفة ".

ومن هنا نستطيع أن نطلق على الأزهر الشريف أنه ذلك المكان المقدس بمعنى المبارك المطهر المخصص للعلوم الإلهية فهوالمبارك أى كثير البركات والخيرات لما فيه من علوم الدنيا والآخرة والمطهر من الأنجاس والشرك ولا شك فى ذلك فيطلق لفظ المقدس على الأزهر ولا حرج أيضا

رابعا: أما كلمة الشريف فماذا تعنى شريف: نبيل، عالي المنزلة، سامي المكانة، رفيع الدّرجة وأشراف القوم: عليتهم وأصحاب المنزلة منهم ونفس شريفة: عزيزة يأنف صاحبُها من الدنايا، وهناك وِفاق الأشراف: القانون وهو اتّفاق دَوْليّ يعتمد في تنفيذه على شَرَف المتّفقين وصدقهم، لا على التزامات المعاهدات

شريف: ذو اخلاق حميدة لا يعمل المنكرات،  والشريف: مَنْ كان من السّلالة النّبويّة ومنه الحديث الشَّريف: قول الرّسول صلَّى الله عليه وسلَّم وحكاية فِعْله وتقريره أو صفته المُصحف الشَّريف: كتاب الله، القرآن الكريم.

الأزهَرُ: كلّ لون أبيض صَافٍ مشرق مضيء، فإذا أطلقنا على الأزهر الشريف من حيث كونه سامى المكانة عالى المنزلة رفيع الدرجة بين أماكن العلم جاز ذلك وإذا أردنا إطلاق اللفظ عليه من حيث شرف العلوم التى يقوم على تعليمها، وإذا أردنا أن نقول الأزهر الشريف لأن شرفه نابع من شرف متعلقه فهو قائم على دراسة الكتاب والسنة وهما أشرف ما جاء به الوحى الإلهى وما تنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصل العلوم التى يدرسها الأزهر شريفة لشرف متعلقها إذن فذلك المكان المقدس كعبة العلم الإسلامى فى العالم كله هو الأزهر الشريف.