الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

محافظات

من "التلي" إلى "الفخار".. حرف تراثية مهددة بالانقراض في أسيوط

صناعة الفخار-أرشيفية
صناعة الفخار-أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أوشكت صناعات عديدة وحرف قديمة، متأصلة بمحافظة أسيوط على الاندثار، وذلك عقب إهمال الدولة لرعايتها والحفاظ عليها من جانب وندرة الممارسين لها من جانب آخر، أو تخلي أصحابها عن نقل خبراتهم لأبنائهم.

وبما أن الحرف التراثية هي كنوز وتراث ينبغي على الدولة أن تبذل قصارى جهدها للحفاظ عليها كجزء من التاريخ والهوية والثقافة المصرية الممتدة لآلاف السنين، "البوابة" حاولت لفت أنظار الدولة والأجيال الجديدة إلى أهمية هذه الصناعات لما تمثله من أهمية، ومن أهم هذه الصناعات، المشغولات اليدوية كـ"صناعة الفخار، وصناعة المنسوجات والمفروشات اليدوية، وصناعة السجاد اليدوي" وكذلك "صناعة ونسج التللي"، وغيرها من الصناعات التراثية كـ"صناعات النحاس والفضيات وصناعة الجلود الطبيعية" وغيرها من الحرف والصناعات التي اشتهرت في أسيوط قديما.

"صناعة نسيج التللي:

هى واحدة من الحرف التراثية المصرية التي اشتهرت بها محافظة أسيوط قديما، والتي تستخدم في تطريز الملابس، وتزيين فستان زفاف العروس.

و"التلي" كحرفة هى عبارة عن تطريز دقيق بخيوط معدنية تشبه شرائط رفيعة فضية أو ذهبية لا يتعدى عرضها "3 مم" على نسيج يشبه "التل" بموتيفات تراثية معينة، وهي واحدة من أهم الحرف التراثية في صعيد مصر والتي اشتهرت بها نساء الصعيد لفترات طويلة، وتغنى به المصريون، خاصة أنه يضفي على طرحة العروس جوا من الفرح والبهجة؛ ولكن هذا الفن أوشك في العقود الأخيرة على الاندثار لعدم وجود من يتقنه، وتتعرض المهنة لخطر الاندثار بسبب قلة المواد الخام وضعف التسويق وندرة الأيدي الماهرة.

"رباب حسين مهدى" تهوي تطريز الفساتين والملابس لتحسن من دخلها قالت: البداية أنا من عشاق التراث وأهتم بالموروثات الشعبية وبخاصة "فن التللي" وأطالب المسئولين بأن تقوم جهة أو مؤسسة بتبني مثل هذه الحرف التراثية وحمايتها من الاندثار، وإعادة إحيائه تحقيقا لأغراض متعددة منها الحفاظ على التراث وخلق فرص عمل، وتحقيق تنمية في محافظات الصعيد.

وناشدت محافظ أسيوط إنشاء جمعية للحرف التقليدية بشكل عام وليس مجرد التللي، وبحث كيفية الحفاظ على الحرف التراثية، وإنشاء مراكز تسويقية داخل وخارج مصر تستطيع من خلالها تسويق هذه المنتجات.

وأكد "سعد زغلول" فنان تشكيلي أن إحياء الحرف التراثية شيء في غاية الأهمية فلقد شعرت بالخجل لقدوم سيدة إنجليزية لمحافظة أسيوط بحثا عن منتجات التللي والتي قامت بمشاهدتها في بعض الصور القديمة باعتبارها من المنتجات التي تشتهر بها محافظة أسيوط، وتوقعتْ أن تجد هذه المنتجات متوفرة في المحافظة إلا أنها لم تجد أيا منها على الإطلاق فعادت من حيث آتت، وتركت الصورة التي تبحث عنها لدى فنان تشكيلي صديق، وعند اطلاعي عليها تعجبت من روعة التصميم ودقته كونه مُنفذا بمهارة عالية جدا، فشعرت وقتها أننا مقصرون في حق أنفسنا وفي حق تاريخنا وتراثنا، ومن هنا قررت آخذ زمام المبادرة بالسعي للعمل على إعادة إحياء هذا الفن وبدأت رحلة البحث عن إحياء هذا الفن على الجانبين النظري والعملي، وبدأت البحث عمن لا يزال يجيده.

وأكمل: "لم يكن الأمر سهلا على الإطلاق إلا أنني توصلت في النهاية إلى سيدتين مسنتين لا تزالان تذكران هذا الفن، وبدأت في البحث عن الخامات المطلوبة للعمل وإعداد الموتيفات "الأشكال" التي سيتم تطريزها وعلمت أن هناك أشكالا معينة هي التي يتم استخدامها في التللي، وهي زخارف نابعة من مخزون ثقافي قديم يعود لآلاف السنين كما أنها مرتبطة بالبيئة المحلية والتراث والفن الشعبي، وأشهر هذه الزخارف العروس والفارس والجمل والنخلة والإبريق، مع بعض الوحدات الزخرفية الهندسية الأخرى، لينتج في النهاية قطعا فنية شديدة الثراء شكلا ومضمونا، وأكثر هذه الزخارف ترمز للأفراح باعتبار أن التللي كانت تطرز به طرحة العروس، مع العثور على السيدتين، وبدأت السيدتان في تدريب عدد من الفتيات على العمل، وما هي إلا أسابيع قليلة إلا أصبح هناك إنتاج متميز يتم تسويقه من خلال المعارض بالدرجة الأولى.

أسامة عبدالرؤوف مخرج مسرحي بقصر ثقافة أسيوط أوضح أن صناعة التللي في أسيوط شهدت أوج ازدهارها في القرن التاسع عشر، وكان يندر وجود بيت لا يعرف التللي أو يقوم بإنتاجه، ومع بدايات القرن العشرين كان منتشرا في ملابس النساء من الطبقات الغنية في المنطقة، ولكنه انحسر كثيرا في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية لأسباب متعددة يأتي من ضمنها صعوبة استيراد بعض المستلزمات بسبب ظروف الحرب والتكلفة العالية، إضافة إلى انتشار الذوق الأوروبي على الملابس في هذه المرحلة والابتعاد عن الأزياء التراثية، إضافة إلى ما يتردد من أنه في هذا الوقت انتشر ارتداء الراقصات "الغوازي" لأزياء مشغولة بالتللي فتجنبت النساء ارتداءه.

"شاعر الربابة"

في البداية أكد عامر نعيم مرزوق 75 عاما مركز منفلوط اختفاء حرفة "شاعر الربابة" وهو فنان شعبي يجوب المقاهي والموالد ليروي ويحكى سير الغابرين وحروب القبائل وأبطالهم مقابل "مليم" يتقاضاه من ميسوري الحال الين استمعوا له وقال إن هذه الحرفة أخذت في الانقراض مع دخول السبعينيات من القرن الماضي واختفت للأبد من أسيوط.

"السقا"

أما عن "مهنة السقا" فيقول الجد "عامر حسن عمار" 88 عاما كانت المياه لاتصل لكل المناطق بمراكز محافظة أسيوط أيام الملك فؤاد – وكان لكل منطقة "سقا" وظيفته حمل المياه وتوصيلها للمنازل والبيوت مقابل أجر يعطيه له مالك وصاحب المنزل ولوصول المياه لكافة أنحاء الجمهورية عقب بناء السد العالي أيام عبدالناصر اندثرت مهنة السقا مطلقا في أسيوط لتبقي شاهدا علي فترة تاريخية كانت فيها نقطة المياه تساوي حياة.

"القرادتى"

جمال عباس النائب البرلماني عن مركز أسيوط، فأشار إلى أن المهن التي انقرضت حاليًا من أسيوط وهى مهنة يرجع تاريخها بمدينة أسيوط منذ عام 1902م وكان هذا الشخص بعد تقنين وضع القرد المصاحب له في الشوارع والطرقات وخلال إقامة الموالد وأثناء الأعياد يتجول فيقبل عليه الأطفال ليروا القرد الذي يلعب مع صاحبه وكانت هذه المهنة مصدرا لرزق صاحب القرد.

وذكر أن المحافظة عملت علي إحياء الحرف التراثية التي نجد لها ممن يتقنها أصحاب كمهنة عازف العود وعازف الناي بالتنسيق مع قصر ثقافة أسيوط وكلاهما قاربا الاندثار بأسيوط ومهن أخرى من التراث المصري الأصيل كصناعة الفخار والصناعات الفضية والنحاسية وصناعة تطريز الملابس ونسج التللي.

من جانبه أكد محافظ أسيوط المهندس ياسر الدسوقي، دعمه الكامل للحفاظ على الحرف التراثية واليدوية، التي تتميز بها المحافظة والتي نبغ بها البعض من أبناء المحافظة، وأشار المحافظ، إلى أنه تم البدء في تخطيط منطقة حرفية تراثية بقرية درنكة التابعة لمركز أسيوط، على مساحة 8 أفدنة، بهدف إحياء كافة الحرف التراثية بالمحافظة، وخاصة تلك التي أوشكت علي الاختفاء والانقراض كصناعة الفخار وتطريز الملابس ونسيج التللي وعزف بعض الآلات الموسيقية كالناي والعود مما يخلق فرص عمل جديدة للشباب، بالإضافة إلى الجذب السياحي للمنطقة لكونها تقع على الطريق المؤدي إلى دير السيدة العذراء بدرنكة وبالتالي المحافظة.