قانونا يحظر بيع وتجارة الخمور في مصر، الدين الإسلامي يحرمها والديانة المسيحية تلعنها ومع ذلك هناك من يتداولها بيعا وشرابا في مصر دون أن يهزه دين أو يرعبه عقيده أو يخيفه قانونا، المعلوملات تقول أن أكثر من 7 محافظات راجت فيهم هذه التجارة الحرام وصارت بها دكاكين لوكس يزيد عددها عن 1000 منفذ تقدم أفخر النبيذ والفودكا منها الأصلي ومنها المضروب.
وتنص المادة الأولى من قانون تجريم ومنع شرب وبيع الخمور في مصر، على أن عقوبة التجريم في هذا الجانب تصل إلى حبس لا يتجاوز 6 أشهر أو غرامة لا تتجاوز 200 جنيه وقد تصل إلى 20 جنيها.
لكن هذا يكفي ؟، بالطبع لا يكفي والنتيجة انتشار مصانع بير السلم للخمور مع مطالبات من خبراء بتسهيل تداولها لإمكانية جمع حصيلة 100 مليون جنيه علي الاقل سنويا لخزانة الدولة التي تعاني من العجز سنويا.
و تقول المعلومات أن بعض النبيذ المتداول محليا يصنع في مدينة بوردو الفرنسية، الذي يرسل إلى مصر لتصنعه شركة "الأهرام" للمشروبات، والتي تم خصخصتها في أواخر التسعينات واشترتها شركة "هاينكن" الهولندية وتصبح المحتكر الأوحد لتلك الصناعة، وتستغل مصر وتتخذها مقرا للتصدير إلى دول في أفريقيا مثل: السنغال، وسيراليون، كما يتم التصدير إلى ماليزيا وسوريا.
والملاحظ أنه وبرغم أن بيع الخمور وتداولها غير منتشر بين المصريين إلا أن تجارة الخمور تمثل دخلا لا يستهان به سواء للدولة أو للشركات التي تعمل في هذا المجال، وقد وجد كلاهما طريقة لحسن استغلال تلك البضاعة التي تختص ببيعها أماكن بعينها ولأشخاص بعينهم، مثل الفنادق والمناطق السياحية التي يصدر لها ترخيص بذلك، وكذلك بعض المحال التجارية والتي لا تعمل بدون ترخيص يشرف عليه وزارات الداخلية والسياحة والمالية والتموين، وأهم تلك الأماكن السوق الحرة في المطارات والتي يستغلها بعض العاملين في السياحة مثل المرشدين السياحيين عندما يقومون بجمع جوازات سفر السائحين وشراء كمات كبيرة بها دون الخضوع للضرائب والجمارك، حيث يسمح القانون لكل جواز سفر بشراء لتر من الخمور والمواد الروحية بسعر أقل بكثير من سعر السوق، ويقومون ببيعها في السوق السوداء، وتبلغ عائدات بيع الخمور نحو 85% من أرباح شركة مصر للأسواق الحرة، حيث لا يحرص القادمون من الخارج على شراء شيئ منها حرصهم على شراء الخمور، وهو ما أشار اليه د. "عادل عامر" رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والاقتصادية.
وأضاف "عامر" أنه وبحسب استطلاع رأي أجري عام 2013 فإن 75% من المصريين يرون أن شرب الخمور أمرا غير مقبول، في الوقت الذي تشير فيه بيانات منظمة الصحة العالمية إلى أن معدل استهلاك الفرد المصري للكحول سنويًا يبلغ نحو 6 لتر، وفي جو البيع في الخفاء تحرص شركة الأهرام على إرضاء الزبون المصري، فتصنع إلى جانب النبيذ مشروبات كحولية أخرى مثل الفودكا، والويسكي، والجين، وبيرة "سقارة" والبيرة الخفيفة "ستيلا" التي يمكن أن يجدها المستهلك على طاولات المقاهى بالشارع أو داخل بارات الفنادق ذات الخمسة نجوم، فشركة الأهرام لا تمتلك فقط معامل التقطير، ومزارع الكروم، والمصانع وأماكن التوزيع، فهى مالكة أيضا لسلسلة متاجر "درينكز" Drinkies حيث تباع منتجاتها، أو توصل إلى المنازل المستهلكين.
وبسبب عدم قانونية تجارة الخمور في مصر، وأحقية البعض في إنشاء معامل لتصنيعها، بشرط الحصول على تراخيص، يتجه غالبية منتجي الخمور خلال الشركة المحتكرة لها إلى تصنيعها في «مصانع بير السلم»، التي يلجأ أصحابها إلى صناعة خمرة مغشوشة، يسهل على أصحاب المزاج اكتشافها، حيث يقول أحد العاملين فيها أنهم يشترون "برميلين سبرتو" ويتفقون مع عدد من المحال والكباريهات على شراء الزجاجات الفارغة من الخمور (التي عادة ما تكون زجاجات ستلا)، ثم يعيدون تعبئتها بعد إضافة مكون البيرة الأساسى، وهو الشعير.
ويبلغ إجمالي الحجم الرسمي لتجارة الخمور في مصر الآن 150 مليون جنيه، وهو رقم هزيل جدا، بسبب أزمة التهريب، فالتجارة نفسها تنقسم إلى جزئيين، الأول هو الخمور التي يتم شراؤها من السوق الحرة، والثاني هو الخمور التي يتم تهريبها من الخارج دون رسوم جمركية، التي تبلغ 500%، الأمر الذي يجعل تهريبها أمرا أكثر ربحا للتجار بالمقارنة بأعباء اتباع الأسلوب القانونى.
ولنا أن نتخيل حجم تجارة الخمور "الحرام" والأرباح التي تدرها على الشركة الهولندية إذا علمنا أن مقدار ما يتم تحصيله سنويا من ضرائب يتراوح ما بين 5-7 مليارات جنيه تدخل خزينة الدولة، كما أن استيرادها يخضع لرسوم بنسبة 300%، وهو ما يجعل البعض يطالب على استحياء بتحريرها وتخفيف القيود عليها متوقعا أن تستفيد الدولة بما يتراوح بين 40-100 مليار جنيه حال تحرير هذه التجارة، وتتمثل تلك القيود إضافة إلى القانون الذي يجرم تداولها وتصل عقوبته إلى 6 أشهر حبس، في حصر عدد الرخص الممنوحة لتلك المحال والتي لا يتجاوز عددها حتى الآن 1000 محل، وما أوضحه رئيس شعبة المستوردين، بغرفة القاهرة التجارية، "أحمد شيحة"، منوها إلى أن الحكومة تعيق عمليات التوسع في تجارة الخمور، رغم أن الخمور تستوي مع السجائر في نفس الدرجة من الضرر، ومضيفا أن تجارة الخمور في مصر يعتمد الجزء الأكبر منها على السوق السوداء حيث يمثل التعامل الرسمى فيها نسبة 10% بينما النسبة الباقية تتمثل في عمليات ضرب فواتير في الجمارك والتهرب من دفع الجمارك على المستورد من خلال السوق الحرة.
وكشف "أحمد السمان" رئيس الإدارة المركزية لمكافحة التهرب الجمركى سابقا، أن الخمور تخضع لأعلى فئة في جدول التعريفة الجمركية والتي تصل إلى 3000%، هذا إضافة إلى ضريبة المبيعات، وهو ما معناه انها تصل إلى نسبة ضرائب جمركية 5000% ويستثنى من ذلك البيرة التي يفرض عليها تعريفة جمركية 300%، موضحا أن لجان إدارة التهرب الجمركى تقوم بعمل حصر للمنافذ في المواسم السياحية للتأكد من عدم خروج منتجات الخمور من المنشأة، وهو ما يعد في حكم التهريب، لافتا إلى أن هناك طريقة أخرى يتم بها تهريب الخمور وذلك من خلال الأسواق الحرة والتي يكون فيها للراكب القادم من الخارج إعفاء جمركى كامل بواقع لتر لجواز السفر الواحد.