جرس خطر يدق، مؤشر الأمية في تصاعد الملف صار متخما وملغما يشار إليه بالبنان للحذر بعد تصاعد خطره، أربعون عاما من الوهم في مهمة غير نظيفة لمحو أمية المصريين والنتيجة كذبة كبيرة وفساد ذمم وضمائر وارتفاع عدد الأميين إلى 17 مليون " بصمجي "، من المسئول، ومن يحاسب من فيما انتهى إليه حال المصري الذي صار محاصرا بالعجز عن القراءة دون أن يعرف كيف ينطق "ألفٌ"، ويعجز تماما عن نطق " باءٌ ".
على ما يبدو أن الفشل سيظل يلاحق حكوماتنا المتعاقبة في سياستها واستراتيجيتها للقضاء على الأمية في مصر والتي بدأت خطة مكافحتها ومحوها عام 1976، ورغم مرور 40 عاما على محو الأمية إلا أن الوضع مازال مقلقا وخطرا بحسب تصريحات المسئولين عن محو الأمية والتعليم في مصر.
من تصريح متجدد لـ " الدكتور محمد عبدالجليل" مستشار رئيس الجهاز العام للتعبئة والإحصاء نبدأ، حيث فجر قضيته، راميا حجرا ثقيلا في مياة الأمية الراكدة في مصر، قائلا: إن التعداد السكاني الأخير رصد نحو 17 مليون أمي في مصر، وتابع أن النسبة في السابق كانت 30%، متوقعا انخفاضها إلى 20% في التعداد المقبل، ويستند تصريح عبدالجليل إلى التقرير الذي أصدره الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء بمناسبة اليوم العالمي لمحو الأمية تحت شعار "التعليم حق للجميع"، وأوضح فيه أن 27.1% معدل الأمية فى الدول العربية مقابل 16% للعالم خلال الفترة 2008- 2016، وأن 29.7% معدل الأمية فى مصر.
بينما كانت في السابق منذ عامين فى الفئة العمرية 10 سنوات فأكثر نحو 17.2 مليون نسمة عام2014، منهم 11 مليونا من الإناث، موضحا أنه يوجد فرد من بين 4 أفراد من السكان أمى بما نسبته 25.3% لتكون نسبة الذكور 17.8% مقابل 33.1% للإناث، وهو ما يعني تباطؤ في القضاء على الأمية حيث أن المعدل لم ينخفض إلا 2% فقط في عامين كاملين، ما يفتح السؤال عن إجراءات وخطة الحكومة للقضاء على الأمية وما إذا كان إهدار في موارد والميزانية التي تخصص لهذا القطاع خاصة أن هناك تعيينات لمعلمين تخصصوا في محو الأمية فقط.
هنا يقول الخبير التربوي كمال مغيث: إن الأزمة الأساسية تكمن في زيادة أعداد المتسربين كل عام من التعليم، وأعدادهم تتجاوز 300 ألف طفل، هذا بالإضافة للحاصلين على شهادات من التعليم الأساسي ولا يستطيعون القراءة والكتابة، وهم يدخلون ضمن مشكلة الأمية في مصر، ويضاف إلى ذلك مشاكل مشروع محو الأمية، المتعلقة بأن المعلمين أغلبهم يتعاملون مع الأميين وكأنهم "مقاولى أنفار"، حيث يحصل مقابل كل ناجح علي مبلغ 200 جنيه، وبالتالي فهو يهتم بالكم وليس الكيف، وقد يحصل دارس على الشهادة وهو لم يتم محو أميته بعد.
فيما يفاجئنا المهندس مصطفي رجب، الرئيس السابق لهيئة تعليم الكبار ومحو الامية، بمدى الفساد في تنفيذ خطة الحكومة لمحو الأمية قائلا، أنه عندما تولى رئاسة الهيئة عام 2011، علم بوجود "سوق سوداء لبيع الشهادات للراغبين من قبل الموظفين والمعلمين، وأن مشروع محو الأمية تحول إلى سبوبة لدى البعض بالقري والريف، وأن هناك تكرارا في أسماء الحاصلين على الشهادات مما يعنى ان الإحصائيات غير دقيقة، والوصول للعديد من الحاصلين على تلك الشهادة وهم لا يجيدون القراءة والكتابة".
وأوضح "رجب" أنه وجد آلافًا من الأميين يحصلون على شهادات من الجمعيات الأهلية وغيرها من الجهات سواء التابعة لأحزاب أو مساجد أو كنائس، رغم أنهم لم يجيدوا القراءة والكتابة، وعليه أغلقت 120 جمعية ثبت تورطها في تداول الشهادات وتكرارها للأميين، مقابل الحصول على (200 جنيه مقابل كل أمي يتم تعليمه)، موضحا أن قرابة 30 ألف شهادة مكررة وغير مستحقة لبعض الحاصلين عليها، مؤكدا أن 90% من موظفي الهيئة تم تعيينهم بالواسطة والمحسوبية والبعض يتخذ من مشروع محو الأمية سبوبة لكسب المال.