لأن الكون كله ملك لله جل فى علاه بلا منازع، فهل نحن فى حاجة لمن يأتى اليوم ليوزّع أملاك الله على عباد الله؟
يأتى أحدهم ليقول هذه الأراضى وهذه البيوت لله، أما هذه الأراضى وهذه البيوت فهى ليست لله!
عندما وقف الرئيس فى الكاتدرائية يقول فى لحظات إيمانية متجردة.. «يا رب ونحن فى بيت من بيوتك اغننا بفضلك عمن سواك».. كانت دعوة من قلب رئيس إلى عنان السماء اخترقت كلماته الآفاق، ونفذت من الألسنة إلى الأسماع إلى القلوب إلى رب العزة دون وسيط.. «إذا سألك عبادى عنى فإنى قريب»، دون وساطة ودون إجراءات، خرج علينا من يتحدثون باسم الله دون تفويض ودون توكيل، وبدأت مسرحية هزلية تهاجم الرئيس، وكل من يقول بأن الكنيسة ليست بيتًا من بيوت الله! فقط هى دار للعبادة! لقد فتح هؤلاء- عن قصد- أبوابا للفتنة لم ولن توصد بسهولة، خرج أحدهم يتحدث باسم الأزهر، ويمتطى جواد الفقه، ومسوح الحكمة، ليكفر من يقول ذلك أو يصدقه.
أو يصمت تجاهه، ألم يقرأ هؤلاء القرآن بوعى والأحاديث الصحيحة بفهم؟ ألم يقرأ هؤلاء الوصايا العشر للنبى، صلى الله عليه وسلم، التى أوصى فيها بعدم هدم الكنائس أو التعرض للكهنة.. ألم يقرأ هؤلاء؟
قصص من السيرة النبوية توضح بجلاء كيف لجأ المسلمون إلى الحبشة ليحتموا بالنجاشى، ذلك الملك المسيحى العادل هربا من بطش كفار مكة، ألم يقرأ هؤلاء قصة مسيحيى نجران الذين وفدوا للقاء النبى، صلى الله عليه وسلم، وجلسوا معه فى مسجده يتناقشون فى أمر من أمور الدنيا وعندما أراد هؤلاء المسيحيون أن يصلوا صلواتهم هموا بالخروج من مسجد الرسول، صلى الله عليه وسلم، ليقيموا صلواتهم خارج المسجد؟ ترى ماذا فعل محمد، صلى الله عليه وسلم؟ لقد رفض النبى، صلى الله عليه وسلم، أن يخرج هؤلاء المسيحيون من مسجده، وجعلهم يصلون صلواتهم فى مسجده وفى حضوره!
ألم يقرأ هؤلاء سورة الروم..؟ وكيف حزن النبى، صلى الله عليه وسلم، لهزيمة الروم المسيحيين أمام الفرس «عبدة النار»؟ وكيف بشرهم القرآن بالنصر وقال «يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ...»؟.
ألم يقرأ هؤلاء قرآنا يتلى يجزم بأن المسيحيين هم أقرب الناس مودة ورحمة وتواضعا مع المسلمين..؟
والآن وفى زمن الأقزام من الجهلاء يخرج علينا من مستنقع التطرّف والتعصب من يقول إن من يهنئ المسيحيين فى أعيادهم كافر! ومن يقول إن الكنائس هى بيوت الله فى الأرض زنديق!
هؤلاء هم الفتنة بعينها، وعلينا أن نواجههم ونكشف جهلهم وتعصبهم الأعمى للباطل.. إن الإسلام الحق بريء من هؤلاء ونبى الإسلام حذرنا من هؤلاء.. فهل نحن فاعلون..؟ إنا منتظرون.