الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

ليس بين الشاعر والجنة "حجاب".. مصر تودع "فارس العامية"

سيد حجاب
سيد حجاب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«لما أموت.. لو مت ع السرير ابقوا احرقوا الجسد.. ونطوروا رمادى ع البيوت.. وشوية لبيوت البلد.. وشوية ترموهم على تانيس.. وشوية حطوهم فى إيد ولد.. ولد أكون بُسُته.. ولا أعرفوش.. ولو أموت.. قتيل.. وأنا من فتحة الهويس بافوت.. ابقوا اعملوا من الدم حنة.. وحنوا بيها كفوف عريس.. وهلال على مدنة.. ونقرشوا بدمى.. على حيطان بيت نوبى تحت النيل.. اسمى».
صدمة رحيل «عمنا سيد حجاب» انتابت جميع أفراد الشعب المصرى؛ لأن كلماته حملت فى طياتها روح الشعب وأنينه وسعادته وتراثه، وانتصرت لثقافة الشعب، رحل الشاعر الكبير بعدما دار بين ٧٧ عاما، بدأت منذ مولده عام ١٩٤٠ بالقرب من شط بحيرة المنزلة بالدقهلية فتأثر بها فى شعره وبغناء الصيادين.
ورغم أن حجاب عاش مغادرا لاختصاصه العلمى، حيث درس الهندسة ما بين جامعة الإسكندرية وجامعة القاهرة إلا أنه طوعها فى شعره وكتبه بهندسة حيث تمتعت أشعاره بإيقاع رصين.
صياد كلمات
كانت بداياته الشعرية منذ طفولته حيث كان والده بمثابة المعلم الأول له فى الشعر، فقد كان يشاهده فى جلسات المصطبة الشعرية حول الموقد فى ليالى الشتاء الباردة وهو يلقى الشعر للصيادين فى مباراة يلقى فيها كل صياد ما عنده فكان يدون كل ما يقوله الصيادون ويحاول محاكاتهم وكان يخفى عن والده حتى أطلعه على أول قصيدة كتبها عن شهيد باسم «نبيل منصور» فشجعه والده على المضى قدما فى هذا الاتجاه حتى دخل المدرسة وصادق المعلم الثانى شحاتة سليم نصر مدرس الرسم والمشرف على النشاط الرياضى، والذى علمه كيف يكتب عن مشاعر الناس فى قريته «المطرية» مدينة الصيادين التى أثرت فى شعره، وبدا ذلك واضحا منذ ديوانه الأول «صياد وجنية».
لقاء العم «حجاب» بـ«الأبنودى»
التقى العم «حجاب» بالخال عبد الرحمن الأبنودى، فى إحدى الندوات الثقافية بالقاهرة حيث نشأت بينهما صداقة بعد هذا اللقاء، ثم تعرف إلى أستاذه الثالث صلاح جاهين الذى تنبأ له بأنه سيكون صوتا مؤثرا فى الحركة الشعرية.
وعقب صدور ديوانه «صياد وجنية» الذى احتفى به المثقفون فى ستينيات القرن الماضى، انتقل إلى الناس عبر الأثير من خلال مجموعة البرامج الإذاعية الشعرية «بعد التحية والسلام» و«عمار يا مصر» و«أوركسترا»، وقد كان الأبنودى يقدم معه البرنامج الأول بالتناوب لكنهما انفصلا بعد فترة وبدأ كل منهما يقدم برنامجا منفصلا كما شارك فى إصدار مجلة «جاليرى ٦٨» ونشر بها بعض الدراسات والأشعار وقد كتب للأطفال فى مجلتى «سمير» و«ميكى».
تنوع أعماله
شارك سيد حجاب فى الندوات والأمسيات الشعرية والأعمال التليفزيونية والسينمائية فى محاولة للوصول للجمهور، وقدمه جاهين لكرم مطاوع ليكتب له مسرحية «حدث فى أكتوبر»، بعدها دخل مجال الأغنية حيث غنى له كل من: عفاف راضى وعبد المنعم مدبولى وصفاء أبو السعود، ثم كتب أغانى لفريق الأصدقاء، ثم اتبعه بألبومين هما «أطفال أطفال» و«سوسة».
كما التقى ببليغ حمدى الذى لحن له أغنيات لعلى الحجار وسميرة سعيد وعفاف راضى، وقدم معه الحجار «تجيش نعيش» وكتب لمحمد منير فى بداياته أغنية «آه يا بلاد يا غريبة» فى أول ألبوم له، ثم أربع أغنيات فى ألبومه الثانى، ثم كتب أشعار العديد من الفوازير لشريهان وغيرها بجانب العديد من تترات المسلسلات التى عرض بعضها فى رمضان، ومن كلماته التى لحنها بليغ حمدى كانت تتر «بوابة الحلوانى» والتى جاء بها: «بندق ندق/ بوابة الحياة بالإيدين/ قومى افتحى لولادك الطيبين/ اللى بنى مصر كان فى الأصل حلوانى/ وعشان كدة مصر يا ولاد حلوة الحلوات/ وادى وبوادى وبحور وقصور وموانى/ توحيد وفكر وصلاة/ تراتيل غنا وابتهالات/ وكل ده فى مصر يا ولاد حلوة الحلوات».
«حجاب والشريعى»
«عمار، يا خى.. روحى يا روح حرة يا كروان زمانى، مع مين افضفض وأبوح إذا زمانى رمانى، هتروح ورا الريح وأنوح عليك أنا والأغاني، وازاى يا صحبى تروح وأنا أعيش ومشوفكش تانى».
كون «حجاب» مع الموسيقار عمار الشريعى ثنائيًا منذ الثمانينيات، ومن خلال فرقة الأصدقاء قدما معا أكثر من ألبوم، وتوالت أعمالهما بالإضافة إلى مجموعة من أروع أغانى المسلسلات، ومنها «ليالى الحلمية»، و«أرابيسك»، و«قمر على بوابة المتولى» و«العيلة» و«كناريا وشركاه» وغيرها، وتمتعت هذه الأعمال بمزج غريب بين الكلمة التى يكتبها حجاب والنغمة التى يبدعها عمار حيث جاءت الألحان وكأنها مدركة جيدا للمشاعر الإنسانية وكلمات الدراما الشعرية.
وجاء فى كلمات تتر «أرابيسك» منها: «وينفلت من بين إدينا الزمان، كإنه سحبه قوس فى أوتار كمان، وتنفرط الأيام عود كهرمان، يتفرفط النور والحنان والأمان».
أما كلمات تتر مسلسل «الشهد والدموع» جاء بها «تحت نفس الشمس/ فوق نفس التراب/ كلنا بنجرى ورا نفس السراب/ كلنا من أم واحدة/ أب واحد/ دم واحد/ بس حاسين باغتراب».
كما تعاون مع موسيقيين آخرين من بينهم ياسر عبد الرحمن فى لحنه الشهير «المال والبنون» والذى جاء فيه: «قالوا زمان دنيا غنية وغرورة/ قلنا واللى تغره يخسر مصيره/ قالوا الشيطان قادر وليه ألف صورة/ قلنا ما يقدر على اللى خيره لغيره»؛ ومع الموسيقار ميشيل المصرى قدم تتر «مين اللى ما يحبش فاطمة»: «بين ريح وأمواج متلاطمة/ وأسود غطيس/ وأصفر رنان/ مين اللى ميحبش فاطمة/ لو فاطمة طاقة نور وحنان».
دواوينه
كتب حجاب ما يقرب من ١٢ ديوانا شعريا صدر منها صياد وجنية، عن دار ابن عروس، القاهرة عام ١٩٦٤ وجمعت بقية الدواوين فى كتاب «الأعمال الشعرية الكاملة» والتى صدر الجزء الأول منها فى القاهرة عام ١٩٨٦، كما صدر له فى الأعوام الأخيرة كتاب يضم مجموعة قصائد لم تنشر من قبل تحت عنوان «مختارات سيد حجاب» عن مكتبة الأسرة.
تجربته مع الإخوان
لم يبتعد حجاب عن السياسة فالتحق منذ أن كان عمره ١٤ عاما بأشبال الدعاة مع الإخوان المسلمين ثم انضم إلى حزب مصر الفتاة، واعتقل خمسة أشهر فى عهد جمال عبد الناصر، غير أن التحاقه بالجماعة المحظورة لا يعد سبة فى حقه فقد أكد الراحل فى أكثر من مرة أن جماعة الإخوان أساسها يدل على العنف وعدم السلام، مفسرًا شعارهم المختصر فى سيفين ليدل على القتال والعنف، حيث كان يعتبر أن كلمة «وأعدوا» التى يتخذها الإخوان شعارًا لهم جاءت للتأكيد على عنفهم ناسين بذلك العديد من المفاهيم السمحة فى القرآن الكريم.