"لايهمُّ السبب الذي نبكي من أجله، فقد كانت قلوبنا تمتلئ بالأحزان لدرجة أن أي شيءٍ يكفي ليكونَ سببًا”، لم يكن يعلم عبد الرحمن المنيف عندما قال هذه العبارة أن أسباب الحزن لا تنتهي بانتهاء الحياة وإنما هناك أسباب أخرى للحزن بعد الموت ،ففي عام 2007 أبلغت سعاد قوادري أرملة عبد الرحمن ابراهيم منيف، المتوفى بتاريخ 24 يناير 2004 عن عمر يناهز 70 سنة، أنه تم اعتداء على قبر زوجها الكائن بمقابر الدحداح بدمشق دون المساس برفاته، واستبعدت سعاد أن تكون للسعودية علاقة بالحادث كونه كان مناهضا لنظام آل سعود، واستبعدت أيضا أن يكون هذا الفعل من ارتكاب أصوليين كونه كان علمانيا، وأن من فعل تلك الفعلة قصد أن تتجه اصابعها لاتهام السعودية.
وقد وصفت الأرملة قبر زوجها بأنه "عادي، مساحته حوالي المترين طولا وقرابة 80 سم عرضا، من الرخام الأبيض وعليه قطعة من البرونز ذات وزن ثقيل جدا (200 كيلو) منحوت عليها بعض الكتابات ولم تكسر"، مشيرة إلى أنه تم تهشيم الرخام ورميه على الأرض، "كما تم تكسير القبر بشكل سيئ للغاية".
ولد عبدالرحمن المنيف في عمان - الأردن عام 1933 لأب سعودي وأمٍ عراقية. درس في الأردن إلى أن حصل على الشهادة الثانوية ثم انتقل إلى بغداد والتحق بكلية الحقوق عام 1952 ثم انخرط في النشاط السياسي هناك وتحديدا "حزب البعث الاشتراكي" إلى أن طرد منها مع عدد من الطلاب العرب بعد التوقيع على حلف بغداد، وتنقل بعدها بين القاهرة وبلغراد حيث حصل على شهادة الدكتوراه في اقتصاديات النفط ومنها إلى سوريا ليعمل هناك بالشركة السورية للنفط، ومنها الى بيروت ليعمل بمجلة " البلاغ"، ثم عاد بعدها للعراق عام 1975 ليعمل رئيسا لمجلة النفط والتنمية، إلى أن غادرها بعد 6 سنوات متجها إلى فرنسا، ليعود إلى دمشق مسقط رأس زوجته سعاد عام 1986 ليمكث هناك، وقد سحبت منه الجنسية السعودية.
وله عدد ليس بالقليل من المؤلفات بين الروايات والرؤى التنظيرية، ومن أهم أعماله غير الروائية "الديمقراطية أولا.. الديمقراطية دائما"، و"بين الثقافة والسياسة" ،أما عن أعماله الروائية فأبرزها وأشهرها خماسية "مدن الملح" الذي نشرها على مدار 5 سنوات من 1984 الى 1989.
يذكر أنه ظل إلى آخر أيامه معارضًا للإمبريالية العالمية، كما اعترض دومًا على الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 رغم أنه كان معارضا عنيفا لنظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وكان يناصب الأنظمة العربية العداء ويهاجمها، بالإضافة إلى سحب الجنسية السعودية منه لمواقفه ضد أنظمة الخليج وسياساتها النفطية.