معامل وبنوك الدم بالمستشفى تصرف دماء ملوثة للمرضي
الأكياس «غير صالحة» للاستخدام.. والـ«بلازما» في حالتها السائلة تصيب المرضى «بجلطات»
تقرير رقابى يكشف: 10 مخالفات فى «البنك».. وصرف فصائل مخالفة تسبب الوفاة
«التنظيم والإدارة»: تعيين مديرى المعهد وبنك الدم مخالف للقانون
وحدة زراعة الكبد تكلفت 5 ملايين جنيه بتجهيزات غير مطابقة للمواصفات
تعيين أحد أعضاء لجنة التفتيش مديرًا لبنك الدم كمحاولة للتستر على الجريمة
صرف أكياس معدة للإعدام.. وقفازات الممرضين تنقل العدوي
نظام فحص للعينات ليس له أساس علمى.. وفنيون يديرون البنوك فى غياب الأطباء
هل تخشى مريض «الإيدز»، هل راودك شعور بالخوف فى كل مرة تبرعت فيها بالدم أو اضطررت لنقل دم، أن تكون تعرضت للإصابة بطريق الخطأ، ماذا لو عرفت أن أحد المستشفيات الكبرى فى القاهرة، تحول إلى وكر للأمراض الفيروسية وعلى رأسها «نقص المناعة» تهاجم زوارها من المرضى، ربما كانت كل هذه الأسئلة لا مكان لها، قبل أن تكشف وثائق حصلت عليها «البوابة» تبرع أحد الأشخاص 3 مرات متتالية للدم فى معهد ناصر، حملت نتائج تحليله هذا المرض اللعين.
حيث كشف مستند خطير حصلنا عليه أن أحد المتبرعين أو بائعى الدم، الذى نحتفظ باسمه قد تبرع بالدم داخل معهد ناصر 3 مرات على مدار عدة شهور، وفى المرة الثالثة عندما لاحظه أحد الإداريين فى المستشفى الذى يعلم بإصابته بأحد الفيروسات الكبدية تحفظ عليه وعند تحليل العينة اكتشف الكارثة، فالمتبرع الذى تبرع للمرضى ثلاث مرات خلال شهور قليلة مصاب بمرض نقص المناعة الإيدز، وفيروس سى.
وحصلت «البوابة» على التقرير الكارثى للجنة تفتيش من المجالس الطبية المتخصصة، وبمشاركة أحد أعضاء الرقابة الإدارية، صدر بناء على عدة شكاوى قدمت للمجالس الطبية بشأن الإهمال الذى يسود المعهد، وبناء عليه تشكلت لجنة فى ديسمبر 2016 مكونة من الدكتور شيرين أحمد مدير الجودة بخدمات نقل الدم القومية، والدكتور طارق متولى، رئيس قسم المعمل المرجعى بالمعهد ذاته، والدكتورة هبة أبوبكر، رئيس وحدة مكافحة العدوى، وكل من الدكتورة شيرين عزت، والدكتورة مارى مكرم بقسم الجودة، بالتعاون مع العقيد محمد الغزالى ممثلا لهيئة الرقابة الإدارية، وباشرت اللجنة التفتيش على معهد ناصر الذى يتبع المراكز الطبية المتخصصة، تحديدًا فى 20 ديسمبر 2016.
يكشف التقرير عدة كوارث تمارس داخل بنك الدم أودت بحياة الكثير من المرضى منذ عام ٢٠١٣ وكشف التقرير، عدم وجود أى طلبات نقل دم كاملة تحتوى على اسم المريض رباعيا أو التشخيص الكامل الذى من المفترض على أساسه يؤذن بالصرف، وتكون عبارة عن فاتورة من أصل وصورتين، حيث عثر على طلبات مدون عليها اسم ثنائى للمريض دون أى تشخيص أو متابعات فعلية للتأكد من نقل الوحدات التى صرفت للمرضى، ما يعطى الفرصة للتلاعب فى صرف تلك الوحدات داخل أروقة المستشفى فى خفاء بعيدا عن الإدارة، وما يسهل بيع الدم فى السوق السوداء ويعرض حياة المرضى للخطر.
وبحسب التقرير، من المفترض أن تكون الإجراءات الصحيحة أو الكاملة فى طلبات نقل الدم تشتمل على: الاسم الرباعى، واسم المستشفى، والتشخيص، وسبب نقل الدم، وتاريخ الميلاد أو العمر، والوزن وعدد ونوع الوحدات المطلوبة، ووجود توقيع الطبيب والختم الرسمى للمستشفى.
كما أشار التقرير، إلى دخول عدد كبير من أكياس الدم من المركز القومى أو مستشفى الشبراويشى أو مستشفى طيبة أو مستشفى شبرا، إلى بنك الدم بالمعهد، دون حصر أو توصيف أو توثيق ما يسهل التلاعب فى مخزون الدم بالمعهد، إضافة إلى عدم وجود دفاتر توثق حركة المخزون الأمر الذى بدوره يمثل درجة كبيرة من الخطورة على المرضى.
وحدات دم غير صالحة
كما أشار التقرير إلى العثور على ثلاجة بنك الدم المخصصة للمرضى «وحدات دم كاملة» أوشكت على انتهاء صلاحيتها ولم تصرف، وضرب التقرير مثالا، بالوحدة التى تحمل رقم ٠٧٠٩، ونقلت إلى رقم ١١٧٢ علماً بأن هذا النوع معد للفصل الأوتوماتيكى الكامل على أجهزة خاصة وتحتاج لتكلفة عالية حيث يمكن تصنيع وحدات دم مكدسة مفلترة وبلازما وصفائح، وأن هذه الوحدة جمعت فى ٢٢/١١/٢٠١٦ وتنتهى صلاحيتها فى ٢٧ /١٢/٢٠١٦، أى أنها حفظت لأكثر من شهر فى الثلاجة ولم تصرف قبل ٧ أيام وبتدويرها فى جهاز الطرد المركزى، وجد بها تكسير فى كرات الدم الحمراء ما يجعلها غير صالحة للنقل وتمثل خطورة كبرى على المرضى لأن الوحدة غير صالحة للاستخدام، إضافة إلى عدم فصل البلازما من أكياس الدم أو الالتزام بالأوزان أو التخلص من البلازما التى تحتوى على نسب عالية من مواد «السيترات» التى تضر بالمريض ما يمثل خطورة على الأطفال، ناهيك عن وجود وحدات مكدسة داخل الفريزر وطريقة حفظها تؤدى إلى هدر كمية منها نتيجة التكسير ووجود رواسب بيضاء فى الأكياس والغريب أن تحمل بطاقة تعريفها بلازما طازجة كنوع من الغش الطبى وبيع الوهم والموت للمرضى، كما أن طريقة الحفظ تؤدى إلى عدم تجميد البلازما بالشكل الصحيح ما يؤثر على عوامل التجلط ويفقدها أهميتها وقدرتها العلاجية.
إهدار المال العام ودم المتبرعين
واتهم التقرير بنك الدم بالمعهد، بإهدار المال العام ودم المتبرعين لعدم التزامه بفحص الفصائل بالطرق العكسية طبقا للمعايير القومية ما يؤدى للوقوع فى أخطاء من خلال صرف فصائل مغايرة للمرضى، و أكياس دم o+ والحالة تكون a- الأمر الذى يسبب الوفاة، إضافة إلى حفظ العينات وكروت الفصائل فى دولاب شخصى بدلا من ثلاجة خاصة لحفظ أرشيف العينات، ويجرى هذا كله فى ظل عدم وجود ميزان حساس لضبط الأوزان لفصل الوحدات طبقًا للمعايير، إضافة إلى عدم كتابة تاريخ التشغيلة على «القرب» المستخدمة وبعضها به تغيير فى لون مانع التجلط ما يؤثر على كفاءته ويسبب وجود دماء مجمعة داخل القرب نفسها، وعدم التعامل مع وحدات الدم بالأساليب المتبعة للتلوث من إجراءات احترازية وقائية مثل تغطية السن بعد التبرع ثم فتحه ثانية لأخذ العينات دون تغطيتها قبل إجراء عملية اللحم ما يزود فرص دخول الهواء للعبوة ويسبب التلوث البكتيرى.
كما كشف التقرير، أخطاء معهد ناصر فى عدم تغطية سن القرب المستخدمة فى تجميع دماء المتبرعين بعد كل عملية تبرع وعدم استخدام الغطاء الواقى وعدم الالتزام بسياسات مكافحة العدوى ما يتسبب فى انتشار الأمراض الفيروسية، إضافة إلى عدم وجود وحدات دم كاملة وكرات دم حمراء مكتسبة وبلازما خاصة بالإعدام نظرًا لانتهاء صلاحيتها فوق الثلاجة الخاصة بالإعدام من اليوم السابق دون وجود لاصق عليها، وعدم التزام العاملين بوضع هذه العبوات فى أكياسها الحمراء باعتبارها نفايات وجب التخلص منها بعد اكتمال الأعداد المعدومة، ووجود وحدات دم فى حالة تخبط واختلاط بين الوحدات الجاهزة للصرف عن العينات الواقعة تحت الصرف، ووجود كميات تصرف للمرضى داخل ثلاجات (١) و(٢) الخاصة بوحدات الفحص أى أنها من المفترض أن يجرى عليها الفحوصات قبل صرفها، لكنها تمنح للمريض بكل ما فيها سواء أمراض أو فيروسات قد تصل للإصابة بمرض «الإيدز» وحدث ولا حرج.
الأمر المثير للفزع الذى كشفه التقرير، هو عدم وجود مرجعية علمية للنظام المتبع فى عمليات الفحص البيولوجى، حيث لا يتفق مع النظام المتبع عالميا وهو «TTIs ASCreening algorithm»، حيث يجرى العمل عن طريق فحص الوحدات، الإيجابى بقراءة عالية يعدم، والقراءات المتوسطة يعاد مرة واحدة فقط فإن كانت إيجابية تعدم، وإن كانت سلبية تصرف بعد عمل فحص الحمض النووى pcr لفيروس سى فقط ما يزود فرص انتقال وإصابة فيروسات أخرى، والمفاجأة أن النظام المتبع فى بنك دم معهد ناصر هو نظام غير معمول به عالميًا ولا توجد به أى مرجعيات علمية له، فى حين أن النظام المعمول به عالميا يفحص كل الفيروسات سواء فيروس سى أو فيروس كبدى وبائى بى.. إلخ» والإيجابى منها يعدم مرتين بنفس أطقم الكواشف المستخدمة أول مرة وسواء النتائج ٢/٣ أو ٣/٣ تعدم، الأمر الذى بدوره يثير الشك والفزع تجاه جميع الأكياس المفحوصة لأنها لم تتبع نظاما علميا موثقا وله مرجعية علمية.
كما يتم تحديد فصل الوحدة باستخدام طريقة الكارت مرتين، مرة فى معمل الفصائل ومرة فى معمل الصرف ما يؤدى لاحتمال نفس النتيجة مرتين، فى حين أن المتبع للتأكيد على الفصيلة هو استخدام الكروت الأدق فى فحص العينات المسحوبة وطريقة الفحص على الشريحة الزجاجية أو إجراء اختبارات الفصيلة وعدم الالتزام بالمعايير القومية.
قرب منتهية الصلاحية
كما وجدت بعض القرب المخصصة بجهاز الـ Mirasol منتهية الصلاحية من ١ أكتوبر ٢٠١٦، وقيل إنها لغرض التدريب فى حين أنه من المفترض الالتزام بتاريخ الصلاحية حتى فى وقت التدريب، إضافة إلى أخذ عينة الهيموجلوبين بطريقة خاطئة ما يؤدى لقبول متبرعين غير لائقين مع عدم كتابة تاريخ فتح عبوة «الكيفيت» طبقًا لتعليمات المصنع لوجود تاريخ صلاحية شهر واحد بعد فتح العبوة وعدم الالتزام بتعليمات التشغيل، يضاف إلى ذلك عدم اتباع أسلوب مكافحة العدوى فى طريقة تطهير ذراع المتبرع قبل إجراء عملية التبرع التى يسمونها بـ«الإدماء».
وأورد التقرير ١٠ ملاحظات تتعلق بمخالفات تخص مكافحة العدوى أبرزها:
عدم مطابقة وتنسيق بعض الأقسام بما يتناسب مع مواصفات مكافحة العدوى والكود المصرى للمعايير التصميمية للمنشآت الصحية حيث لوحظ عدم وجود حوض غسل أيدى فى حجرة الكشف للمتبرعين، وعدم كتابة تاريخ التعقيم الخاص بالقطن الموجود بعلب التعقيم، وعدم التزام العاملين باستخدام أدوات الوقاية الشخصية المناسبة، حيث لم يرتد كل مقدمى الخدمة الطبية العباءات أحادية الاستخدام ولا يلتزم البعض بارتداء القفازات أو حتى الالتزام بغسل أو تطهير الأيدى قبل أو بعد إجراء بين المتبرع والآخر، حيث يرتدون القفازات بصورة مستمرة ما قد يؤدى للتلوث أو انتشار العدوى.
وعدم التعامل الصحيح مع بقع الدم عن طريق سؤال المتواجد أثناء مرور لجنة التفتيش، وعدم اتباع أسلوب الوخز بالإبر أو الآلات الحادة بأسلوب صحيح طبقا لمواصفات وتعليمات مكافحة العدوى وقد كشف ذلك عبر سؤال المتواجدين فى البنك، وعدم التزام بتخصيص المستلزمات الموجودة لمتبرع واحد فقط حيث لوحظ وجود كمية من المستلزمات الطبية لأكثر من متبرع على ترابيزة واحدة لعمل اختبار «الهيموكيو» ما يخالف سياسات العدوى وعدم الالتزام بفصل فى المستلزمات الطبية مع عدم وجود عدد كاف من الأطباء والممرضات فى بنك الدم.
محاولات التستر على الجريمة
ويبدو أن الفساد عشش بين قطاعات عدة داخل أروقة وزارة الصحة حتى وصل الأمر بالدكتور أحمد محيى القاصد، رئيس أمانة المراكز الطبية المتخصصة، بأن يعين الدكتور حازم توفيق على أحمد الفيل مديرًا لمعهد ناصر رغم اتهامه فى بلاغات عدة فى قضايا تحمل أرقام ٦٧١/٢٠١٣ و٦٤/٢٠١٧ وكلاهما نيابة إدارية _ صحة أول، وآخرها بلاغ للنائب العام ضده لتبديد أجهزة بنك الدم بتاريخ ٦ ديسمبر الماضى، وقد تم الاستغناء عنه من العمل لدى مصلحة السجون بعد حصوله على أيام جزاءات من نيابة إدارية عليا أسوان، إضافة إلى حداثة تاريخ التحاقه بوزارة الصحة قبل عامين فقط، شغل خلالهما منصب مدير بالمخالفة للقانون واللوائح المنظمة.
ليأتى «مدير معهد ناصر» بدوره بتعيين مدير بنك الدم وهى «سناء سيد عبدالشافى» التى عينت بعقد مؤقت بالمخالفة لكل القوانين واللوائح التى تصدرها هيئة التنظيم والإدارة التى تتطلب إجراءات وشروطا منها التفرغ حتى يتسنى لها الإشراف بشكل مباشر، ويومى على ما يجرى داخل أروقة بنك الدم، الأمر الذى لم يحدث وكانت مديرة البنك لا تحضر سوى ٣ أيام فقط وفقا للإذن المصرح لها من جامعة بنى سويف التى أجازت لها الإشراف فى أوقات العمل غير الرسمية الباب الذى يفتح حجم التسيب والإهمال على مصراعيه فى بنك الدم.
وما سردناه وذكره التقرير الكارثى، الذى نمتلك منه نسخة ضوئية، يعتبر بمثابة جريمة مكتملة الأركان، بل تستوجب فتح التحقيق بها بشكل مباشر، وفورى مع المتسببين أو المتهمين أمام الجنايات، حيث تعرض حياة المرضى من يتلقون دماء المتبرعين لنقل الأمراض الفيروسية بل وصلت للإصابة بالإيدز أو نقل فصائل مغايرة ومختلفة عن تلك المطلوبة للمرضى ما يسبب الوفاة فى الحال.
فبدلا من إحالة الملف برمته لجهات التحقيق ومحاسبة المقصرين، يسعى رئيس أمانة المراكز الطبية المتخصصة بكل الطرق للتستر على جريمته، وعين أحد أعضاء اللجنة التى كشفت التقرير الكارثة، هى الدكتورة شيرين أحمد شبايك مدير الجودة بخدمات نقل الدم كرئيسة لبنك الدم بعد ٤٨ ساعة من صدور التقرير شريطة إحالة كل المخالفات التى تلقى بالمرضى إلى التهلكة إلى مخالفات إدارية.
من واقع المستندات الموجودة بحوزتنا وهى عبارة عن كشوف دخول وصرف عينات فى شهر واحد فقط نكشف حجم التسيب والإهمال فى بنك الدم بالمعهد، فى شهر، حيث صرفت أكياس دم للنوبتجية الليلية بدون إذن طبيب لعدم تواجده بشكل متكرر فى هذا التوقيت من كل يوم، ولم يقتصر على ذلك بل لم تعد «اللستة» أو الجداول لصباح اليوم التالى المفترض إجراء عمليات قلب مفتوح به وتم فرز الدم بدون مراجعة الطبيب، والكارثة أن من يباشر عمليات الصرف هم الكيميائيون أو الفنيون فقط دون أدنى مسئولية منهم بدعوى إنقاذ حالات المرضى، الأمر الذى قد يتسبب فى قتل ووفاة المرضى عن طريق صرف أكياس دم غير صالحة أو فاسدة.
إضافة إلى عدم وجود قرب فارغة ما أبلغ للطبيب المسئول وفقا للوثائق ليكون رده «أعمل إيه» وقد يضطر الفنيون لاستخدام قرب تالفة التى لها تأثير على الدم وعامل التجلط به وتقلل من كفاءة العبوات أو أكياس الدم.
مضافا لذلك العثور على بلازما لفرز يوم ٣ مارس الماضى، سائلة وغير مجمدة، وحررت شكوى تحمل أرقام أكثر من ٣٠ عبوة بلازما سائلة، إضافة إلى عدم مراجعة الـ«o. H» وجدت تداخل فى الأسماء والفصائل لدرجة الصرف الخطأ بدليل أنه تم صرف كيس دم رقم ٣٦٤٩ ونوعها A موجب لحساب «باسم على محمود» عن طريق فرضية مريضة اسمها هند فصيلتها O سالب، الأمر الذى تكرر بشكل دورى ويتم كشط الفصيلة من على الكيس لطمس الفصيلة الخطأ.
ولم تسلم منهم الأطفال أيضا بل تكرر الأمر أيضا مع أطفال مبتسرين وتم صرف للطفل ياسين إبراهيم على فصيلة A موجب بالخطأ بدلا من فصيلته O موجب فى إبريل من العام نفسه الأمر الذى كان قد يتسبب فى وفاة الطفل فى الحال، كما تم عمل فصائل للمبتسرين وتسليم النتائج بدون توقيع الطبيب لعدم تواجده.. مضافا لها صرف أكياس دم ليست موجودة فى لستة المرضى لعمليات القلب المفتوح ووجدت أكياس محضرة بأرقام غير الموجودة فى بطاقة المريض، كما تم عمل فصائل وتوافق وصرف أكياس دم بدون مراجعة طبيب ما يسمح بصرف فصائل مختلفة للمرضى، ناهيك عن وجود أكياس البلازما سائلة وتسجيل درجة حرارة الفريزر الخاص صفر، رغم أن من المفترض ألا تزيد درجة حرارته على -١٢ حتى تكون البلازما مجمدة وليست سائلة.
ما سردناه حالات ضمن مئات الأخطاء التى كشفتها لنا الوثائق التى دفعت أحد الكيميائيين فى بنك الدم بتقديم شكاوى لمدير معهد ناصر فى إبريل ٢٠١٣ للتحقيق فى المخالفات ووقف المهازل التى تجرى فى دفتر أحوال بنك الدم التى تهدد حياة آلاف المرضى من المترددين على معهد ناصر.
حيث ذكرت الشكوى، بخصوص وحدات البلازما التى وجدت غير مجمدة الناتجة من عدم الاعتناء بوحدات البلازما وكمياتها فى وحدات التجميد الخاصة بحفظها ما يؤدى لفقدان أهم عواملها وهو عامل التجلط التى من شأنها علاج المرضى فى وقف النزيف، ولكن فى حالتها السائلة لا تكون لها أهمية بل تكون قاصرة على بعض المرضى فقط بعد إجراء العمليات الجراحية، ولا فائدة لها فى وقف النزيف.
الأخطر أن فى حالة إعطائها للمرضى فى صورتها السائلة تحمل على أجسامهم مكونات دم بدون فائدة ما يؤدى لتأخر حالتهم العلاجية وإهدار دم المتبرعين، فضلاً عن تعرضهم لعدد أكبر من مخاطر نقل وحدات الدم ومشتقاته.
مضافا لها جريمة أخرى تسمى الغش الطبى والتجارى عن طريق صرف هذه الوحدات البلازما السائلة التى لا فائدة من إعطائها للمريض على كونها «بلازما طازجة مجمدة» بما لا يتفق مع ميثاق الشرف المهنى والثقة والتقدير المتبادلة بين المرضى وأطبائهم المعالجين.
وأشارت الشكوى، إلى عدم مراجعة الطبيب لفصائل الدم قبل صرفها، لأنه فى حالة نقل فصيلة دم غير متوافقة مع المرض يحدث تفاعل بين الأجسام المضادة الوراثية والأجسام المضادة (أنتيجين وأنتى بودى) التى تختزن بالجسم كشفرة مناعية تعوق تحضير دم فعال للمريض ما يؤدى لتدهور حالته الصحية ومن ثم الوفاة.
وتابعت الشكوى: «من المفترض فى حالة تدارك الخطأ فى نقل الفصائل الخطأ، أن يخضع المريض لعدة عقاقير مناعة تقلل من استيعاب جهاز مناعته لنوع الفصيلة الخطأ حتى يمكن لها أن تتكسر وتتحلل بداخل جسمه ما يقلل الأثر السلبى عليه، إلا أن ما يحدث غير ذلك، فلا الطبيب ولا المعهد ذاته يعبأ بذلك، بل يتم التستر على الخطأ، ويتم إيهام المريض بأن المضاعفات التى تحدث له وعدم قبول جسمه للدم بدعوات زائفة كاذية تتمثل فى «تكرار نقل الدم».
وتواصل كشف حلقات التسيب والإهمال فى الوردية الليلة بالمعهد ذاته والتى تشبه جسدا بلا رأس على حد وصفها، فلا طبيب موجودا بها رغم وجود العديد من حالات الطوارئ وخروج الدم للوحدات الداخلية ومرضى المستشفيات الخارجية، بل تخرج وحدات الدم ومشتقاته دون مراجعة بإشراف من الفنين والكيميائيين، ما يدخل تحت بند جريمة الإضرار العمد بحياة المرضى الواقعون تحت العلاج ومشتقاته لما فيها من حالات مزمنة وأمراض عاجلة وعمليات قلب مفتوح صبحية الورديات الليلة أو أطفال لا حول لهم ولا قوة.
أما بشأن الوحدات التى يتعذر خروجها من الحاسب الآلى للخطأ فى الفصيلة أو كود الوحدة فيكون مثل ٦٢٨٠ O موجب وليس AB موجب فيكون بسبب عدم وجود نظام متبع فى التخزين وفى حالات التعثر فى وحدة دم تخرج بشكل يدوى وليس على الحاسب ويتم تعديل أى تغييرات على الوحدات ما يزود فرص الخطأ ويضرب النظام غير المتبع فى تخزين الوحدات، كما أن الخطأ فى وحدة ينتج عنه خطأ فى وحدة تالية وخطأ أيضا فى نقل أنابيب عينات الدم المأخوذة ما قد يمتد فى نتيجة الاختبارات لفيروس «بى وسى والإيدز والزهرى» لوحدة الدم عن طريق تبديل عينة مكان أخرى.
أما بالنسبة لتحديد فصائل الدم فإنه من المفترض اتباع تعليمات منظمة الصحة العالمية والاتحاد الأمريكى لبنوك الدم الذى يلزم بعمل ٥ اختبارات على الأقل كلها تكمل بعضها وهى «anti A_ anti B_ anti rh (n) A cells B cells».
الغريب فى الأمر أنه لم يلتفت أحد من المسئولين للشكوى المقدمة منذ أكثر من ٣ سنوات حتى تحول بنك الدم إلى أداة لنقل الفيروسات وقتل المرضى دون حساب أو عقاب.
فساد مالى وإدارى
لم يتوقف الفساد عند هذا الحد فمن نقل فيروسات للمرضى إلى فساد مالى وإدارى واستهانة بكل القوانين المنظمة للعمل داخل وزارة الصحة، حيث كشفت المستندات التى حصلت عليها الجريدة العديد من الجرائم المالية والإدارية التى تمارس داخل معهد ناصر، منها بيان حالة وظيفية للدكتور حازم توفيق الفيل مدير المعهد الحالى الذى تبين أنه على الدرجة الثانية طب ولم يحصل على الدرجة الأولى التى تؤهله للمناصب القيادية.
إضافة إلى تعيين مديرة لبنك الدم غير مستوفية للشروط وغير متفرغة ولا توقع فى دفاتر الحضور والانصراف فقد كشفت المستندات أن مدير معهد ناصر عين الدكتورة سناء عبدالشافى بوظيفة كمشرف ومدير بنك الدم نظير ٢٥ ألف جنيه شهريا بالحوافز منذ شهر سبتمبر ٢٠٠٩ وحتى تاريخه، وأضاف العقد المبرم بين المعهد والطبيبة أن يتم حضورها فى أيام السبت والإثنين والأربعاء من كل أسبوع بالمخالفة للقانون حيث إنه يجب على مسئولة بنك الدم والمدير المشرف التواجد بصور إشرافية يومية وأن تكون متفرغة للعمل.
وحصلت «البوابة» على مذكرة صادرة من جهاز التنظيم والإدارة تشير إلى أن مدير المعهد ورئيس أمانة المراكز الطبية المتخصصة خالفا القانون، واعتبرت المذكرة، أن المبالغ المالية المنصرفة كمرتبات لمدير المعهد ومديرة بنك الدم منذ عام ٢٠١٢ إلى تاريخه تمثل إهدارا للمال العام.
تعيين مخالف للقانون
وكشفت الوثائق التى حصلنا عليها، تولى أطباء الزمالة والكثير من النواب و«الأطباء المقيمون» مناصب إدارية وقيادية بالمعهد مثل مساعدين لنواب المدير النوبتجى ومديرين للطوارئ والأدوار إضافة إلى عملهم الفنى بالعيادات والعمليات وتقاعسهم عن المرور ومتابعة المرضى، وتولى بعض الأطباء بالمعهد العمل فى أكثر من وظيفة فى اليوم الواحد وتوليهم رئاسة أكثر من قسم على الرغم من وجود الكثيرين فى الكفاءة والخبرة وكذلك حسب ما تشير إليه المستندات قد تمت زيادة أعداد الأطباء والعاملين بالمعهد إلى أن وصل إلى ٤ آلف موظف والغريب أن عدد الأطباء زاد من ١٢٠٠ إلى ١٦٠٠ طبيب فى الأشهر الأخيرة ويعمل معظمهم على نظام العمل ٣٦ ساعة أسبوعيا ويتقاضى مرتبه وحوافزه ومكافآته كاملة ومنهم من خارج القاهرة ويعملون بالخارج ويشغلون سكن الأطباء طوال أيام الأسبوع بالمخالفة للقواعد المتبعة.
وكشفت المستندات التى حصلت عليها «البوابة» أن الفساد المالى قد تجاوز كل الحدود، رغم إرسال تقارير إلى الدكتور أحمد محيى القاصد، رئيس أمانة المراكز الطبية المتخصصة بوزارة الصحة تشير إلى أن وحدة زراعة الكبد بالدور الثالث بالمعهد تكلفت حوالى ٥ ملايين جنيه بتجهيزات غير مطابقة للمواصفات ولا لتعليمات مكافحة العدوى ولم تدخل حيز التشغيل حتى الآن.
لم تنته وقائع إهدار المال العام بالمعهد عند هذا الحد، بل اتخذ مدير المعهد قرارا بإنشاء رعاية متوسطة لمرضى القلب دون دراسة وبعد أن تكلفت عدة ملايين من الجنيهات، الحوائط والأرضيات التى تم تركيبها منذ شهور وهدم أربع حجرات بها ٨ أسرة لمرضى القلب المفتوح ونقلهم خارج المستشفى دون مراعاة لحالتهم الحرجة.