الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

إيران.. صداع فى رأس الخليج العربي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رتبت إيران أوراقها جيدًا فى منطقة الخليج العربى، بعد فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية. فإيران تلاعب المملكة العربية السعودية فى أكثر من محور، ربما المحور الغامض وغير المعروف للكثير هو محور إيران ـ البحرين والأخيرة الخاصرة الرخوة فى منطقة الخليج العربى.
إيران رتبت أوراقها فى العراق مرورًا بسوريا ولبنان، وصولًا إلى اليمن فى مقابل تراجع واضح لباقى الدول العربية فى تلك الدول «مصر والجزائر»، ومصر تحديدًا بسبب حالة الانكفاء ٢٥ يناير ٢٠١١ وما أعقبها من سطو جماعة الإخوان على السلطة، أما الجزائر فتم إشغالها بما حصل فى ليبيا ومالى.
نعود إلى الموقف الآن فى الخليج حيث إن إيران استغلت فى السابق مصالحات مع دول الخليج لزيادة تمددها فى المنطقة، وزرع المزيد من الخلايا لها ومنها ما حصل من توافق واضح بين إيران وقطر فى فترة رئاسة أحمدى نجاد، واستطاع وزير خارجية قطر السابق حمد بن جاسم وضع أقدام إيران فى الخليج بشكل واضح، مستفيدًا من علاقته المشبوهة بـ «على لاريجانى» وزير خارجية إيران الأسبق وأيضًا علاقة حمد بن جاسم بفلول تنظيم القاعدة وعدد من قيادات التيارات السلفية، وظهر ذلك واضحًا عندما دفعت قطر بإيران كأحد الداعمين لبعض الشخصيات الشيعية البحرينية ولنمر النمر «أحد القيادات الشيعية السعودية ـ أُعدم العام الماضى».
ورغم محاولات قطر وعمان استرضاء إيران، فإن الأخيرة كانت تندفع فى عملية التعبئة ضد باقى الدول الخليجية ومنها الإمارات العربية المتحدة، التى تحاول إيران من خلال وجود جالية كبيرة داخل الإمارات بناء قاعدة استخبارية لوجستية بهدف إضعاف الإمارات وخلق حالة من البلبلة فى المجتمع الإماراتي، مع العمل بشكل واضح على بقاء احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث «طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبوموسى».
أما الكويت فإن إيران تعتقد وبشكل جازم أن أحد مفاتيح نفاذها إلى الخليج يمر عبر الكويت، ودأبت إيران على خلق المشاكل للكويت من خلال خلايا التجسس الإيرانية والتى آخرها ٢٠١٠، التى رصدتها المخابرات السعودية والإماراتية، والتى تشكلت من ٢٥ شخصًا جمعوا معلومات عسكرية عن بعض الوحدات التابعة لوزارة الدفاع الكويتية، وأماكن ومواقع القواعد والمعسكرات الحربية للجيش الكويتي، والقوات الأمريكية، وصورًا فوتوغرافية وأفلام فيديو ورسومًا توضيحية لبعض تلك المواقع ومعداتها وآلياتها العسكرية، ولبعض المواقع النفطية والحيوية، مستغلين عمل بعض الأعضاء كموظفين عموميين «عسكريين» بوزارة الدفاع.
وقد كشفت التحقيقات عن أن جهاز المخابرات الإيرانى درّب أعضاء الشبكة على صنع المتفجرات واستخدام أجهزة الاتصال اللاسلكى داخل سفارة إيران فى إندونيسيا وأتبعه بتدريب آخر فى مكان تابع لجهاز المخابرات الإيرانى بمنطقة شيراز.
فيما عملت إيران على تشكيل أخطر شبكات التجسس لها فى السعودية التى تهدد أمن وسلامة المنطقة، واتضح من خلال التحقيق مع أعضاء الشبكة، أنهم تواصلوا مباشرة مع قادة من الحرس الثورى الإيرانى فى العراق، وذلك لإنشاء مركز خاص بالطائفة الشيعية فى مكة المكرمة، مع تزايد عددهم بها! كما التقوا مرشد الجمهورية الإيرانية على خامنئي فى إيران، وبحسب الشرق الأوسط، فإن سفارة إيران فى الرياض، وقنصليتها فى جدة، والمندوبية الإيرانية فى منظمة التعاون الإسلامي، شاركت فى عملية التجسس، ودعمت عناصر الشبكة، وسهلت عليهم لقاء جهات عليا فى إيران وأخرى خارجها مثل لبنان وتركيا وماليزيا والصين.
كما قامت المخابرات الإيرانية بصرف مرتبات شهرية لأعضاء الشبكة، فى حين أن محللًا اقتصاديًا يعمل فى أحد البنوك، قام بمساعدتها فى عملية التحايل على العملات، وتحويلها من الريال الإيرانى إلى الريال السعودي.
وقد اتضح من خلال التحقيقات أن الاستخبارات الإيرانية شددت عمليات تجسسها على محافظة الأحساء، حيث عمدت إلى جمع أسماء الرموز المؤثرة فى المحافظة والقطاعات والجهات التى يعملون فيها، وشهاداتهم العلمية، وأرقام هواتفهم، لغرض العمل على تجنيدهم لصالح طهران، إذ تم التأكّد من هذه الأرقام عبر عنصر فى الخلية، يعمل مدير كبار المحاسبين فى إحدى شركات الاتصالات فى السعودية.
والمفارقة العجيبة هى أن السلطات الإيرانية نفت بشكل قاطع أى صلة لها بهذه الشبكة، وذلك فى الوقت الذى أعلن فيه مكتب التحقيقات الفيدرالى الأمريكى أن هؤلاء الجواسيس مسجلون لديه فى الولايات المتحدة الأمريكية كعملاء لإيران!
كشفت بعض التجارب الأمنية والعمليات الاستخبارية الإيرانية فى السنوات السابقة عن إخفاقات كبيرة، لا مجال لإنكارها، وهو ما حدا بالمحافل الأمنية الإيرانية للدعوة إلى تشكيل المزيد من شبكات التجسس فى دول الخليج العربي.
حيث يقدر عدد شبكات التجسس الإيرانية حول العالم بـ ٢٠ ألف شبكة، تشمل مراكز بحثية وثقافية وغيرها من الطرق الملتوية التى تتم تحت تغطيات مختلفة، هذا بالإضافة إلى أن تقريرًا مخابراتيًا غربيًا صدر فى ألمانيا عام ٢٠٠٩ قدر عدد عملاء إيران فى دول مجلس التعاون الخليجى الست وحدها بما يتراوح بين ٢٠٠٠ و٣٠٠٠، غالبيتهم من حزب الله اللبنانى الإرهابي، فيما يمتلك النظام فى طهران نحو ٨٠٠ عميل إيراني، معظمهم يعمل فى السفارات والقنصليات الإيرانية فى الخليج تحت حصانات دبلوماسية، ولا بد لهذا العدد أن يكون قد زاد خلال السنوات السبع الماضية؛ وذلك فى ظل قيام إيران باستغلال اضطراب الأوضاع فى البلاد العربية وتوسيع نشاطها التجسسي. وقد أعلنت دول الخليج العربى اكتشاف شبكات تجسس قامت البعثات الدبلوماسية الإيرانية بتشكيلها: السعودية ٢٠١٣ والكويت ٢٠١٠ و٢٠١٥ والبحرين ٢٠١٠ و٢٠١١ والإمارات ٢٠١٣.
إضافة إلى ما سبق، فإن إيران تستخدم شبكات التجسس الإلكترونية منذ عام ٢٠١٤ على نطاق واسع، وذلك بحسب خبراء أمن الإنترنت، وتستهدف من خلالها مؤسسات أمنية وشخصيات سياسية وعسكرية فى دول الخليج العربى، ولعل أخطر عملية تجسس تعرضت لها السعودية من قبل هاكرز إيرانيين يحملون اسم «the Ajax Security Team» ، ذلك أن ٤٤٪ من الهجمات الإلكترونية التى قامت بها المجموعة الإيرانية استهدفت السعودية، تليها إسرائيل بنسبة ١٤٪، ثم اليمن فى المرتبة الثالثة بنسبة ١١٪.
إن إيران لا تتورع عن محاولة زعزعة استقرار الخليج، وبدا ذلك جليًا فى البحرين والكويت والمملكة العربية السعودية، كما أن طهران تدرك ما عليها القيام به لإصلاح العلاقات، غير أن التقارب بين إيران ودول الخليج يبدو فى الوقت الراهن بعيد المنال، مع تراكم كل تلك الحوادث وازدياد الهوة بين الطرفين اتساعًا.