لا تصدقوا أن الذين خاضوا المعركة القانونية لاتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية وهوية جزيرتى تيران وصنافير وتصدروا المشهد، وخاصة عقب جلسة النطق بالحكم أمام مجلس الدولة ورددوا الهتافات المسيئة لمؤسسات ورموز الدولة المصرية بالقول والإشارة كانت بواعثهم وطنية والهدف هو الدفاع عن أرض وتراب مصر كما أعلنوا وزعموا منذ اللحظة الأولى لتلك المعركة وحتى لحظة النهاية.. فغالبية الذين خاضوا هذه المعركة وتصدروا المشهد معروف هويتهم السياسية الحالية والسابقة خاصة أنهم كانوا يدعمون ويساندون جماعة الإخوان الإرهابية واصطفوا معها فى خندق واحد وفى فندق واحد وهو فيرمونت، والوثائق المعلنة والسرية والتسريبات المعلنة والسرية تكشف حقيقة هذه المجموعة من السياسيين.
فالهدف الحقيقى لهذه المجموعة هو السعى بكل الطرق والوسائل لتوريط الدولة المصرية وإحراج مؤسساتها، ورمز هذه الدولة وهو الرئيس عبدالفتاح السيسى، وخلق أزمة فى العلاقات المصرية- السعودية ومحاولة إظهار العهد الحالى أنه يتنازل ويفرط فى الأرض المصرية رغم العلم واليقين أن هذا العهد هو آخر من يفعل ذلك وهم يعلمون ذلك علم اليقين ولكنها لعبة السياسة وليس الوطنية.
وانتهزت هذه المجموعة خلو الساحة السياسية من رجال ساسة محترفين قادرين على إدارة الصراع السياسى معهم والمعارك السياسية والقانونية، وأن الذين يطلون علينا فى الساحة السياسية سواء من خلال ساحة البرلمان وائتلاف الأغلبية لدعم مصر وأيضا الأحزاب السياسية هم مجموعة من أنصاف الساسة ومن الهواة فى العمل السياسى.
فالمتأمل والمتابع لفعاليات الساحة السياسية فى مصر الآن يلحظ بوضوح أننا لدينا سياسة نمارسها ولكن ليس لدينا ساسة بالمعنى الحقيقى، خاصة لدعم الدولة وإدارة المعارك السياسية لها، وأن الرئيس عبدالفتاح السيسى يتمتع بظهير شعبى قوى ولكنه يفتقد وجود ظهير سياسى قادر على إدارة المعارك السياسية له وساسة قادرين على كسب هذه المعارك.
ومنذ اللحظة الأولى لبدء المعركة السياسية والقانونية لقضية اتفاقية ترسيم الحدود ثبت أن المجموعات السياسية التى تتشدق بأنها داعمة للرئيس السيسى ولمؤسسات الدولة عاجزة عن وضع الخطط البديلة لإدارة هذه المعركة بما فى ذلك توزيع الأدوار وتقويم الوثائق والمستندات المؤيدة لموقف الدولة بل تشكيل هيئة دفاع من المحامين دون الاعتماد على محامى هيئة قضايا الدولة فقط.
فالمعركة الأمنية مع الإرهاب التى يقودها الرئيس السيسى يحقق فيها انتصارات متتالية لأنه يعتمد على إدارة عسكرية وأمنية قادرة على قيادة العمليات ونفس الأمر لمعركة البناء والتنمية والتعمير بينما معارك الرئيس السيسى السياسية الداخلية يخسرها لأنه يفتقد وجود الساسة الذين لديهم الخبرات والقدرة والرؤية لكسب هذه المعارك. فقضية تيران وصنافير بعيدا عن الخوض والتعليق على حكم القضاء تفرض على الرئيس السيسى البدء فى بناء وتشكيل ظهير سياسى دون الاعتماد على المجموعات المتصدرة للمشهد الحالى، سواء داخل مجلس النواب أو خارجه بل البحث عن الساسة المحترفين القادرين على كسب المعارك السياسية.
فقضية تيران وصنافير ليست النهاية لخصوم الرئيس السيسى بل هى البداية لهم لخوض معارك أخرى سياسية ضد الرئيس السيسى ونحن فى العام الثالث لولايته لمصر، وهذه القضية منحتهم قبلة الحياة للعودة من جديد للمشهد السياسى مستغلين غيبة واختفاء الساسة القادرين على مواجهتهم.
فعلى المقربين من الرئيس السيسى أن يصارحوه بتلك الحقيقة، وأن من يعملون بالسياسة حاليا داخل مجلس النواب وخاصة ائتلاف الأغلبية ليسوا من الساسة بل هم فى «kg١ سياسة» وأن رئيسا وطنيا بحجم السيسى يحتاج لفريق من الساسة قادر على إدارة وخوض المعارك السياسية المقبلة والاستفادة من درس معركة تيران وصنافير.