أودعت محكمة جنح مستأنف القاهرة الجديدة
برئاسة المستشار محمد بدة وعضوية أحمد معوض وطارق شيخ العرب، وسكرتارية محمد
المصري، اليوم الخميس، حيثيات حكمها بتأييد حبس المستشار هشام جنينة الرئيس السابق
للجهاز المركزى للمحاسبات، سنة مع إيقاف التنفيذ لمدة ٣ سنوات.
وجاء فى الحيثيات أن المحكمة اطمأنت لأقوال شهود
الواقعة من الموظفين القائمين بإعداد التقرير الخاص بالدراسة التى أقروا جميعا ان
التقارير الصادرة غير منقحة ومدققة، وأن النتيجة لم تصدر برقم إجمالي قيمة
المخالفات فضلًا عن اطمئنان المحكمة لأقوال صحفية الْيَوْمَ السابع ورئيسة قسم
الحوادث بذات الجريدة من أن هشام جنينة أخبرها أن قيمة المخالفات لعام ٢٠١٥ تخطت
٦٠٠ مليار جنيه الذى ثبت للمحكمة من خلال خطاب صادر من رئيس المكتب الفنى بالجهاز
من أن التقارير اللجنة غير مدققة ولم تنته إلى نتائج أو توصيات.
وأضافت المحكمة أنها اطمأنت لما انتهى إليه تحريات
الرقابة الإدارية والأمن الوطنى من أن رئيس الجهاز قصد عمدًا بسوء نية الإدلاء
بالتصريحات، وهو على علم بعدم صحتها وتعمد التأثير على الرأى العام بإعلانه وجود
فساد فى كافة قطاعات الدولة.
وقالت: إن رئيس الجهاز أدلى بعدة بيانات لم تذكر فى التقرير
وعدم قيام أعضاء اللجنة بالتوقيع على تلك التقارير.
وردت المحكمة على دفع جنينة ببطلان
اللجنة المشكلة من رئيس الجمهورية بأن المحكمة رفضت ذلك ولم تعول عليه فى حكمها.
وتابعت المحكمة أنها طالعت أوراق الدعوى ومستنداتها
عن بصر وبصيرة فإن الجريمة استقام الدليل على صحتها وثبوتها فى حق المتهم وتوافرت
الأدلة جميعها قبله وجاء الحكم المستأنَف صحيح ما قضى به من إدانة بالأسباب التى بنى
عليها التى تأخذ بها المحكمة مكملا لتلك الأسباب وتضيف إليه وفقا لما اطمأنت إليه
من شهادة كل من أمين محمد على مسعود ومحمد عمرو بتحقيقات النيابة العامة من قيام
المتهم بإذاعة أخبار كاذبة داخل البلاد وخارجها بأن نشر من خلاله بسوء قصد بعدد
جريدة الْيَوْمَ السابع الصادر بتاريخ ٢٤ ديسمبر ٢٠١٥ تحت عنوان الرئيس المركزى للمحاسبات
فى أخطر تصريحات للجريدة ٦٠٠ مليار جنيه تكلفة الفساد فى ٢٠١٥، وتضمن ذلك التصريح
بيانات حول تكلفة الفساد فى مؤسسات الدولة المصرية على خلاف الحقيقة وهو من شانه
تكدير الأمن والسلم العام وإضعاف الثقة المالية فى الدولية وهيبتها، وما شهدت به
الصحفية باليوم السابع رانيا عامر التى قررت أن المتهم عقب أن قامت بسؤاله عن حجم
الفساد في مصر قرر لها بأنه رقم مرعب لها وللرأى العام وأورد لها أن قيمة تتجاوز
٦٠٠ مليار جنيه عن عام ٢٠١٥ فقط، واستندت المحكمة إلى أقوال ١٥ شاهد إثبات، من
بينهم موظفون فى الجهاز المركزى رئاسة المتهم آنذاك أدانت شهادتهم هشام جنينة.
كما أن المحكمة اطمأنت إلى تحريات هيئة الرقابة
الإدارية التى توصلت لصحة صدور تصريح من المتهم حول تكلفة الفساد بـ٦٠٠ مليار جنيه
فى مصر، وأن ذلك التصريح على خلاف الحقيقة وأن المتهم على علم بعدم صحة ذلك الخبر،
لكنه تعمد نشره بقصد الإضرار بالدولة وإضعاف الثقة فيها لمناهضته نظام الحكم القائم
والسعى للإضراب به ومؤسساته وقد استعان بعضوية داخل الجهاز لتضخيم حجم وقيمة
المخالفات فى التقرير لكونهم أحد المختصين بإعدادها.
أضافت الحيثيات أنه بحسب التحريات فإنه فى أعقاب
اتضاح عدم دقة ذلك الجزء من الدراسة وعدم استناد الأرقام الواردة فيه قامت على إثر
ذلك وزارة التخطيط التى يتبعها مركز إدارة الحوكمة لإعادة الدراسة مرة أخرى إلى
الجهاز المركزى للمحاسبات لتدقيقها وتدعيمها بالتقارير وهو ما استغله المتهم وقام
بالاتفاق مع كل الموظفين بالجهاز محمود عامر ومحمد صلاح الدين عضوى المكتب الفنى للجهاز
على استغلال طلب وزارة التخطيط لعمل دراسة جديدة حول تكاليف الفساد فى حين يتم إدراج
جميع ملاحظات الجهاز، واتفقوا على إنهاء الدراسة وإعداد مؤتمر لإعلان نتيجة
الدراسة والأرقام الواردة فيها باعتبارها أرقاما صحيحة للإيحاء بتقاعسهم الدولة عن
مكافحة الفساد وضياع مبالغ طائلة من المال العام بسبب ذلك التقاعس، والإضرار
بالاقتصاد القومي.
وتوصلت تحرياته أيضا إلى تغيير المدى الزمنى للدراسة
وقصرها على ٢٠١٥ ليتمكنوا من إثارة الرأى العام ضد النظام الحالي، وبتحليل تكلفة
الفساد داخل هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة تجاوز مئات المليارات وذلك بإدراج
وقائع أحيلت إلى جهات التحقيق وصدرت بشأنها أحكام وقرارات وتكرار إدراج مخالفات
أكثر من مرة بمسميات متحالفة لمضاعفة قيمة الضرر المالى وتجميع المبالغ باعتبارها
ناتجة عن فساد رغم إزالة المخالفات المتعلقة بتلك المبالغ.
كما اطمأنت المحكمة لتحريات الأمن الوطنى التى أكدت
صحة قيام المتهم خلال فترة رئاسته للجهاز بالإدلاء بتصريحات غير صحيحة لوسائل الإعلام
حول حجم الفساد على خلاف الحقيقة رغم علمك بعدم انتهاء الجهاز من إعداد التقارير
الخاصة بهذا العام وافتقارها الدقة والتوثيق للمستند الرسمى رغم أنه كان فى مقدرته
التأكد من صحة تلك الوقائع بحكم منصبه الوظيفى إلا أنه لم يقيّم بذلك متعمدا
الإصرار بالمصالح العليا للدولة.
وثبت للمحكمة بناءً على ما تقدم توافر أركان جريمة فى
حق المتهم المتمثل فى الركن المادى وهو نشر خبر كاذب حول حجم الفساد رغم علمه عدم
صحته، كما أمدت الأوراق بما حملته من أدلة تقطع بتوافر القصد الجنائى فى حق المتهم
المتمثل فى سوء القصد، ذلك أيضا أن المتهم أخبر صحفية الْيَوْمَ السابع أن الرقم
مرعب لها وللرأى العام، ورغم ذلك أدلى به وأرسل خطابا إلى رئيس ديوان رئيس الجمهورية
مفاده إرسال الدراسة التى تم إعدادها بناء على طلب وزارة التخطيط فى إطار التنسيق
مع الجهاز، رغم أنه قام مع أعضاء اللجنة بإعداد دراسة جديدة بإطار زمنى آخر يخالف
الإطار الزمنى المتفق عليه مع وزارة التخطيط وفقًا لما أورده بأقواله بتحقيقات
النيابة العامة ولم يخاطب الجهة طالبة التحليف بذلك وعلله بأنه يعمل وفق مفهومه
العلمى ومقررا أن إجراء الدراسة عن وقائع حدثت فى فترات سابقة لا تعبر عن حقيقة
الواقع ما يدل على سوء القصد حال كونه رئيس الجهاز آنذاك وعلى علم بمدى سرية
التقارير والدراسات التى تصدر من الجهاز، حيث إن اللائحة الخاصة بالعاملين بالجهاز
نصت على أن الخطط القومية وتقييم الأداء الاقتصادى والاجتماعى وكذلك الدراسات
الميدانية والتقارير وقعت تحت بندين سرى جدا وسري.
وترى المحكمة أن المتهم بحكم توليه ذلك المنصب على
علم تام ما يسببه ذلك التصريح من إضرار بالمصلحة العامة للبلاد فالمحكمة لا تعول
على إنكار المتهم وإقراره بأن التصريح كان يشمل من عام ٢٠١٢ حتى ٢٠١٥ إزاء ما
اطمأن إليه من أدلة الثبوت سالفة البيان الأمر الذى يستقر فى وجدان المحكمة توافر
أركان تلك الجريمة فى حقه ما يستوجب إدانته، إلا ان المحكمة وفقا لما أناط بها
المشرع من سلطة تقديرية بنص المادتين ٥٥ و٥٦ من أنه عند إصدارها حكما فى جنحة
بغرامة أو حبس لا تزيد مدته على عام أن تأمر فى نفس الحكم بإيقاف تنفيذ العقوبة
وقد منحها سبيلا إلى ذلك بإعطائها سلطة تقديرية فى إبداء أسباب وقف التنفيذ إذ ما
رأت من أخلاق المحكوم عليه أو ماضيه أو سنه أو الظروف التى ارتكب فيها ما يبعث عن
الاعتقاد بأنه لن يعود إلى مخالفة القانون لاحقا، وكان الغاية من ذلك هو التهذيب
والإصلاح والتهديد بعدم العودة طوال مدة إيقاف تنفيذ العقوبة ويجعله حريصا على التزام
القانون حيث إنها تتمثل فى فترة اختبار المحكوم عليه ينبغى أم يكون سلوكه حسنا
خلالها.
وأكدت أنه نظرا لظروف حدوث الواقعة وسن المتهم فإنها
ترى أنه الأنسب القضاء بوقف تنفيذ عقوبة الحبس المقضى بها فقط لمدة ٣ سنوات تبدأ
من تاريخ صدوره الحكم نهائيا باتا والتأييد فيما عدا ذلك.
كانت محكمة جنح القاهرة الجديدة قضت بمعاقبة
"جنينة" بالحبس سنة مع الشغل وغرامة ٢٠ ألف جنيه وكفالة ١٠ آلاف جنيه.