يعتبر القطار "القشاش" هو وسيلة المواصلات السريعة والأرخص مقارنة بوسائل النقل الأخرى، حيث تقصده شريحة كبيرة يوميا من المواطنين نظرا لمروره بكل مراكز ومدن مصر.
تبدأ الرحلة منذ وصول القطار للرصيف والمحمل أيضا بركاب، ليفرغ حمولة ركاب ويحمل ركابا أخرين، فيما ينتظره المئات من الركاب، ليتزاحم الجميع دون نظام ويتدافعون فيما بينهم متجاهلين من يسقط تحت اقدامهم من الفوضي التي أحدثوها، ويتسابقون في القفز داخل القطار دون مراعاة أن بداخل القطار من يود النزول للرصيف، ومن هنا يبدأ السباب والشتائم والمشاجرات، لتنتهي بتحرك القطار، ونظرا لأن القطار ليس له عدد معين من الركاب، فيتزاحمون ليصبح المشهد كعلبة "سلامون"،وتتكدث طرقة القطار حيث لاتسمح بمرور ساق واحدة.
ويأتي شخص يخترق الزحام ويلتصق بمن يمر جانبهم بطرقة القطار المتكدسة بالركاب، حاملا "كولمان" متسخ قليلا وأكواب صغيرة بلاستيكية وينادي الركاب "اللي عاوز شاي،قهوة، مسكافيه، نعناع، ينسون، دفي نفسك يابيه، سلي نفسك ياهانم وبـ2جنيه.
ومن ينتهي من شرب كوبه من الشاي أو النسكافيه،يلقي بمخلفاته إما من نافذة القطار أو يلقي بها تحت قدمه، الأهم ألا تظل عالقة بيده، مع تجاهل أن هذا مرفق عام وجب الحفاظ عليه.
ولو كنت سعيد الحظ وعثرت علي مقعد فارغ وسط الزحام المكثف من الركاب، جانب النافذة لتستريح ساقيك المنهكتين، ستري علي إمتداد شريط السكة الحديد أكوام وأتلال من القمامة مرورا بكل المدن والمراكز بمحافظات مصر، وكأنها بعيدة تماما عن العمران،وليس بها سكانا تلحق بهم الضرر والأمراض مما تسببه القمامة من أوبئة وتلوث للبيئة.
"ولاء" من أسيوط، قالت أنها معتادة السفر لزوجها الذي يعيش ببورسعيد، وتفضل القطار "المميز" نظرا لسرعته التي تختصر الوقت حيث طول المسافة من أسيوط لبورسعيد فضلا عن كون الأجرة موفرة بالنسبة للمواصلات الأخري.
وذكرت هبة من الشرقية، طالبة بكلية الزراعة جامعة عين شمس،أنها تركب القطار كونه أكثر أمانا من الميكروباص أو البيجو، قائلة: عند إضطراري للعودة بالميكروباص أشعر بعدم الأمان خوفا من السائق لكثرة تردد حوادث الإختطاف والإغتصاب، لذا أفضل القطار.
بينما قالت حنان الإيراني، من التل الكبير، مدرس مساعد بكلية الطب أنها تنزعج كثيرا من القطار الذي يطلق عليه "قطار الشعب أو المميز"، نظرا للضوضاء والزحام الشديد لكنها مضطرة أن تسافر به وهو الوسيلة الأسرع والأوفر في مقابل العربات المكيفة والتي تصل أجرتها لـ30 جنية.
وأشارت الإيراني إلي العربات المكيفة الفارغة ذهابا وإيابا لأنها ليست بمقدور الكثير دفع أجر التذكرة خاصة وأنه في سفر يومي، وربما من يركبها من له معرفة بالكمسرية بالقطار وغالبا لايدفع تذكرة.
"محمود فكري" بصوت عالي معترضا علي إهمال المسؤلين لصيانة القطارات الهالكة من ايام الإنجليز، قائلا أن النوافذ والشبابيك لا تغلق مفتوحة ليل مع نهار، وكيف للركاب إحتمال الصقيع في الشتاء القارس البرودة،مؤكدا علي إعياءه بسبب شدة الهواء المندفع من النوافذ.
وقد تجد عدة سيدات يحملن أواني كبيرة بها أسماك وبحريات،يبيعونها في القطار ربما كانت ذاهبة بها للسوق وإختصرت المسافه ببيعها في القطار،متجاهله مياه السمك ذات الرئحة غير المحببة والتي بدورها تلوث ملابس الركاب.
وأثناء عمليات البيع والشراء تأتي حلقة التسول،تشاهد بالقطار ركابا من طراز خاص يمتهنون التسول بالقطار، يأتوك من حيث لاتعلم قبل أن تدخل باقي نقودك التي إشتريت منها شاي أو ربما إبر خياطة ويطلبون نصيبهم ربما بحيلة شراء علبة منديل، أو طلب مباشر "إديني حاجه لله"،دون التعرض لهم أو إيقافهم من هيئة السكة الحديد، هذا وكما ذكر إبراهيم أحد ركاب القطار.
وبعد طول إنتظار ليس لطول المسافة وإنما ماحدث من صفقات بيع وشراء،وضجيج وإنزعاج والتسول،فضلا عن الزحام والوقفة علي الأقدام طول الرحلة وكأنها عقوبة للركاب لكونهم "علي قد الحال"وإختاروا القطار المميز وسيلة لهم للسفر لقضاء مصالحهم،تجدهم يشهقون لحظة وصول القطار للرصيف، ويهنئون بعضهم بـ "حمدالله علي السلامة،أخر محطة".