فى الوقت الذى تضيق
فيه الأحوال، يكون الهجوم فى أشد حالاته ضد الحلقات الضعيفة فى المجتمع، وهكذا هو
حال سيدات مصر، قد يحسبهن الجاهل ضعيفات، وهن عماد هذه الدولة.
يحاول هؤلاء الجهلاء أن يشيعون أن نساء جمهورية مصر
العربية يعشن فى نعيم، هكذا يحاول البعض أن يروج لأكاذيبه، يقول هؤلاء إن المرأة
المصرية لا تعرف قيمة الزوج الذى يحمل نفقاتها ويعولها.
والحقيقة أن لا أحد يذكر أن نفس هذه المرأة إذا ما
دارت الدوائر تعول هى الزوج والأولاد، ولا تتخلى عن دورها فى المنزل، بالإضافة إلى
تحملها أعباء أسرتها.
نحن هنا نتحدث عن نسبة من النساء تتراوح وفق تقديرات
مكتب الأمم المتحدة لشئون المرأة فى جمهورية مصر العربية بين الـ22% والـ26% ووفق
تقديرات الحكومة المصرية حوالى 25% من النساء.
وفي تقديري أن هذه النسبة غير واقعية، إذ إن المرأة
المعيلة تنتمى غالبا للفئات الأفقر، والتى يغيب عن معظم أعمالها التوثيق، بالتالى
يصعب حصر الأعداد الحقيقية للمرأة المعيلة، فالعمل الأقرب للمرأة المعيلة التى ضاق
الحال بها وزوجها إما بسبب المرض أو فقدانه وظيفته هو نموذج عاملات البيوت، وهى
فئة ليست هناك جهة ما حكومية أو غير حكومية قادرة على حصرها أو دعمها أو توعيتها
بحقوقها فى العمل.
أما سيدات الشريحة الأعلى من الطبقة الفقيرة، أو
الدنيا من الطبقة المتوسطة وهن المقصودات فأغلبهن يعملن فى وظائف حكومية أو فى
القطاع الخاص هن وأزواجهن، فيساهمن برواتبهن كاملة أو بقسط كبير منها فى مصروفات
المنزل، ومع الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها جمهورية مصر العربية على مدار
الست سنوات الماضية، صارت بعض النساء عائل المنزل الوحيد بعد فقدان أزواجهن لفرص
عملهم ومصدر رزقهم، ودون كلل أو ملل تكافح المرأة المصرية ليستمر بيت الأسرة
مفتوحا.
والواقع أن كثيرا من السيدات المصريات الفضليات قد
اتجهن لتعلم وممارسة الأعمال اليدوية أو تستغل الموهبة الوحيدة التى نماها المجتمع،
وهى الطهى لتقوم بتحضير وبيع الوجبات للمساهمة فى زيادة دخل الأسرة، وسد
احتياجاتها.
غالبية هؤلاء المكافحات بعد الزواج، قد تنازلن عن
رغبة صادقة عن أغلب حقوقهن فى الزواج، بين أسر أعلنت إلغاء الشبكة الذهب بعد ارتفاع
سعره، وأخرى تتحمل نصف تكاليف الزواج، وفتيات تعملن لتجهيز أنفسهن، وأخريات تنازلن
حتى عن وجود شقة وشبكة، وعشرات من قصص الكفاح التى لا تزيد هؤلاء النساء إلا فخرا
وشرفا.
ورغم كل ذلك تنتشر الآن
على شبكات التواصل الاجتماعي بعض صور السخرية من الفتاة المصرية بعد ارتفاع تكلفة
الزواج بشكل لم يسبق له مثيل وعقد المقارنة بين التزامات الشاب والشابة.
الحقيقة المرة أن هذه النظرة الدونية للمرأة المصرية
تجاوزها الزمن، وحقائق اجتماعية واقتصادية، ويجب أن يعي المجتمع الذكوري في
جمهورية مصر العربية أنه قد آن الأوان لمراجعة المواقف واستيعاب الحقائق التي لا
أرى لها مبررا واحدا يدعم حالة الهجوم بجمل جاهزة وغير منطقية على سيدات مصر
وبناتها، على غرار الجمل التى اعتاد المتأسلمون التشدق بها مثل "العراء هو
سبب الغلاء ".
وخلاصة الأمر، فإنني أدعو إلى ضرورة الانحياز للمرأة
المصرية العظيمة بشكل فعلي والعمل على إيقاف كل ممارسات التنكيل بالمرأة المصرية
التى انحازت على مدى تاريخ هذه الأمة سواء كانت عائلة لأسرتها، أو يعولها زوجها، مهما
كان ما تكبدته من عناء ومشاقة، كما أنه من ناحية أخرى لا يمكننا أن ننسى دورها
العظيم في تصديها لما يهدد سلامة الوطن وحمايته بكل شجاعة.