الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

بعد عمله كمدير شركة أجهزة طبية في ألمانيا لمدة 20 عامًا.. علاء الشريف رسام على رصيف الجامعة.. ويؤكد: أي وظيفة مهما كانت مرموقة لها نهاية.. وتربية المصريين لأبنائهم سبب فيما نحن فيه

الرسام علاء الشريف
الرسام علاء الشريف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يقول الكاتب روبرت كيوساكي: "مهما ارتقيت في وظائف مرموقة، فسيأتي اليوم الذي تصبح فيه عجوزًا بلا فائدة، بل ووجب تغييرك"، محاولًا إقناع الجميع بأنه مهما تدرجت في الوظائف سيأتي يوم ويأخذ آخرون مكانك، وهو ما حاول علاء الشريف اتباعه من خلال قصته التي يرويها لـ "البوابة نيوز" حيث يستهل حديثه: "سافرت ألمانيا وكنت هناك مدير شركة تتحكم في مئات الموظفين لمدة 20 سنة ولكن لما ضاعت الفلوس لقيت نفسي في الشارع، فتأكدت أنه مهما كنت في وظيفة مرموقة هييجي اليوم اللي أكون فيه في الشارع.. وعشان كده أنا دلوقتي رسام في الشارع لما أدعوه (فن المستقبل)".
بدأت قصة علاء عندما كان في العشرين من عمره، وتخرج في المعهد الفني التجاري، وبعد مشقة البحث عن عمل بالقاهرة، واتباعًا لموضة السفر وقتها بين الشباب سافرت إلى ألمانيا، وبعد فترة "معافرة" طويلة الحمد لله نجحت في الظفر بوظيفة في إحدى شركات الخدمات الطبية، وتدرجت سريعًا في الدرجات الوظيفية، حتى أصبحت مديرا تنفيذيا للشركة، ومكثت على هذه الحال 20 عامًا، أقضي أفضل الأوقات في مدينة "بون" الألمانية.
وكحال كل الشركات في العالم، وبعد الأزمة العالمية التي حلت بالاقتصاد العالمي، الذي أطاح بالكبير قبل الصغير، أفلست الشركة وتمت تصفية كل العمالة، وفجأة نفدت فلوسي وقررت العودة إلى مصر كما سافرت منها على فيض كريم، لأبدأ حياتي من جديد، وللأسف ضاق بي الحال في القاهرة، وقررت استغلال اللغة الألمانية التي أجيدها، وسافرت إلى البحر الأحمر، للعمل بالسياحة، ولم أنجح هناك نتيجة لما أسموه "ضرب السياحة في مصر" فلم يعد هناك سياح كما كان في السابق، واستغرقت سنة كاملة حتى تيقنت أنه لا سبيل لأي لقمة عيش هناك.
ويتابع: لم أيأس وقررت الذهاب إلى مدينة "دهب" وبدأت استغلال موهبة الرسم التي أمتلكها منذ أيام الدراسة، في محاولة مني للهروب من الاكتئاب الذي انتابني، فبعد أن كنت مدير كبرى الشركات، أصبحت فقيرًا لا أستطيع تحصيل قوت يومي، حتى قررت الاعتماد على ذراعي وموهبتي من خلال مشروع خاص دون انتظار أي شيء من الدولة، خاصة في هذا التوقيت الحرج.
بدأت في متابعة الفنون في العالم وتطوير ما أفعله حتى توصلت إلى استخدام الأشكال الطبيعية من خلال الرسوم والخطوط الهندسية، وهو ما أطلقت عليه "فن المستقبل" نظرًا لأنني أرى فيها الأشكال العادية ولكن مع التخطيط الهندسي المُحكم تركيبه، والحمد لله العجلة ماشية وأجد ما يسترني ولكن بصعوبة بالغة.
ويتحدث عن فنه قائلًا: أعتقد أن دراسة الشباب نتجت عن أن فكرة الفن المطلق غير محبذ لديهم، ولكن استخدام الألوان المبهجة يمكن أن تنجح معهم، خاصة مع إدخال بعض الأشكال الفلكلورية كـ "كف اليد" مثلا، وهو ما حاولت فعله، والحمد نجح مع طلاب الجامعة، فأنا أفترش سور جامعة القاهرة، ويرى الطلاب شغلي في "الرايحة والجاية" ويرسل الله لي رزقي وكل شيء ماشي ببركة العمل.
ويمسك علاء على قبضة يده قائلًا: الرجل الآن من لا ينتظر من الدولة وظيفة أو إعانة، الرجل الحقيقي هو من يحفر بحثًا عن رزقه بيده، دون انتظار المكتب أو حتى الوظيفة، وهو أمر يحتاج إلى تأهيل وتربية، وللأسف كلنا هنا في مصر نحاول الزج بأبنائنا في كلية الشرطة فقط لأنها لا ترهق الولد في البحث عن وظيفة بعد الكلية، على الرغم من أن ضباط الشرطة يواجهون الموت كل يوم، فنحن نتقدم إلى كليات تابعة لهيئة البريد ككلية التجارة بريد مثلا أو المعهد الفني الصحي فقط لأنه يقدم وظيفة، كلنا نبحث عن الراحة، البحث عن وظيفة حكومية من أجل الراحة أصبح "هوس"، وطبعًا شعب يفكر بتلك الطريقة لا يمكنه تحدي أي شيء حتى شهواته ونفسه، فسياسة المشروعات الخاصة الصغيرة ستقي المجتمع من أمراض اجتماعية جمة كالتحرش والفساد الحكومي وغيره، وسنظل كذلك حتى يعلم الجميع أن رسام الشارع أفضل بكثير من موظف ينام على مكتبه ويقول "فوت علينا بكره".
ويعود علاء ليقول: هذا لا يعني أن العمل الخاص عامة وفي الشارع خاصة ليس به أي مصاعب، فأنا مثلا أحصل في الشهر قرابة من 300: 400 جنيه، ولكنني مستور، وهو قرابة ما يستر رجل في سني وربنا يبارك في صحتي وأستمر في العمل وأنجح في تكبير المشروع، وأنجح في تطوير الأشكال الهندسية وأدمجها بأكثر من الأشكال الحقيقية حتى أقدم فني للناس وللعالم أجمع.