منذ أكثر من (١٤٠٠) عام تتعرض الأمة إلى الفتن والمؤامرات وصناعة وتقوية الخوارج، ويأبى الله إلا أن يُتم نوره وينصر دينه.. ونعيش فى تلك الفترة أشد وأقسى الحروب على أمتنا، والتى تحتاج منا التكاتف والتآلف والبعد عن الصغائر لإعلاء المصلحة الكبرى.. وألا نترك المجال لمزيد من التشتت والتشرذم لمصلحة أعدائنا الذين دأبوا على خلخلة الأمة بعد انتصارنا فى حرب أكتوبر (١٩٧٣) كأمة واحدة استطاعت أن تُملى إرادتها بوحدتها، مما جعل الأعداء يتفرغون لبحث ودراسة كيف لا يحدث ذلك مرة أخرى، ونجحوا فى زراعة الفتنة بين العراق والكويت بعد إنهاك الجيش العراقى فى الحرب مع إيران، ثم توالت ضرباتهم بالتهام العراق، ثم صناعة السخط والضيق والبغض بين الشعوب العربية وحكامهم، تمهيدًا لطاعون الثورات التى كادت أن تنجح فى القضاء على الأمة العربية ككل.. وما زلنا نحاول الصمود أمام ضرباتهم ومؤامراتهم وحيلهم التى لا تنتهى.. وهو ما يستوجب استيقاظ الأمة من غفوتها وأن يجاهد حكامنا بأنفسهم لحماية الوطن العربى.. فهم يأخذوننا فرادى وبالتوالى والتوازى بلا خشية من فضح مؤامراتهم، والتى نراها ونقرأها فى وثائقهم كل يوم وكأن على أبصارنا غشاوة!!.. بل ويتهكم ويتندر البعض من كلمة مؤامرة أساسًا!!.. لن يقف أمام ما يحدث إلا وحدتنا.. ولا أعلم إلى متى ستظل جامعة الدول العربية بهذا الضعف والتهاون؟!.. فقد تراقصت قلوبنا فرحًا بتولى السيد وزير الخارجية الأسبق/أحمد أبو الغيظ أمانة الجامعة العربية لعلمنا بوطنيته وعلمه وإدراكه لخطورة المرحلة، ولكن حتى الآن لم تقف الجامعة على قدميها وتنتفض لما يحدث فى بلداننا العربية من تجاوزات البعض فى حق البعض أو التآمر أو زراعة الفتن، وهو ما يستوجب مراجعات الأنفس وإيقاظ الضمائر لإنقاذ مصائر شعوبنا جمعاء.. ورغم ما يحدث لمصر منذ (٢٠١١) إلا أن وقفة المملكة العربية السعودية ودول الخليج ساعدتنا فى تجاوز العديد من المحن، ويعى حكامنا جيدًا ضرورة التلاحم والتعاون ووضع الاستراتيجيات التى تساعدنا لتخطى مرارة الأيام.. وخاصة وقد زاد اشتعال الفتن بين مصر والسعودية وبث الضغينة والأحقاد فيما بينهما فى الآونة الأخيرة نتيجة لاختلاف الرؤى حول العديد من القضايا.. رغم الوئام بين الشقيقتين بعد (٣٠ يونيو) وموقف المملكة الذى لا يُنسى، ومساندة جلالة الملك عبد الله بن عبدالعزيز، ووزير الخارجية الأمير سعود الفيصل رحمهما الله أثناء إسقاط حكم الإخوان، وحربنا ضد الجماعة الإرهابية ودعم الغرب لهم.. ولولا وقفة جلالة الملك بكل قوة وشهامة وعروبة لا نعلم كيف كان حالنا الآن.. ونحن كشعب نعلم ذلك جيدا ونقدره وسنقدره ما دام الدهر.. ولن ننزلق إلى معاداة المملكة وحكامها، فنحن نعشق تراب المملكة وتهفو نفوسنا إلى زيارة أرضها الطاهرة.. وتتعلق أرواحنا بها ونعلم حبهم لنا كمصر ومصريين.. ولكن يجب أن نتعلم كيف لا يفسد كل منا علاقته بالآخر رغم الاختلافات، فما يربطنا أقوى وأعمق.. وعلينا أن نتعلم من الماضى، فقد سبق أثناء حكم الرئيس عبد الناصر وأثناء وبعد حرب اليمن عام (١٩٦٢) حدوث توتر حاد فى العلاقات بين البلدين، وللأسف لم نتعامل معه بحكمة، بل قمنا بتعميق الخلاف، وحدث تطاول غير مقبول من الرئيس والإعلام المصريين.. ورغم ذلك بعد نكسة (١٩٦٧) أرسل الملك فيصل المعونات العاجلة لمصر دون طلب من الرئيس عبد الناصر.. فقد ترفع جلالة الملك عن الصغائر، ولم يعتبر أن انكسارنا مجالا للتشفى والانتقام..قدم المساعدات بكل الحب ولم يلتفت إلى الخلف والأمة فى محنة.. أكتب ذلك وأنا أناشد الرئيس السيسى وجلالة الملك سلمان برأب الصدع وعقد قمة عربية عاجلة يحاولان فيها التجاوز عن أى خلافات بين الدول العربية مهما كبرت أو صغرت.. على الزعيمين أن يُضمدا الجراح، وأن نقف ولو لمرة واحدة لصالح الأمة العربية.. فالصمود والنصر للجميع أو السقوط والضياع للجميع.. فقد استطاعوا انهاكنا بتفرقتنا رغم قوتنا العسكرية والاقتصادية والعددية، ولو قدر لنا التوحد رغم ما مر بنا فسنستعيد القوة والكرامة والكبرياء والشموخ العربى.. كما أناشد السادة الإعلاميين التوقف فورًا عن التجاوز فى حق السعودية، حتى وإن تجاوز البعض فى الطرف الآخر، فما يؤلمهم يؤلمنا كشعب ورئيس.. وقد حثنا رئيسنا على عفة اللسان والقلم.. التطاول يقلل منا ويزيد نيران الفتن والأحقاد.. علينا أن نمتص غضب أشقائنا السعوديين، وأن نعلم أنهم مستهدفون، والجبناء يعملون على قدم وساق لإسقاط المملكة لا قدر الله، ولا أرانا فيهم مكروها أبد الدهر.. اتركوا الرئيس يتعامل بخبرته واتزانه فى معالجة أى اختلاف فى وجهات النظر ولا نفسر كل فعل بما يزيد الخلاف والتوتر.. مصر كبيرة ولا يجب أن يقزمها إعلاميوها بهذا الشكل.. علينا أن نراعى ضمائرنا ونتذكر ما يؤلف قلوبنا بالمواقف النبيلة التى قام بها كل منا مع الآخر.. فنحن فى مركب واحد، وكما قال الأمير الراحل سعود الفيصل للدول الغربية بعد تهديدهم بقطع المساعدات عن مصر عقب ٣٠ يونيو: «لتعلم كل الدول التى تتخذ هذه المواقف السلبية تجاه مصر بأن الخراب لن يقتصر على مصر وحدها بل سينعكس على كل من ساهم أو وقف مع ما ينالها من مشاكل وإضطرابات تجرى على أرضها».. وبالمثل السعودية التى لن نستغنى عنها فهى وطننا الساكن فى القلوب.. نتذكر مآثرهم وستظل مصر أرض الكنانة والعروبة الحضن الآمن والسكن والسكينة لكل العرب.
آراء حرة
بيننا وبين السعودية حبل سري
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق