السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

"انكسار طفل".. الاعتداء الجنسي يطارد البراعم.. 66 حالة خلال ثلاثة أشهر.. علم النفس: ظاهرة مرضية.. وعلم الاجتماع: غياب الرادع يضاعف الخطورة

انكسار طفل
"انكسار طفل"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ماذا يحدث؟ السؤال هنا يشير إلى قلق، والقلق هنا يخص الأطفال والبراعم الذين فجأة وبلا سابق إنذار سقطوا في مصيدة الاضطهاد والعنف والانكسار والاعتداء الجنسي، القضية غاية في الخطورة والوضع تحول إلى ظاهرة، وكارثة محدقة تستحق من أن ندق كل أجراس الخطر صارخين:" الحقوووووهم". 
الأرقام من واقع صفحات الحوادث تشير إلى أن 66 حالة اعتداء جنسي على الأطفال وقعت خلال ثلاثة أشهر، و40 حالة تعذيب خلال شهرين، معظمها حوادث صاخبة ودموية. 
قبل أيام، فتح الإعلام مجددا النار على ظاهرة تعذيب الأطفال والتي استشرت في "دور الأيتام"، ورغم قسوتها وقد يمكن تفسيرها وليس تبريرها بالطبع، بأن سببها غياب الوعي من قبل موظفين غير مدربين على التعامل مع الأطفال، إلا أن ما لا يمكن تفسيره أو تبريره هو تعذيب الآباء والأمهات لأبنائهم بسبب أو بدون سبب. 

جاءت تفاصيل الحالة الأخيرة والغريبة في مدينة بلقاس بالدقهلية، حيث عمد أب " سائق" بتكبيل ابنه "عطا" 7 سنوات بالسلاسل وربطه بالأقفال الحديدية بالسور الحديدي للسلم أمام شقته، وتم القبض على الأب وإحالته إلى النيابة للتحقيق معه، وسط ذهول ملايين المصريين جراء قسوة الأب واختفاء مشاعر الحب والحنان من قلبه تجاه ابنه..
وعبرت "راوية عبدالناصر" مدرسة عن غرابة الحادث قائلة: إنه "مش ممكن يكون أب لو يعمل في ابنه كده، ده يتسجن أقل عقاب له، معقول مفيش حنية ولا رحمة. !".
وقالت "كريمة مصطفى" ربة منزل: إن الأب إذا لم يعطف ويرحم أولاده "مين يرحمهم"، وغيرها من التعليقات الاستنكارية، ومنها إلى ساحة علم النفس طرحنا القضية للتحليل. 
بداية وصف د. "محمد سمير عبدالفتاح" خبير علم النفس، بأن هذا الحادث حتى ولو لم يتم رصد حوادث أخرى غيره بأنه ظاهرة، رغم أن هناك مدارس في علم النفس لا تعتبر السلوك أو الحدث ظاهرة إلا إذا تفشى وانتشر بشكل كبير، لكن هناك مدارس أخرى تعتبر الحدث الواحد الذي يظهر لأول مرة ظاهرة لأنه نادر الحدوث في المجتمع أو البيئة، وظهور حالة تعذيب كتلك لا ينبغي أن تظهر في مجتمع متماسك كالمجتمع المصري بما له من قيم دينية وأخلاقية تلتزم جميعها برعاية الأطفال والعطف عليهم واللين في تربيتهم، فمدرسة بيت النبوة أكدت على أن ملاحظة التطورات الداخلية التي تحدث في المجتمع أمر ضروري في التربية مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم عن الأبناء "خلقوا لزمان غير زمانكم، فعاملوهم بزمانهم لا بزمانكم". 
وأضاف أستاذ علم النفس، أن هذ السلوك الشاذ يجب أن يقابل بخطوات أكثر جدية من قبل جميع مؤسسات المجتمع لأننا أصبحنا نستسهل التقليد وأي سلوك جديد ينتشر بسرعة حتى من باب التجريب، وتابع " يجب سن قوانين أشد ورادعة "، كما ينبغي أن تمارس المؤسسات الدينية كالمسجد والكنيسة دورها التوعوي بحقوق الأبناء على الآباء، وكذلك الإعلام يجب أن يركز على تلك السلوكيات ويشن عليها حربا لا هوادة فيها حتى تختفي من حياتنا لأنها موجودة بكل تأكيد ولا يظهر منها على السطح إلا القليل وبالصدفة، وقال انه في أغلب الأحيان لا يمتلك الطفل السلطة أو الشجاعة للتبليغ عن الأب أو الأم أو ربما خاف من العقاب أو الطرد من البيت نهائيا، مشيرا إلى وجود تقصير في دور المؤسسات التي تختص بقضايا الطفل مثل المجلس القومي للأمومة والطفولة وغيرها مما ترتبط بتربية الأطفال.

وكشفت د. "سامية خضر" أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن جميع حوادث العنف الأسري في المجتمع المصري ترجع إلى غياب الوعي بقيمة الفرد وأن الطفل له حقوق ويجب بناء شخصيته على نحو جيد؛ لأنه ينتظر منه أن يصبح عضوا منتجا، لكن ما يحدث أن الأب والأم يتعاملان مع الطفل على أنه ملكية خاصة يتعامل معه على النحو الذي يريد "بمزاجه" دون مراعاة لأي شروط أو مقومات نفسية أو اجتماعية، ضاربة المثل بتربية الأطفال في المجتمع الغربي حيث يتم توعية الأم بدورات منذ لحظة الحمل، ثم بعد ذلك حملات تفتيش ومتابعة للتأكد من سلامة التربية وعدم وجود مشاكل أو عنف داخل لأسرة. 
وطالبت "خضر" وسائل الإعلام بالتركيز على تلك السلوكيات وكشفها للقضاء عليها وهي في مهدها قبل أن تستفحل، مناشدة المجتمع مؤسسات ذات الصلة بالمرأة والطفل لبذل المزيد من الجهد ووضع برامج توعية ومراقبة لطريقة تربية الأبناء، والتوعية بأهميتهم وعدم التعامل معهم على أنهم كم مهمل.