أثار المقال السباق عددا من الملاحظات لبعض الأساتذة والزملاء وأيضا مجموعة من القراء الأفاضل وأعد الجميع بأننى سوف أرد على أسئلتهم واستفسارتهم وملاحظاتهم فى مقال منفصل أضع فيه مجموعة جديدة من الأفكار حول أولويات رئاسة ترامب للولايات المتحدة الأمريكية ، واستكمالا لما سبق فإن أمريكا لن تغير سياستها تجاه العراق بل سيزداد الوضع صعوبة مع كل ما قدمته إدارة أوباما من أخطاء متوالية فى العراق، أميركا أوباما قامت بدورها فى العراق خلال ولايتيه الرئاسيّتين.
لكن ترامب المدجج بتجار السلاح وشركات البترول ستقف طويلا أمام تقديم مساعدات عسكرية مباشرة للعراق فهى تريد للحرب هناك أن تستمر فالعراق ثانى أكبر احتياطى نفطى فى العالم وربما الأول ببعض التقديرات غير الرسمية وترامب يحتاج نفط العراق ولا مناص له من الاستحواذ على البترول العراقى إلا فى حالة بقاء الأمور داخليا فى العراق غير مستقر مع ضمان عدم اشتعال حرب أهلية بين السنة والشيعة والتى أضحت صعبة فى مقابل قيام حرب شيعية مؤجلة من طرف إيران .
تواجه إدارة ترامب مشاكل العراق الداخلية بنفس طريقة إدارة أوباما من حيث دعم القيادات التى جاءت بعد عام ٢٠٠٣ تاريخ احتلال العراق مع محاولة جذب بعض ضباط الجيش العراقى كما سيحاول ترامب اللعب بورقة السنة العراقيين فهو يرى أنهم ظلموا من سالفه بوش الابن لكن بشروط محددة وهى لا تحالف سنى عراقى بين السعودية من جهة وتركيا من جهة أخرى مع قبول تحالفهم مع مصر .
سيعيد وزير الدفاع جيمس ماتيوس قيام القوات على الأرض مع قيام تحالف الـ ٦٥ دولة المشاركة فى الحرب ضد داعش كما سيتم زيادة فعالية القوات الأمريكية الموكل إليها تدريب عناصر الجيش العراقى .
لن يقبل ترامب بوجود ما يسمى بالحشد الشعبى العراقى وسيكون عقبة كبيرة لإدارته بسبب شبهات تعاونه مع إيران مع إمكانية تمدد قوة الحشد إلى خارج الحدود العراقية ( سوريا ، اليمن ) لكنه سيقبل به كلاعب فى محاربة تنظيم داعش ولو لفترة محددة.
وهذا كله سيزيد من الفاتورة النفطية التى سيدفعها العراقيون لإدارة ترامب حيث تتوقع إدارة الرئيس الجديد أن يدفع العراق نحو ٧ مليارات دولار سنويا نظير الاستفادة من الدعم الجوى واللوجيستى الذى يحصلون عليه .
أما فى الملف التركى الأمريكى فإن إدارة ترامب ترى أن تركيا كحليف مزعج لروسيا لا بد أن يعاد تقيم العلاقة معها خصوصا مع تنامى الدور الروسى فى أوربا ودعوات زيادة العقوبات المفروضة على بوتن بسبب جزيرة القرم ومن المتوقع أن يحصل صدام ماتيس و اللفتنانت جنرال المتقاعد مايكل فلين الذى اختير لشغل منصب مستشار الأمن القومى والذى كانت تربطه علاقات أكثر دفئا بحكومة بوتين وكذلك مع ريكس تيلرسون المرشح لمنصب وزير الخارجية الذى كانت له علاقات واسعة فى مجال الأعمال مع روسيا بصفته رئيسا تنفيذيا لشركة إكسون موبيل.
وهذه المنكفات المتوقعة ستؤدى بالضرورة إلى شكل جديد ومختلف من العلاقات الاستراتيجية بين واشنطن و تركيا وظهر هذا واضحا من خلال رسائل أنقرة حول دعم أمريكا لقوات حماية الشعب الكردى والتى يرى فيها ترامب أنها قوات شجاعة ومهمة فى عملية القضاء على تنظيم داعش وهى نقطة خلاف جوهرية فى شكل العلاقة الجديدة بين الدولتين .
على الجانب الآخر يظل موضوع تسليم المعارض التركى فتح الله غولن إحدي النقاط المهمة التى تخيّم على مسار العلاقات التركية الأمريكية فى الوقت الحالي، فأمريكا لن تسلم غولن لتركيا بقرار سياسي، بل بقرار حقوقى يصدر من القضاء الأمريكي، وهذا يُشير إلى أن العلاقات الأمريكية التركية سيطغى عليها التفاوض النشط لفترة من الزمن. تبقى العقبة الكداء أمام ترامب وهى القضية الفلسطينية فعلى الرغم من تصريحات الرئيس أثناء حملته الانتخابية حول اعترافه بأن القدس هى العاصمة الوحيدة والحقيقية لإسرائيل وهو التصريح الواضح والوحيد من أى رئيس أمريكى ينم على سياسة واضحة أنه لا مجال لحل الدولتين فى الوقات الراهن مع سيطرة اللوبى اليهودى على الحياة السياسية فى الولايات المتحدة .
وسنشهد دعما واضحا لبناء المستوطنات رغم القرار الأخير كما سنشهد وبالتأكيد حربا جديدة تشنها إسرائيل على غزة والجنوب اللبناني
تظل عين الرئيس دونالد ترامب لنفط الخليج العربى فهو يرى أن السعودية يجب أن تدفع تكلفة اشتعال المنطقة، ولمح ترامب فى حوار مع صحيفة «نيويورك تايمز» إلى «إمكانية» التوقف عن شراء النفط من دول مثل السعودية فى حال لم تقم بنشر قوات برية فى المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية أو أن تدفع للولايات المتحدة مستحقاتها لدورها فى الحرب
كما يرى ترامب فى كل من قطر والكويت والبحرين مصادر مهمة فى دفع تكلفة الحرب ضد داعش وحمايتها وباقى دول الخليج من الخطر الإيرانى وربما هذه هى إحدى أسباب حزن قطر من فوز ترامب لأنه بالنهاية يرى أن الإسلام السياسى المدعوم من قطر وبعض رجال الأعمال الخليجيين لا يقل خطورة عن تنظيم داعش، يبقى النظر نحو ليبيا كقوة نفطية معوضة لأمريكا عن تراجعها فى عهد أوباما لصالح إيطاليا وفرنسا .
يبقى إذا أمام المنطقة العربية مشهد مقبل من سياسة أمريكية لا تقل تخبطا عن سالفتها فى عهد الرئيس أوباما أو سلفه بوش الابن ، ففى نهاية المطاف أمريكا تحصد أرواح العرب وأموالهم .