فى تعليق ساخر يقطر مرارة على صفحته بالفيس بوك، كتب الدكتور محمد دوير «أنا باعتبر نفسى من الطبقة المتوسطة، يعنى ضامن أساسيات الحياة، أقسم بالله بيتى ما فيه نقطة زيت ولا حبة أرز، دا معناه إيه؟».
معناه طبعا إعلان وفاة الطبقة المتوسطة يا دكتور الفلسفة والكارثة أن ربة البيت من أعمدة الأساتذة فى كلية الآداب أما العائلتان فهما من أشرف من أنجبت مصر.
لكن لك أن تتصور كيف أضحى أصحاب من يبحثون عن الستر من تلك الطبقة التى طالما حافظت على وحدة مصر دون الكلام عن المسلمين والمسيحيين أنها تحافظ على المجتمع من الانهيار.
أبويا كان تحت تلك الطبقة.
كان يبغى تعليمنا لرفعنا وننطلق بعد التعليم إلى طبقة أخرى عاش عمره يعمل دون جدوى، كان أبى عاملا محترفا ليس له مثيل فى أى ورشة نجارة اقتطع من قوت حياته حتى يعلم إخواته، وعندما تزوج أصبح همه أن يتخرج كل هؤلاء فى الحياة دون المعاناة التى عاشها.
تخرج أخوه فى كلية التربية البدنية، والآخر تخرج وعمل بالترسانة صانعة السفن أيام الانتصار، والثالث كان من جنود البحرية المصرية.
وبقى أولاده الأول من أجله قدم أوراقه إلى كلية الشرطة حتى يحقق حلمه، لكن بالطبع فى كشف الهيئة سقط دون الواسطة مع نخبة من أبناء الوطن الذين يشار لهم الآن بالبنان، عصام مسعد فتح الله كبير رجال أعمال الإسكندرية، مجدى سيف الدين كبير خبراء البنوك والمصارف، مجدى السيد تهتز له بورصة اللحوم، الكل عبروا كل الامتحانات الطبى والنفسى والرياضى، لكن لم يكن أحد يملك وقتها كارت دخول المملكة لكننا فرحنا بدخول أحد الزملاء وكانت الواسطة مكتب وزير الداخلية كم فرحت وكم بكيت طويلا يوم ودعته ضابطا كبيرا شهيدا سقط واقفا أسدا من بحرى إسكندرية أمام إرهاب الظلام.
لكن يبقى حلم الطبقة المتوسطة والحاج رشدى قائمًا، علم العيال، ثلاثة بكالوريس تجارة والفالحة ليسانس حقوق لكن العيال لم يكتفوا، الأول قرر أن يعطى له أعلى مراتب العلم، أن يحصل على الدكتوراه فى التاريخ الاقتصادى ويصدر كتابا تحتل مقدمته اسمه رشدى، والثانى يكتفى بالبكالوريوس ويعمل بالتجارة، والثالث لا يكتفى ويحمل معه شهادتين فى التجارة وإدارة الأعمال، أما الفالحة فقد اختارت القانون وتخرجت فى كلية الحقوق لكنها اختارت العائلة فوق المهنة.
والآن هل من حلم لتلك الطبقة المتوسطة فى الحياة شكرا للرب رحيل الحاج رشدى بعد ما فعله ظنا منه أنه يقدم للوطن خير أبنائه، لكن فعلا شكرا للرب رحيل الحاج رشدى قبل أن يقرأ ما تقوله الإحصائيات العالمية عن الأوضاع فى مصر.
فقد شهدت مصر أكبر تراجع للطبقة المتوسطة على مستوى العالم منذ بداية الألفية وحتى العام الماضي، بحسب بيانات بنك كريدى سويس المتخصص فى تقدير الثروات، والتى نشرها الأستاذ محمود نجم فى موقع أصوات مصرية، وتبدو هذه الطبقة معرضة لمزيد من التدمير نتيجة الإجراءات التى تبنتها الحكومة هذا العام فى إطار برنامج «الإصلاح الاقتصادى الجرىء»، وحصلت بموجبه على مجموعة من القروض الدولية.
تقلصت الطبقة المتوسطة فى مصر بأكثر من ٤٨٪، لينخفض عددها من ٥.٧ مليون شخص بالغ فى عام ٢٠٠٠، إلى ٢.٩ مليون بالغ فى ٢٠١٥، يمثلون الآن ٥٪ فقط من إجمالى البالغين، ويستحوذون على ربع ثروة المصريين، بحسب كريدى سويس.
وكانت الحكومة أعلنت خلال العام الجارى عن مجموعة من القرارات الاقتصادية التى تمس مستوى معيشة المواطنين بشكل مباشر، بداية من زيادة أسعار الكهرباء فى أغسطس الماضي، ثم فرض ضريبة القيمة المضافة على السلع والخدمات بنسبة ١٣٪ فى سبتمبر، بدلًا من ضريبة المبيعات التى بلغت ١٠٪.
كما شهد نفس العام إعلان البنك المركزى عن تعويم الجنيه بشكل كامل فى ٣ نوفمبر، لتنخفض قيمة العملة المحلية للنصف تقريبا، ثم أعلنت الحكومة بعدها بساعات زيادة أسعار الوقود بنسب تتراوح بين ٧.١٪ و٨٧.٥٪.
وتنافس مصر على صدارة العالم فى تدمير الطبقة المتوسطة ٤ دول، وهى الأرجنتين واليونان وروسيا وتركيا، بحسب تقرير كريدى سويس، لكن معدلات تآكل الطبقة المتوسطة فى الدول الأربع ما زالت بعيدة عن الحالة المصرية، بفارق ملحوظ يصعب تضييقه خاصة بعد الإجراءات الأخيرة.
ويُعرف كريدى سويس الطبقة المتوسطة بأنها الطبقة التى تمتلك من الأصول ما يجعلها صامدة أمام التغيرات الاقتصادية، وهى مُعرضة بشكل أقل لخطر الفقر، وفى الحالة المصرية فإن أعضاء نادى الطبقة المتوسطة هم الذين تتراوح ثرواتهم بين ١٤.٥ ألف دولار و١٤٥ ألف دولار، وفقا لأسعار الدولار فى ٢٠١٥.
وتتوزع الثروات المشار إليها بين أصول مالية، كالأسهم والسندات والأرصدة البنكية وما شابهها، وأصول غير مالية مثل المنازل والأصول الإنتاجية وغير الإنتاجية.
ووفقا للمؤسسة الدولية، فإن تراجع ثروات الطبقة المتوسطة خلال السنوات الأخيرة يعود إلى انخفاض سعر صرف العملة المحلية وتراجع قيمة الأصول المالية وغير المالية لهذه الطبقة.
ومع حدوث الموجة التضخمية المرتقبة، يتوقع الخبراء أن تكون أوضاع الطبقة المتوسطة «فى غاية الصعوبة» خلال الأعوام الثلاثة القادمة، وأن تنحسر تلك الطبقة خلال العامين المقبلين، وأن يهبط جزء منها إلى أسفل خط الفقر، لأن «دخول معظم المنتمين لهذه الطبقة ثابتة تقريبا بالجنيه، والزيادات السنوية المحدودة لن تصمد أمام موجة التضخم القادمة».
وبلغت نسبة المواطنين الذين يعيشون أسفل خط الفقر فى مصر ٢٧.٨٪ فى عام ٢٠١٥، وهو أعلى معدل منذ عام ٢٠٠٠، وفقا لبيانات بحث الدخل والإنفاق الصادر عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.
وفى الوقت نفسه «سيطرت العقارات غير الرسمية على ٧٠٪ من الإنشاءات الجديدة سنويا ما بين عامى ٢٠٠٧ و٢٠١٤، بسبب البناء على أرض زراعية أو إنشاء أدوار مخالفة للتصريح، و٢٠٪ ذهبت للقطاع الخاص الرسمي، و١٠٪ للحكومة.. نسبة القطاع غير الرسمى كانت ٤٠٪ فى وقت سابق، وببساطة هذا يعنى أن أغلب العقارات فى مصر لا تناسب أذواق من نطلق عليهم الطبقة المتوسطة». حيث أرخص وحدات «رسمية» موجودة فى منطقة الهضبة الوسطى بسعر ٣٠٠ ألف جنيه، وأرخص وحدات إسكان اجتماعى يبلغ ثمنها ١٥٤ ألف جنيه، وهى أسعار مرتفعة مقارنة بدخول المصريين.
وإذا كان المتوسط العالمى لسعر امتلاك منزل هو ما يساوى ٦ أضعاف الدخل السنوي، فإن ٥٤٪ من المصريين لا يستطيعون شراء شقة متوسطة السعر، وفى حالة الإيجار، فالمعدل العالمى ربع المرتب، وبالمقارنة بدخول المصريين، فعلينا أن نعلم أن أكثر من ٥٠٪ من المواطنين لا يكفى ربع راتبهم لتأجير وحدة إسكان متوسط».
ونأتى إلى التعليم هل استمر طريق التعليم مفتوحا أمام جميع المواطنين الراغبين فى الانضمام لنادى الطبقة المتوسطة؟
لقد حصلت مصر على المركز الأخير فى جودة التعليم الأساسى وفقا لآخر تقارير التنافسية العالمية.
ويبلغ متوسط الإنفاق على التعليم فى مصر ٣٧٠٠ جنيه كل عام، بينما يخصص أغنى ١٠٪ من المصريين ٥٧١١ جنيها فى المتوسط لمصاريف الطالب الواحد سنويا، ولو كان ملتحقا بالتعليم الخاص يرتفع الرقم إلى ١٢٨٩٩ جنيه سنويا.
ولكن على جانب آخر فإن معدل البطالة بين الأميين بلغ ٨.٩٪ بنهاية ٢٠١٥، بينما وصل إلى ٢١.٤٪ بين الحاصلين على مؤهلات جامعية أو فوق جامعية، مما يعنى أن طريق التعليم المُكلف يزيد من احتمال التعطل، وبالتالى احتمال الفقر.
أى نعم من الآخر كلام شعبوى، عندى شاهندة مخلصة إعلام وتلاتة أربعة وخمسة وستة فوقه شهادات وقاعدة تبشر بصل وتطبخ لأبوها شوية مكرونة، وخالد شرحه سياحة وفنادق وشغال تاجر كتب إنترنت، كان ممكن أكلم أصحابى لكن ديه مش سكتى نحن نتكلم عن وطن بيخلع وسايب لنا المصيبة، عايزين كمان تعالوا قهوة الهندى فوق ألف طالب مؤهلات عليا منهم شغالين على النصبة ومنهم شغالين ماركات ولو بعدتم شويه هتلاقى مهندسين ودكاترة شغالين بتوع قهوة وشاى فى حى غرب.
لا تظن ولا نظن معك أنك تستطيع إنقاذهم، الليلة أكبر منك ومن نور عيونك.