السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

محمد مظلوم يستجم في خريف عباس بيضون

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كتب الشاعر العراقي محمد مظلوم مقالًا نقديًا بخصوص الديوان الذي صدر مؤخرا للشاعر اللبناني عباس بيضون ويحمل اسم "ميتافيزيق الثعلب" انتصر فيه لروح بيضون الشعرية الشابة التي سيطرت على الديوان نفسه رغم وصول كاتبه لسن الشيخوخة؛ تلك الروح التي تمثلت في الفلسفة المغايرة لفكرة تقدم سن الإنسان ونظرته التقليدية لنفسه وللعالم؛ حيث خاض في عدة مناطق من تجربة بيضون الشعرية أثبت بها عقلية بيضون المختلفة والمغايرة.
وذكر مظلوم في مقالته أن قصائد الديوان قد جاءت أقرب إلى تجربة التقدم بالسن منها إلى شعر شيخوخة، بمعنى أنها ليست مرثيات للسنين بقدر ما هي رؤية للعالم، رؤية ذات معنى صريح، واختمار لخلاصة تجربة مديدة، فما من تأبين للحظات الشخصية الفائتة، وما من حسرة أخيرة على ما مضى، ولا تبرم من المآل، بينما ثمة فضاءات مفتوحة على التاريخ الإنساني، والتجارب الجماعية والفردية الكبرى، ممزوجة بنكهة شخصية، فأقصى ما يمكن أن تبلغه يوميات الشيخوخة هو الأسف المعتاد في أية مرحلة من مراحل العمر؛ إذ يقول في أحد مقاطع ديوانه: "شاعرًا بالأسف لشيخوختي التي تتنزه بدون لياقة في هذه المنطقة المحرمة".
وأشار إلى أن هناك شحنة سوريالية يتضمنها عنوان الديوان "ميتافيزيقا الثعلب" والتي نجد تمثلات لها في صور متفرقة ونافرة داخل بعض القصائد: "يحقُّ لي أن أضعَ حذائي الذي فجأةً/ يصفرُ ويضيءُ كسيَّارةِ إسعاف" أو: "ينامون في ظل أحذيتهم كالعصافير" بالإضافة إلى هذه الحالة السوريالية هناك فإن اهتمام بالقضايا العامة في قصيدة: شعب صغير بلا أرجل وبقليل من الدماء حيث المنفى المستدام، والعنف المستمر، واليأس الإنساني الجماعي متمثلة في حكاية تصلح لكل العصور وللحظتنا الراهنة تمامًا.
وأضاف: إن ذروة الجانب الشخصي في المجموعة تتجسد مع قصيدة "إلى أمي" حيث التذكر والذاكرة، وثيقا الصلة بتلك الشيخوخة: "لونُكِ القمحيُّ لا أتذكَّرُهُ/ إنَّهُ من قِماشِ الذَّاكرة" هنا المفارقة، إذ يتذكر الشيخوخة برسم بورتريه لامرأة في الثمانين، ثم يعود ليرسم بورتريهًا آخر لها قبل أن يأتي هو إلى الحياة: طفلة في السابعة بحلقين في الأذن وثقب الخزامة في الأنف، فالشيخوخة الأنثوية لا تختلف كثيرًا عن الشيخوخة الذكورية أنه هرم واحد، لذلك يدرك للمرة الأولى أنه يشبه أمّهُ في صورتها الأخيرة في الثمانين.
وعن آخر قصيدة في الديوان "خبر سيئ" والتي يقول فيها بيضون "في قلبي قدمٌ ضاغطةٌ/ قدْ لا تكون سوى خَبَرٍ سيئ لم يصلْ بعدُ" يقول مظلوم: إننا بهذه القصيدة نصل مرة أخرى في رحلة ارتدادية للدلالة المخاتلة لعنوان المجموعة "ميتافيزيق الثعلب" لنعرف أنها حيلة الشيخوخة على الجسد، تشابك الغيبي مع الدهاء والخبرة لرسم مشهد تصالحي معقول مع الخريف، بل مع كل ما يليه من فصول كذلك.
يُذكر أن محمد مظلوم شاعر عراقي ولد في بغداد عام 1963 من أبرز أعماله الشعرية "عابرا بين مرايا الشبهات" و"أندلس لبغداد".