الحياة الحزبية فى مصر مليئة بالعجائب والغرائب ورغم أن الأحزاب قبل ٢٥ يناير ٢٠١١ كانت تشكو من التقييد الحكومى والأمنى عليها، وبعد فتح الباب على مصراعيه أمامها بعد هذا التاريخ وهوجة تأسيس وظهور أكثر من ١٠٠ حزب جديدة، إلا أن الأحزاب ما زالت على حالها من الركود والجمود والبيات الشتوى والصيفى.
وبعض هذه الأحزاب لا نسمع عنها إلا فى حال وجود دعوات لتنظيم مظاهرات أو وقفات احتجاجية ضد سياسات الدولة لإثبات وجودها والفوز بعدة كلمات وأسطر على مواقع التواصل الاجتماعى دون أن يكون لهذه الأحزاب وجود فعال ونشط فى الشارع المصرى.
والغريب أن بعض هذه الأحزاب طل علينا مؤخرا ليس بنشاط سياسى أو مشاركة مجتمعية لحل مشاكل المجتمع أو حتى بمساهمات مالية لبناء مسجد أو كنيسة فى العاصمة الإدارية الجديد ولكن بورود أسماء هذه الأحزاب فى الإخطار المقدم لوزارة الداخلية لتنظيم وقفة احتجاجية بشأن تيران وصنافير والاحتجاج على حق دستورى للحكومة بإحالة اتفاقية ترسيم الحدود لمجلس النواب. وهذه الأحزاب هى الكرامة والدستور والعدل والمصرى الديمقراطى ومصر الحرية وهى أحزاب مغمورة بل ومجهولة، وأشك أن المصريين يعرفون هوية هذه الأحزاب ومن يقودها بل وأين مقار هذه الأحزاب التى وقعت على هذا الإخطار لوزارة الداخلية.
فلا أحد ينكر حق هذه الأحزاب فى التظاهر وتقديم الإخطار لوزارة الداخلية، ولكن من حق المصريين أن يعرفوا ماذا قدمت هذه الأحزاب لمصر وشعبها وهل رخصة التأسيس والإشهار المقدمة لها من لجنة الأحزاب اكتفت بنشاط التظاهر والوقفات الاحتجاجية وإثارة المواطنين والعمل على نشر الفوضى فى ربوع مصر أم هناك أنشطة أخرى التزمت بها هذه الأحزاب.
فأحزاب التظاهر وهو الاسم الحقيقى لهذه الأحزاب يؤكد حقيقة نشاطها ومغزى أهدافها، وأنها ليست أحزابا من أجل البناء والعمل والمساهمة فى حل المشاكل المصرية، بل هى أحزاب من أجل الهدم والتدمير، وأن التظاهر هو المجال الوحيد الذى تسعى هذه الأحزاب لتحقيقه.
فأحزاب التظاهر فشلت فشلا ذريعا فى كسب ثقة الناخبين خلال الانتخابات البرلمانية، وبعضها حصل على صفر والبعض الآخر على ثلاثة مقاعد، ولكنها لا تخجل من نفسها ومن الخيبة القوية التى لحقت بها والصفة الجماهيرية التى وجهت لها من المواطنين، وتعود لتطل علينا من خلال طلبات التظاهر.
فأحزاب التظاهر التى تسعى لإثارة المواطنين بشأن قضية تيران وصنافير لم نسمع عن نشاط لها لدعم الأسر الفقيرة أو توزيع بطاطين لمساعدة الفقراء وحمايتهم من هذا الشتاء القارس أو حتى بناء مساكن لهم.
فأحزاب التظاهر فى حاجة ماسة إلى جرعات إفاقة من الغيبوبة التى تعيشها منذ نجاح ثورة ٣٠ يونيو، وأصبحت أذرعا لجماعة الإخوان الإرهابية، وتنفيذ ما فشلت فيه هذه الجماعة باستغلال الشرعية السياسية الممنوحة لها من لجنة الأحزاب السياسية، وأصبح شعارها أن التظاهر هو الحل.
فعلى هذه الأحزاب التى لا يعرف الشعب المصرى أسماءها أن تستحى من أفعالها، وأن تغير اتجاه البوصلة السياسية لها فى وقت تحتاج مصر إلى البناء وليس الهدم وإلى التكاتف وليس الانقسام، وأن الطريق إلى التظاهر هو الطريق إلى الهاوية لهذه الأحزاب.