حققت مشروعات التنمية المصرية في جنوب السودان
طفرة في العلاقة بين البلدين والشعبين الشقيقين، ولا سيما التعاون في مجال الموارد
المائية والري الذي تقدم مصر من خلاله كافة الدعم اللازم سواء مشروعات يتم تنفيذها
على الأرض أو دعم فني في مجال التنمية البشرية.
وأكد القائم بأعمال مدير عام الإدارة العامة
لمشروعات التعاون الفني في مجال الموارد المائية والري بجنوب السودان المهندس
مصطفى محمد مجدي، في حديث خاص لموفد وكالة أنباء الشرق الأوسط إلى جنوب السودان،
أنه في إطار حرص مصر الدائم على دعم أشقائها في جمهورية جنوب السودان في كافة
المجالات وفي إطار مذكرة التفاهم والتي تم توقيعها بين وزارتي الموارد المائية
والري بمصر وجنوب السودان في أغسطس 2006 بمنحة مصرية قدرها 26.6 مليون دولار،
تواصل الحكومة المصرية جهودها في دعم الأشقاء بجنوب السودان، ولا سيما بعد رفع
مستوى التعاون بين الدولتين بالتوقيع على اتفاقية التعاون الفني والتنموي في مجال
الموارد المائية بين وزارتي الموارد المائية والري بالدولتين خلال زيارة رئيس
جمهورية جنوب السودان سلفا كير ميارديت لمصر ولقائه مع السيد الرئيس عبد الفتاح
السيسي في نوفمبر 2014.
وأضاف أن الإدارة العامة لمشروعات التعاون الفني
بالعاصمة "جوبا" والتابعة لقطاع مياه النيل بوزارة الموارد المائية
والري نفذت العديد من المشروعات في جمهورية جنوب السودان من بينها حفر وتجهيز 30
محطة مياه شرب جوفية في عدة ولايات بجنوب السودان من خلال حفر آبار جوفية عميقة
يتراوح عمقها بين 100 : 150 مترًا وتزويدها بطلمبات غاطسة ومولدات كهربائية
وخزانات علوية سعة الخزان 32 متر مكعب وشبكات توزيع إلى مجموعة من الصنابير
العمومية للأهالي لتوفير مياه الشرب النقية.
وأوضح أنه تم الانتهاء من 6 محطات مياه شرب جوفية
منها أربعة محطات في أحياء جوبا "مونيكي بلوك - سي، نيكرون الجنوبية،
نيكرون الغربية، جومبا"، ومحطة بجامعة جوبا لخدمة طلاب الجامعة والعاملين
بها، ومحطة في مدينة "تركاكا" عاصمة ولاية "تركيكا" لتوفير
مياه الشرب النقية للأهالي، وجار استكمال الأعمال في مواقع 11 محطة أخرى وقد بلغت
نسبة التنفيذ للمشروع 34.5 %، وأن التنسيق يتم حاليا مع الجانب الجنوب السوداني
بوزارة الموارد المائية والري لتحديد أماكن حفر الآبار الباقية للبدء فيها في
القريب العاجل.
وتابع القائم بأعمال مدير عام الإدارة العامة
لمشروعات التعاون الفني في مجال الموارد المائية والري بجنوب السودان أنه تم
افتتاح مشروع محطة مياه الشرب الجوفية "جومبا ماركت" بمقاطعة
"الرجاف" بولاية "جوبيك" حيث قامت وزيرة الموارد المائية
والري بجنوب السودان صوفيا فال قاي وجميع قيادات الوزارة وسفير مصر بجنوب السودان
السفير أيمن مختار الجمال، بافتتاح هذا المشروع في أكتوبر 2016.
وأضاف أنه كذلك تم إنشاء محطة مياه للشرب في منطقة
البر الشرقي بمدينة "واو" بولاية واو وهي محطة مزودة بخط مواسير سحب 8
بوصة لسحب المياه من نهر الجور وضخها في خط مواسير 6 بوصة بطول 1500 متر لوحدة
تنقية لمعالجة المياه وخزان علوي سعة 32م3 وشبكة توزيع على مجموعة من الصنابير
لخدمة حوالي 10 آلاف نسمة في المرحلة الأولى، كما أن هذه المحطة مزودة بخط مياه
للثروة الحيوانية "مساقي أبقار" وكذلك خط آخر لتوفير المياه لزراعة
حوالي 10 أفدنة بالخضروات لخدمة أهالي مدينة "واو".
وأكد المهندس مصطفى محمد مجدي أن هناك العديد من
المشروعات الأخرى التي نفذتها مصر في جنوب السودان، منها مشروع تأهيل محطات قياس
المناسيب والتصرفات الرئيسية وتجهيزها بأحدث الأجهزة لتوفير كافة البيانات
الهيدروليكية اللازمة للمشروعات التنموية بجنوب السودان حيث تم الانتهاء من تأهيل
وتطوير 4 محطات في مدن "ملكال" ومحطتي "جوبا"،
و"منجلا" على بحر الجبل، ومحطة "واو" على نهر الجور أحد روافد
بحر الغزال، إلى جانب الانتهاء من إنشاء معمل مركزي لتحليل نوعية المياه بجوبا حيث
تم الانتهاء من إنشائه وتجهيزه بأحدث المعدات وتدريب الكوادر الفنية لإجراء كافة
أنواع التحليلات الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية والمعادن الثقيلة للحد من
مصادر التلوث والأمراض المتعلقة بالمياه، إلى جانب الانتهاء من إنشاء مرسى نهري
بمدينة "واو"، لخدمة تسيير الملاحة النهرية، كما يجرى حاليا إنشاء
المرسى النهري بـ"كواجوك" بمدينة "جوجيريال" حيث بلغت نسبة
التنفيذ الفعلية 75% ومن المنتظر الانتهاء منه قريبا فور استقرار الأوضاع الأمنية
في جنوب السودان.
وحول المشروعات الجاري العمل على تنفيذها، أكد أنه
يجري حاليا إنشاء محطة "نيمولي" والتي تقع على بحر الجبل بالقرب من
الحدود مع دولة أوغندا، وبلغت نسبة التنفيذ الفعلي 50% ومن المنتظر الانتهاء منها
قريبا فور استقرار الأوضاع الأمنية في جنوب السودان، كما أنه في القريب العاجل
سيتم البدء في تنفيذ محطة "بور" والتي تقع على بحر الجبل وأن جميع هذه
المحطات مزودة بمحطات مياه شرب مكونة من آبار جوفية عميقة وطلمبات غاطسة ومولدات
كهربائية وخزانات علوية وصنابير عمومية لتوفير مياه الشرب والاحتياجات المائية
للأهالي في هذه المناطق.
وفي مجال السدود وحصاد مياه الأمطار، قال المهندس
مصطفى إن السيد الدكتور محمد عبد العاطي وزير الموارد المائية والري وقع خلال
زيارته إلى العاصمة جوبا في الفترة 2-3 نوفمبر 2016 على مذكرة تفاهم مع وزيرة
الموارد المائية والري بجمهورية جنوب السودان صوفيا فال قاي، لإنشاء سدود حصاد
مياه الأمطار "حفائر" في ولايات "تونج" و"جوجيريال"
و تبلغ سعة الحفيرة الواحدة حوالي 40 ألف متر مكعب وسيتم تزويد هذا المشروع بأحدث
وسائل التكنولوجيا لاستخدام الطاقة الشمسية في تشغيل طلمبات الرفع لتخفيض تكلفة
التشغيل من أجل توفير مياه الشرب النقية والاحتياجات المائية للأهالي والثروة
الحيوانية وجاري التنسيق بين الجانبين المصري والجنوب سوداني لاتخاذ إجراءات البدء
في تنفيذ هذا المشروع.
وأضاف أن الاجتماع الثاني للجنة الفنية المشتركة
عقد بالقاهرة في الفترة من 12- 16 ديسمبر 2016 بين الجانبين المصري والجنوب سوداني
برئاسة كل من المهندس أحمد بهاء الدين - رئيس قطاع مياه النيل، والمهندس إيزاك
ليبايول - وكيل وزارة الموارد المائية والري بجنوب السودان، قد ناقشت الاجتماعات
سير العمل في مختلف مشروعات التعاون ولاسيما دراسات الجدوى الفنية والاقتصادية
والبيئية لإنشاء سد سيوي متعدد الأغراض والذي يقع على نهر سيوي جنوب مدينة
"واو" أحد روافد نهر الجور وبحر الغزال بحوالي 12كم، وقد تم الانتهاء
بالفعل من كافة الدراسات الفنية والحقلية والاقتصادية والبيئية الخاصة بالسد،
للتنسيق بين الجانبين لبحث وسائل تمويل إنشاء السد مع المنظمات الدولية والذي
سيسهم في تخزين 2 مليار متر مكعب مياه سنويا لتوفير الاحتياجات المائية طوال العام
وتوليد طاقة كهربائية تقدر بحوالي 11 ميجاوات تكفي للتوسعات المستقبلية لمدينة
"واو" والمناطق المحيطة بها.
وفيما يتعلق بمشروعات التطهير، أشار المهندس مصطفى
إلى أنه يجرى التنسيق حاليا بين الجانبين المصري والجنوب سوداني بخصوص تطهير
المجاري المائية لحوض بحر الغزال وإنشاء بعض الأرصفة النهرية لربط المدن والقرى
الرئيسية ملاحيا وربط بحر الغزال بالنيل الأبيض ومكافحة الفيضانات والحد من غرق
القرى الواقعة على ضفاف الأنهار والروافد نتيجة انسداد المجاري المائية بالحشائش
وذلك فور استقرار الأوضاع الأمنية في جنوب السودان، حيث إن معدات التطهير التابعة
للإدارة متواجدة حاليا.
ولفت المهندس مصطفى إلى أن هناك بعض المشروعات
الجاري دراستها، والتي منها دراسة لإعداد مذكرة التفاهم مع وزارة الزراعة والثروة
الحيوانية لإنشاء مزرعة نموذجية على مساحة 100 فدان بمدينة "واو"، حيث
سيتم تجهيزها بأحدث نظم الري الحديثة وأعمال البنية التحتية، وكذلك دراسة لإعداد
مذكرة تفاهم مع وزارة النقل بجنوب السودان لتطوير وتأهيل المجرى الملاحي لبحر
الجبل لتسير الملاحة النهرية.
وفي مجال التدريب وبناء القدرات البشرية أكد
المهندس مصطفى أن هذا يتم في المراكز البحثية المصرية لرفع قدرات الكوادر الفنية
في مجال إدارة الموارد المائية، حيث تم تنظيم ما يقرب من 15 دورة تدريبية لتأهيل
الكوادر الفنية في مجال إدارة الموارد المائية ونوعية المياه للحد من التلوث
وأنظمة المعلومات الجغرافية الحديثة وقياس المناسيب والتصرفات، وإدارة المياه
الجوفية من خلال تدريب ما يزيد عن 200 متدرب بالإضافة إلى تقديم العديد من المنح
الدراسية في الدكتوراه والماجستير بالجامعات المصرية.
واختتم القائم بأعمال مدير عام الإدارة العامة
لمشروعات التعاون الفني في مجال الموارد المائية والري بجنوب السودان حديثه قائلا:
"إن العلاقات المصرية الجنوب سودانية علاقات أزلية وتاريخية، وهناك حرص دائم
من القيادات السياسية بالدولتين على دعم هذه العلاقات الأخوية في كافة
المجالات"، ونقل تحيات وتهاني الدكتور محمد عبد العاطي وزير الموارد المائية
والري وكل الشعب المصري إلى شقيقه شعب جنوب السودان بمناسبة حلول عام 2017 وأعياد
الميلاد المجيدة، معربا عن شكره للسفير المصري في جنوب السودان السفير أيمن مختار
الجمال، وكل العاملين بالسفارة على رعاية المصريين المتواجدين بجنوب السودان
وتقديم الدعم لكل البعثات المصرية بجنوب السودان، وكذلك توجيه الشكر إلى السادة
المسئولين بقطاع مياه النيل برئاسة السيد المهندس أحمد بهاء الدين للدعم الدائم
والمستمر لبعثة الري المصرية بجنوب السودان.
وللوقوف على حالة هذه المشروعات، زار موفد وكالة
أنباء الشرق الأوسط إلى جنوب السودان بعض هذه المشروعات ولاحظ أنها أثرت بشكل كبير
على حياة المواطنين الأشقاء في جنوب السودان، وكان من بينها مشروع محطة مياه الشرب
الجوفية "محطة قناة السويس" بجامعة "جوبا" التي افتتحها وزير
الموارد المائية والري الدكتور محمد عبد العاطي، أثناء زيارته إلى
"جوبا" في الفترة من 2-3 نوفمبر 2016، لتوفير مياه الشرب النقية للجامعة
لخدمة الطلاب والعاملين في الجامعة.
وأعرب وكيل جامعة "جوبا" الدكتور صلاح
خاطر، في تصريحات لـ"أ ش أ" عن خالص شكره للحكومة المصرية المتمثلة في
الري المصري، الذي وفر مياه الشرب الصالحة ووصلها إلى كافة المرافق داخل الجامعة،
بما في ذلك سكن المدرسين والطلاب، مشيرًا إلى أن المحطة ساعدت أيضا في الزراعة داخل
الجامعة.
وقال وكيل جامعة جوبا: "نعجز عن الشكر..
المياه هي شريان الحياة.. لدينا مصادر كثيرة للمياه ولكن توظيفها وإدارتها هو
الأهم، ونحتاج إلى الخبرات المصرية في هذا الشأن.. إلى جانب تطوير الزراعة في ظل
تمتع بلادنا بـ 6 بيئات زراعية.. ويمكن على الأقل عمل الدراسات المبدئية حتى يأتي
السلام".
وأضاف وكيل جامعة "جوبا" قائلا: "الأصدقاء الحقيقيون يقفون بجوار أصدقائهم في كل الأوقات، سواء كانت أوقات شدة أو رخاء، وهو ما نراه في الصديق المصري الذي نرغب في استمرار وقوفه بجانب بلادنا والمضي قدما نحو المزيد من التعاون في كافة المجالات، سواء الري أو الزراعة أو التعليم، أو غيرها"، مشيرا إلى أن جامعة "جوبا" تعاني من نقص في بعض التخصصات مثل التربية، والطب، والزراعة، والهندسة، والآداب، وكذلك المعامل والورش الهندسية تحتاج إلى خبرات يمكن أن تأتي من مصر.