الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

رفيق جبور.. من دبلوماسي استقراطي.. وإلى صفوف العمال والفلاحين «2»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وبعد استقالته من منصبه الدبلوماسى الرفيع بدأ رفيق جبور نشاطه السياسى صحفيا.. وله عديد من المقالات الصاخبة فى عديد من الصحف يعود تاريخها إلى عام ١٩١٤ ثم استقر به المقام كمحرر لجريدة النظام حيث قام بتحريرها لسنوات عدة. وجريدة النظام نفسها تحتاج إلى تأمل. فصاحب النظام هو السيد أفندى علي.. وهو شخصية مثيرة للاهتمام ففى عام ١٩٠٩ تنشر الأهرام (١٦-٧-١٩٠٩) بيانا جاء فيه «كلنا يعلم مركز العمال فى أوروبا فالعامل هناك لا فرق بينه وبين القاضى والمحامى، ولما كان الإنسان من فطرته الطبيعية ميال إلى الارتقاء قام جماعة من خيار المصريين الذين يقدرون الأشياء وأسسوا حزبا باسمهم ليربط كلمتهم، وقد انعقدت الجلسة الأولى وحضرها جمع غفير من العمال والوجهاء وقد انتخب الحزب السيد أفندى على مديرا له والسيد محمد أحمد الحسن رئيسا له. وبرغم اختفاء أنباء هذه المحاولة من صحف هذه الفترة فإن اسم السيد أفندى على يظهر فيما بعد فى خضم ثورة ١٩١٩ صاحبا لجريدة وفدية هى «النظام» ومحررها هو «رفيق جبور» والحقيقة أن علاقة رفيق جبور بهذه الجريدة التى كانت تعتبر جريدة وفدية. كانت علاقة مثيرة للاهتمام فصفحات النظام كانت توحى بمذاق مختلف عن الصحف الوفدية الأخرى، فهى على الدوام أكثر تقدمية وأكثر تعبيرا عن مصالح الفقراء وأكثر التزاما بالروح الوطنية.. لكنها فى نهاية الأمر كانت جريدة وفدية، وبمهارة فائقة استطاع رفيق أفندى جبور أن يقود سفينة جريدة «النظام» لخمس سنوات. وفى هذه الأثناء كان رفيق جبور يقول على صفحات «النظام» أكثر من مرة أن «حمي» الثورة معدية وأن آثارها تأتى عن طريق العدوى إلى تصرفات المؤمن بالوطن والشعب، لكن الأمر تحول إلى مسألة صاخبة عندما قبض عليه فى عام ١٩٢٥ ضمن المتهمين فى قضية شيوعية فحاولت أطراف عدة معادية للوفد ومعادية لرفيق جبور استخدام هذه المسألة استخداما مسيئا للوفد وللشيوعيين معا. فالقوى الموالية للاحتلال والمعادية للوفد أثارت مسألة العلاقة بين الوفد وجريدة النظام وبين الشيوعيين، وتنقل الأهرام عن جريدة المورننج بوست الإنجليزية فى عددها الصادر فى ٣-٦-١٩٢٥ «أن هناك مخاوف من وجود علاقات بين الوفد وبين دسائس البلاشفة متحدثة عن الوسائل التى يستخدمها الوفد بلا ضمير للحصول على المساعدة الأجنبية لتأييد دسائسه ضد البريطانيين» ومن ثم يكون الإضرار أيضا بالشيوعيين بإلصاق تهمة الإرهاب بهم (المرجع السابق) ويكتب مراسل المورننج بوست بالقاهرة «والظاهر أنه توجد روابط بين مساعى البلاشفة وحملة القتل الموجهة ضد الإنجليز وبين المقبوض عليهم اثنان من محررى الصحف الوفدية (نقلا عن الأهرام ٣-٦-١٩٢٥) وتعزف الصحف البريطانية بحماس على ذات النغمات بهدف تصفية الحسابات بين الوفد والاحتلال، فتنشر الديلى تلجراف «وأعظم ما يلفت النظر فيما اكتشفه البوليس هو ما يدل على العلاقة بين دسائس البلاشفة وحملة القتل وعلاقتهم أيضا بالوفد لأنه يوجد من بين المقبوض عليهم طاهر أفندى العربى المحرر بـ «كوكب الشرق» وهى إحدى الصحف الوفدية الكبرى ورفيق جبور محرر جريدة النظام وهى من الصحف الوفدية أيضا» (نقلا عن الأهرام ١-٨-١٩٢٥) وهنا يضطر سعد زغلول إلى أن يذكر الجميع بأن وزارة الشعب كانت عنيفة على الشيوعيين وأنها أرسلت الكثيرين منهم إلى القضاء (جريدة الأخبار ٢٩-٨-١٩٦٤ - نقلا عن مذكرات سعد زغلول عن يوم ٤-٦-١٩٢٥).
وإذا كنا نعرف رفيق جبور فمن هو طاهر العربي؟ لنترك له الحديث عن نفسه فى كتابه « هذا المجتمع الظالم- ص ١٩٨» «كنت أعرف زميلا صحفيا يعمل فى جريدة النظام هو الأستاذ رفيق جبور وكنت أتردد عليه من وقت لآخر فى محل عمله، وذات يوم عرفنى بصديق له كان زائرا فى مكتبه، وقال إنه مستر كونستانتين فايس مراسل جرائد عمالية دولية وقد حضر إلى مصر لدراسة حالة العمال والفلاحين وقدمنى له قائلا «هذا صديقى طاهر ضحية من ضحايا الاستعمار البريطانى وقد قضى فى السجن اثنى عشر عاما فى محاربة الإنجليز فهو يكرههم ويكره كل ما يتعلق بهم» ويبقى أن نشير إلى أن كونستانتين فايس هو الاسم السرى لأحد القيادات البلشفية المهمة فى مكتب الشرق الأوسط بالكومنترن (ويمكن الرجوع إلى معلومات مفصلة عنه فى كتاب: والتر لاكور، الاتحاد السوفيتى والشرق الأوسط- الترجمة العربية (١٩٥٩) حاشية ص ١٥٥). ونعود إلى رفيق جبور الذى كان واحدا من النشطاء اللبنانيين الذى شاركوا فى جيش العمال والفلاحين المصريين منذ تأسيس الحزب الاشتراكى المصرى فى أغسطس ١٩٢١ فقد انضم إليه عديد من أعضاء «جماعة لبنان الفتى ولبنانيين آخرين منهم انطون مارون وفؤاد الشمالى وأديب قشعمى وشفيق باسيور ورفيق جبور» وفى عام ١٩٢٥ كانت ماكينة الإرهاب الاحتلالى تدور بأقصى سرعتها ضد كل القوى الثورية والوطنية. وإذا كان سعد زغلول قد قام بضرب الحركة العمالية بأقصى عنف وبعد أن حل حزبها السياسى وحل اتحاد العمال الذى كان ذراعها النقابية، مستخدما كل ثقل زعامته الجبار وجماهيريته وجماهيرية حزب الوفد فى هذه المعركة فإنه قد أصبح هو نفسه عنصرا غير مرغوب فيه من جانب الاحتلال وإذا كانت محكمة جنايات الإسكندرية قد أصدرت أحكامها القاسية على القيادات الشيوعية فى ٦ اكتوبر ١٩٢٤، فقد تلتها مباشرة (فى ١٩ نوفمبر) حادثة السردار المعروفة واستقال سعد زغلول مرغما.
.. ويبقى أن نتواصل مع رفيق جبور فى معركته الشجاعة.