صدرت عن دار ليليت للنشر والتوزيع، المجموعة القصصية الأولى للأديب عبد النبي النديم بعنوان "أهل الله"، والتي من المقرر طرحها ضمن فعاليات الدورة الـ48 من معرض القاهرة الدولي للكتاب.
وتضم المجموعة 16 قصة قصيرة منهم "لسة في العمر بقية"، الحائزة على الجائزة الأدبية الكبرى للقوات المسلحة "دورة فارس الرومانسية يوسف السباعي"، كما حصل النديم على جائزة إحسان عبدالقدوس في القصة القصيرة.
وحول المجموعة القصصية " أهل الله " يقول الأديب والناقد الأدبى الشاعر محمد الحمامصى: إن ثراء رؤية عبدالنبي النديم لا تنبع فقط من تجليات الحياة التي عاشها بين القرية والمدينة، واستطاعته الإحتفاظ بأصالة التقاليد والعادات والطقوس الريفية دون أن يتخلى عن مواكبة حداثة المدينة، ولا من كونه صحفيا تابع ويتابع الكثير من هموم ومشكلات وقضايا الإنسان المصري ولكن تنبع بالأساس من كونه يحمل روح مبدع أصيل، ويؤمن بقدرته على نسج عالم إبداعي أسلوبا ولغة ومعالجة، وقد ثابر كثيرا من أجل الاحتفاظ بهذه الروح متوقدة ومبدعة فلم يتخل رغم مشاغل الحياة والصحافة عن الكتابة القصصية.. وللأسف نتيجة لارتباطه بالوسط الصحافي وتقصيره في التعرف على الوسط الثقافي وجيله والأجيال السابقة عليه من كتاب القصة والرواية والنقاد، لم يلتفت إليه الوسط الثقافي.
يملك النديم في مجموعته هذه "أهل الله" أسلوبا سرديا متميزا وقدرة على التقاط المهمش والخفي من تجليات الحياة وجمالياتها الإنسانية، ويعمد إلى تشكيل نسيج بسيط في معالجته لكنه عميق في دلالاته الجمالية والإنسانية، ففي قصته "الجد اليتيم" يأخذنا إلى تفاصيل حياة المكان والعائلة وانعكاس أحدهما على الآخر، وتأثير العادات والتقاليد على حركة هذه الحياة، لنتابع نماذج نسائية خاصة مغايرة في رؤيتها، ونقف بين عالمين عالم "ندى" الطفلة التي على أبواب المراهقة، و"الجد" الذي على أبواب الرحيل، عالم قادم جرئ ومنفتح وعالم آفل محافظ، وبينهما تتجلى قدرات أخرى للمرأة، ليؤكد لنا ثراء القيم الإنسانية والاعتزاز بها.
وإذا كان النديم قد أطال في قصة "الجد اليتيم" فإنه كثف في قصة "ولسه في العمر بقية" ليتجلى الحس الوطني متوهجا ومتألقا على الرغم من بساطة وعفوية التناول، لقد خلت القصة التي تعلي قدر الفداء من أجل الوطن من أي حس انفعالي مباشر أو مفتعل، لتجئ لوحة فنية وجمالية تمكن النديم من خلق تفاصيلها بشغف وعشق ودون زيف. لنقرأ هذه الصورة المكثفة البسيطة وما تحمله من دلالات: أفاق صبيح على طلة اللغم الظاهر أمامه.. أخذ يتحسسه بحذر شديد ويجس التربة من حوله.. يزيل الرمال ببطء شديد من فوق اللغم حتى يستطيع ترويضه..
هبت رياح لا تتناسب مع قيظ الصحراء.. حملت رمالًا خفيفة أصابت عينى صبيح..
حاول البقاء ثابتًا محله دون حركة.. لم تسعفه عيناه..
دارت به الدنيا.. إنهارت عليه الحفرة، قبل أن يفكر صبيح أن يخرج منها..
انفجر اللغم.. دارت رأسه.."
ويواصل الحس الوطني تجليه في قصة "الآن.. سأكمل لأمي بطولات أبي" حيث نتابع مع أمين عطوه ابن الشهيد عطوه البسطويسي الذي استشهد عقب قيامه بعملية فدائية خلف خطوط العدو، ومحاولة رفيقه أمين مجدى حنا أن يعود به، لكنه لا يستطيع فيحفر له ويدفنه مع سلاحه، وبعد مرور السنوات يلتقي ابن الشهيد بأمين حنا لتكتمل القصة التي كان الشهيد يدونها حيث كان يطلق عليه زملاؤه "توفيق الحكيم"..
إن خيوطا ومصائر عدة حاول عبد النبي النديم في قصص "أهل الله" أن يضعنا في حيواتها ويرشدنا إلى مآلاتها، فرحيل الجد اليتيم ينتهى بدفن أثره وعودة الأبناء لاقتسام ميراثه، والضابط في "ولسه في العمر بقية" عندما ينجو من اللغم وأثناء حمله للمستشفى، يقول "لسه حروح المستشفى"، وابن الشهيد يستكمل مسيرة والده في بناء الوطن، والكهل العجوز في "ذهب إلى حال سبيله" يعطي ظهر للغلام الذي أشفق عليه ونقله من الرصيف للرصيف المقابل، ليعود هذا الغلام لقدره فتصطدمه سيارة مسرعة ويغرق في دمه، وفي "ديوان عمليات غرفة الجراحة" يواصل الطبيب سامح الحديدي منح الحياة للطفل إسلام حسنين في الوقت الذي يرقد فيه ابنه ميتا في أحد المستشفيات، وفي "الأيام لا تقول وداعا" تتواصل حياة الأم مع الابن ثم الجدة مع الحفيد، إنها قصص حيوات نرى خلالها تناقضات العالم وصرخاته ألما أو فرحا.
لقد نجح النديم في أن يقدم ثراء إنسانيا وفنيا وجماليا، وعليه أن يواصل الكتابة ويخلص لها وألا يسمح لعالم الصحافة أن يجور على موهبته الإبداعية الأصيلة.
وتضم المجموعة 16 قصة قصيرة منهم "لسة في العمر بقية"، الحائزة على الجائزة الأدبية الكبرى للقوات المسلحة "دورة فارس الرومانسية يوسف السباعي"، كما حصل النديم على جائزة إحسان عبدالقدوس في القصة القصيرة.
وحول المجموعة القصصية " أهل الله " يقول الأديب والناقد الأدبى الشاعر محمد الحمامصى: إن ثراء رؤية عبدالنبي النديم لا تنبع فقط من تجليات الحياة التي عاشها بين القرية والمدينة، واستطاعته الإحتفاظ بأصالة التقاليد والعادات والطقوس الريفية دون أن يتخلى عن مواكبة حداثة المدينة، ولا من كونه صحفيا تابع ويتابع الكثير من هموم ومشكلات وقضايا الإنسان المصري ولكن تنبع بالأساس من كونه يحمل روح مبدع أصيل، ويؤمن بقدرته على نسج عالم إبداعي أسلوبا ولغة ومعالجة، وقد ثابر كثيرا من أجل الاحتفاظ بهذه الروح متوقدة ومبدعة فلم يتخل رغم مشاغل الحياة والصحافة عن الكتابة القصصية.. وللأسف نتيجة لارتباطه بالوسط الصحافي وتقصيره في التعرف على الوسط الثقافي وجيله والأجيال السابقة عليه من كتاب القصة والرواية والنقاد، لم يلتفت إليه الوسط الثقافي.
يملك النديم في مجموعته هذه "أهل الله" أسلوبا سرديا متميزا وقدرة على التقاط المهمش والخفي من تجليات الحياة وجمالياتها الإنسانية، ويعمد إلى تشكيل نسيج بسيط في معالجته لكنه عميق في دلالاته الجمالية والإنسانية، ففي قصته "الجد اليتيم" يأخذنا إلى تفاصيل حياة المكان والعائلة وانعكاس أحدهما على الآخر، وتأثير العادات والتقاليد على حركة هذه الحياة، لنتابع نماذج نسائية خاصة مغايرة في رؤيتها، ونقف بين عالمين عالم "ندى" الطفلة التي على أبواب المراهقة، و"الجد" الذي على أبواب الرحيل، عالم قادم جرئ ومنفتح وعالم آفل محافظ، وبينهما تتجلى قدرات أخرى للمرأة، ليؤكد لنا ثراء القيم الإنسانية والاعتزاز بها.
وإذا كان النديم قد أطال في قصة "الجد اليتيم" فإنه كثف في قصة "ولسه في العمر بقية" ليتجلى الحس الوطني متوهجا ومتألقا على الرغم من بساطة وعفوية التناول، لقد خلت القصة التي تعلي قدر الفداء من أجل الوطن من أي حس انفعالي مباشر أو مفتعل، لتجئ لوحة فنية وجمالية تمكن النديم من خلق تفاصيلها بشغف وعشق ودون زيف. لنقرأ هذه الصورة المكثفة البسيطة وما تحمله من دلالات: أفاق صبيح على طلة اللغم الظاهر أمامه.. أخذ يتحسسه بحذر شديد ويجس التربة من حوله.. يزيل الرمال ببطء شديد من فوق اللغم حتى يستطيع ترويضه..
هبت رياح لا تتناسب مع قيظ الصحراء.. حملت رمالًا خفيفة أصابت عينى صبيح..
حاول البقاء ثابتًا محله دون حركة.. لم تسعفه عيناه..
دارت به الدنيا.. إنهارت عليه الحفرة، قبل أن يفكر صبيح أن يخرج منها..
انفجر اللغم.. دارت رأسه.."
ويواصل الحس الوطني تجليه في قصة "الآن.. سأكمل لأمي بطولات أبي" حيث نتابع مع أمين عطوه ابن الشهيد عطوه البسطويسي الذي استشهد عقب قيامه بعملية فدائية خلف خطوط العدو، ومحاولة رفيقه أمين مجدى حنا أن يعود به، لكنه لا يستطيع فيحفر له ويدفنه مع سلاحه، وبعد مرور السنوات يلتقي ابن الشهيد بأمين حنا لتكتمل القصة التي كان الشهيد يدونها حيث كان يطلق عليه زملاؤه "توفيق الحكيم"..
إن خيوطا ومصائر عدة حاول عبد النبي النديم في قصص "أهل الله" أن يضعنا في حيواتها ويرشدنا إلى مآلاتها، فرحيل الجد اليتيم ينتهى بدفن أثره وعودة الأبناء لاقتسام ميراثه، والضابط في "ولسه في العمر بقية" عندما ينجو من اللغم وأثناء حمله للمستشفى، يقول "لسه حروح المستشفى"، وابن الشهيد يستكمل مسيرة والده في بناء الوطن، والكهل العجوز في "ذهب إلى حال سبيله" يعطي ظهر للغلام الذي أشفق عليه ونقله من الرصيف للرصيف المقابل، ليعود هذا الغلام لقدره فتصطدمه سيارة مسرعة ويغرق في دمه، وفي "ديوان عمليات غرفة الجراحة" يواصل الطبيب سامح الحديدي منح الحياة للطفل إسلام حسنين في الوقت الذي يرقد فيه ابنه ميتا في أحد المستشفيات، وفي "الأيام لا تقول وداعا" تتواصل حياة الأم مع الابن ثم الجدة مع الحفيد، إنها قصص حيوات نرى خلالها تناقضات العالم وصرخاته ألما أو فرحا.
لقد نجح النديم في أن يقدم ثراء إنسانيا وفنيا وجماليا، وعليه أن يواصل الكتابة ويخلص لها وألا يسمح لعالم الصحافة أن يجور على موهبته الإبداعية الأصيلة.