الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

حرية الإعلام ليست مجرد رفاهية للشعوب!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعتبر حرية الاعلام لا سيما حرية الصحافة واحدة من أهم الحريات العامة التى تتسع أو تضيق فى كل مجتمع بحسب ظروفه الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والإعلامية، حيث إن حرية الصحافة تعتبر أهم صور حرية الرأى والتعبير داخل المجتمع وخارجه خاصة أننا دخلنا عصرًا يعتمد الحقيقة والمعلومة والرقم الموثق، ويؤكد حق المواطن فى الحصول على المعلومات من مصادرها وحريته فى تداولها بكل الأساليب، وفقا للدستور المصرى. فالمعلومات ثروة لا تقدر بالمال علينا أن نتداولها ونتناقلها ونعدها فى جداول وتقارير وقواعد بيانات وإحصاءات ومؤشرات وذلك لنستفيد منها فى تحسين آلية اتخاذ القرار فى كافة المجالات المجتمعية، وذلك يعنى بالتالى ضرورة اتساع هامش حرية الصحافة فى المجتمع خاصة فى ظل وجود هذه المنافسة الشديدة التى أصبحت الصحافة المطبوعة تلقاها من الوسائل الإعلامية الجديدة بعد ظهور الإنترنت ووسائل الإعلام الجديد من شبكات التواصل الاجتماعى بكل ما يحتويه ومواقع وإمكانيات متعددة ونمو وانتشار القنوات الفضائية والاعتماد على هذه القنوات الفضائية فى التعرف على آخر الأنباء وسماعها ورؤيتها بالصوت والصورة والوقوف على مختلف الأفكار والرؤى التى تقدم على مدار أربع وعشرين ساعة من مختلف دول العالم الأمر الذى يصعب معه على الصحف أن تخفى خبرًا ما أو تتجنب نشر الرؤى المختلفة حول نفس القضية باعتبار أن ذلك سيقلل من مصداقيتها أمام قرائها وسيؤثر بالسلب عليها فى منافستها مع وسائل الإعلام الأخرى التى تواكب الانفجار المعلوماتى والانفتاح الإعلامى الذى نعيش فى ظله اليوم.
وفى ظل هذه التغيرات يرى البعض أن هامش حرية الصحافة قد ازداد نسبيا فى مجتمعنا بصورة غير مسبوقة، بينما يرى البعض الآخر أن الأمور لم تتغير عن ذى قبل وأن حرية الصحافة فى تسعينيات القرن العشرين وأوائل القرن الحادى والعشرين لم تتقدم وتنم عما كانت عليه فى حقبتى الستينيات والسبعينيات «وما أدراك ما الستينيات»! ربما كانت حرية الصحافة فى هذه الفترات الزمنية أفضل مما هى عليه الآن ! وهناك من يحاول أن يمسك العصا من المنتصف ليرى أن حرية الرأى والتعبير قد إزدادت فى مصر ولكنها للأسف ظلت هوامش لعبت فى الأطراف دون أن تتعمق فى مركز عملية التطوير وتلعب دورها المأمول فى التغيير الضرورى الأمر الذى لا يمكن معه إغفال استمرار هيمنة الحكومة على الصحافة والاعلام وهذا ما بدا واضحة فى موافقة الدولة ومجلس النواب التابع لها على قانون الصحافة الموحد وقانون نقابة الاعلاميين!. فلا يمكن مصادرة رأى أو الحجر على تعبير ما قاله مواطن فى أى بلد من البلدان التى توصف بأنها بلاد ديكتاتورية وان حرية الصحافة والاعلام فى عصر الاتصال التفاعلى لم تصبح مجرد رفاهية بل هى شيء ضرورى والزامى كحق للمواطن فى أى مكان ربما أمر مطلوب لتقدم المجتمعات وهناك مجموعة من العقبات قد تهدد هذه الحرية، بل قد تهدمها ومنها: الاحتكارات الصحفية العامة أو الخاصة أو الدولية، عدم كفاية البنى الأساسية للاتصال، الاتجاهات والمحظورات الثقافية الراسخة تقديس السلطة أيا كانت دون مناقشة، ممارسة المعلنين للسيطرة الاقتصادية على الصحف، تقاضى بعض الصحف إعانات سرية من الحكومات أو من جهات خارجية. وتؤكد نظرية حرية الصحافة التى تمتد جذورها إلى القرن السابع عشر على حرية نشر واعتناق الآراء والتعبير عنها فى أى وقت وفى أى مكان وأهم مبادئ هذه النظرية أن يكون النشر حرًا من أى رقابة مسبقة وأن يكون متاحًا أمام الجميع بلا قيود، كما تؤكد أيضًا على حرية انتقاد المؤسسات الحكومية والحزبية وألا يكون هناك إلزام بنشر مواد معينة ولابد أن يحظى الصحفيون بدرجة عالية من الحرية والاستقلال المهنى، داخل مؤسساتهم وأن تتاح لهم حرية إرسال واستقبال وتصوير واستيراد الوسائل الإعلامية المختلفة عبر كافة القنوات.. وهكذا فإننا حين نبحث فى العناصر التى تحقق حرية الصحافة، فإننا نتحدث عن حرية إصدار الصحف، عن حق الصحفى فى الحصول على المعلومات والأنباء والآراء ونشرها، عن حرية التعبير فى الصحف المختلفة، وعن التشريعات التى تنظم العمل الصحفى.
وكذلك حين نبحث فى النظم المختلفة المؤثرة فى حرية الصحافة فى المجتمع إما بالتقييد وإما بالتدعيم ينبغى أن نأخذ فى اعتبارنا دور النظام السياسى والاقتصادى والاجتماعى والقانونى والإعلامى ودور الصحف ذاتها فى التأثير سلبًا أو إيجابًا على حرية الصحافة. تلعب الصحافة الحرة دور القاطرة التى تشد المجتمع كله نحو التقدم إن اكتسبت مصداقيتها، فليس من مصلحة المجتمع أن تعود الصحافة لأن تكون مجرد آلة للدعاية والترويج بعد أن حاولت أداء دور فعالة فى مهام التغيير الديمقراطى الحقيقى، ولأن استقراء التاريخ يوضح أن مسئولية التطوير وتغيير الظروف الإعلامية والمنظومة الصحفية هى مسئولية المجتمع بكل قواه خاصة المفكرين والباحثين، فإنه يصبح لزامًا على البحث العلمى مهمة القيام برصد وتحليل الأوضاع المختلفة الخاصة بالمنظومة الصحفية وتحديد السلبيات والإيجابيات بتعمق وشمول، وبالتالى يصبح من الضرورى بإشكالية حرية الصحافة وعناصر تحقيقها والنظم المؤثرة فيها وحقيقة وظيفتها فى المجتمع باعتبارها محوراً أساسيا من محاور تطوير المنظومة الصحفية والاعلامية داخل المجتمع. وكما قال عبدالله القصيمى: «فإذا وجد الإرهاب الفكرى فقد وجد كل إرهاب، كما أنه إذا وجدت الحرية الفكرية زال الإرهاب كله.. فلا حرية إذا لم توجد الحرية الفكرية و إذا وجدت فقد وجدت كل حرية، ومن المستحيل أن نكون أحراراً ما لم نكن أحرارا فى تفكيرنا وفى التعبير عنه»!.