حتديهوملى نيللى نيللى
حديهوملك شريهان شريهان
هكذا تحدث اللمبى ومن قبله حامورابى
والبادى أظلم
والمظلوم هو الأبقى.. له المجد فى الأعالى وعلى أرض الله له السلام،
تحمل الآثام ومشى على طريق الآلام ولم يحرك ساكنًا ولم يتذمر، لم يكذب ولم يسرق ولم يتسبب فى تعاسة أحد ولم يحرق الأرض ولا الزرع ولم يتحكم فيما يتحكم فيه الإله.
كلمة الله وقول الحق الذى فيه يمترون.. له أتباع وتلامذة مشى منهم على أرضنا علماء ونوابغ.. رمسيس وأحمس ومينا مبدعو الحكمة التى نستظل بها للان وغيرهم كثير.. ثم أنجب هؤلاء.. فكان لنا أوزوريس وراداميس وغيرها من الأسماء التى لم تعتدها الأذن الصحراوية ولا يعيها أهل البداوة والبوادى.. اعتبروها نقيصة تحتاج لمكيدة فصارت معيرة، مثلما يُعير الرجل بالشيب وهو وقار.. عايروهم بما لم يعتادوا هم عليه حتى صار العار لهم.. فالإنسان عدو ما يجهل.. الفطرة التى لم تألف التنوع والتغيير، ولا تعرف معنى التعددية جالبة الثراء.
عقلية تعاف استيعاب كل اختلاف فتحوله لخلاف بل لعداء يستوجب إعداد العدة والعتاد للهجوم على ذلك «الغير» الذى ليس منا وإن كانت جيناته بحكم التاريخ مختلطة بتراب وتربة الوادى الخصيب.
لقد ساهم ذلك «الغير» ذلك «المختلف» فى إخصاب التربة وريها وطوع الطين ليصير بيوتًا وتماثيل.. رفع الرايات وصعد للنخيل وهزه ليسقط علينا الرطب والخيرات وتكون على قلوبنا بردًا وسلامًا وتحل علينا البركات ونأكل من طيباتها ونذوق «مَنّ» السماء.
أما ما يدهشك ويضحكك ويبكيك.. كل هذا فى لحظة واحدة.. فهو ظن هؤلاء أنهم هم من يمنون على ذلك «الغير» بالخيرات وهم الشركاء فى جلبها قولًا واحدًا فصلًا.
هم منا ونحن منهم شاء من شاء وأبى من أبى. هم ونحن ملح الأرض..نشكل معًا فسيفساء مدققة لا يمكن فصمها. الملح يذوب فى تربة الأرض فلا نعرف أى حبة كانت لهؤلاء وأى واحدة كانت لأولئك.
التصنيف هنا وأى محاولة للتفريق أو التفرقة خبل أكيد يُحدث فرقة غير مبررة تتسق فقط مع سيناريو المعيرة المعضض بعنصرية مقيتة تحرق ما حولها فلا ينمو أى خير فى تربة محترقة مجتزأة اجتذ منها نصفها وفصل عن الآخر فضاع الاثنان.. الذراعان لم يعودا متعاضدين أو متعانقين.. وإن احتلت الصحف والشاشات صور العناق البلاستيكى لزوم الظهور ونفى ما راكمته العنصرية من ثقافة وتراث بات عبئًا ثقيلًا على كاهل النفوس يعوقها عن التنفس.
هكذا الحال إن تفسخ الجدار وإن مزقت الجلود عن الأجساد وسدت العروق.. ستختلف الأسماء حتمًا.. ومهما اختلفت.. العروق واحدة.. فما هى إلا أسماء سميتموها.. يسميها من يشاء لمن يشاء وكيفما يشاء.. ناديه بها.. ناد عليه بما يشاء لا بما تشاء.. فهى ليست مشيئتك.. لست ربه..لست ربًا عليه لتسيطر.. فلوباتير ليس ذليلًا وليس واحدا من رعاياك.. فلوباتير ليس ذميًا ليقبل منك ما لا يقبل أو ليبرر لك ما لا يبرر.. عيناه عيناك.. ويده يدك فى الحق.. ولسانه يعبر عن حالك وإن اختلفت الالسن وما تنطق به من معارف روكمت لكليكما كل فى اتجاهه، والاتجاهان مصبهما النيل الواحد هبتك وهبته وعلى حد سواء.. عشتما سويًا على ضفافه وفى واديه الرحيب الذى يسع الجميع برحابة يضيقها من يعاير غيره بلا جدوى أو طائل سوى رفض ونبذ من لا ينادى عليه كما ينادى علىّ ولا يكتب اسمه كما يكتب اسمى وكلا الاسمين محفوران على الحجر العتيق فى أزمنة النصر والهزائم وعلى مدار تاريخ الوطن جنبًا إلى جنب وبالتبادل.
لقد ساعدك حتمًا.. لا تنس.. فلتساعده الآن. وقف إلى جوارك مرات عدة فلا تعفه الآن. كان هو المجهول الذى لم تعرف له اسمًا وخلد فى نصب تذكارية وكتب اسمه مع القديسين والشهداء عند إله لا يظلم عنده أحد ولا يصنف من خلقهم فى أحسن تقويم. هم أبناء الله الذين أمر وأوصى بهم خيرًا.. فالخير منهم ولهم لا يجازون أبدًا بمعايرة هنا أو إقصاء هناك.. ولا بقتل أو ذبح أو تشريد أو تعرية.. أبناء النيل لا يضامون أو يضارون على ضفتيه ومن يفعل ذلك آثم قلبه.. لم تسر فى دمائه حتمًا مياهنا المقدسة ولا تاق لسانه لزرعنا.
نقل أذنيك ومر بسمعك على الأسماء كلها فما لا يعجبك اسمه قد تعجبك خصاله أو تعجبك مواقفه.. وقد ترى فيه أو تذوق معه خيرات الأرض الواحدة التى ضمت وبلعت الرفات من الجانبين وسارت عليها نفس الخطى.. أرجل هذا وذاك.. ولم تميزها الأرض لتميزها أنت لا لميزة تراها فيها بل لعيب تراه أو تظنه وهذا شأنك وحدك لا تفرضه على الغير كحقيقة تراها أنت وتريدنا أن نعيشها وتضيفها إلى أخواتها من التابوهات والأصنام التى صنعت من عدم العدم ورويت طوال سنين بدم طاهر وماء عكر أهدر وأهدرت معه أشياء أخر.
وإن لم يكن لديك أو لا تستطيع غير ذلك الاختيار.. وكان خيارك أكيدًا.. فلا تغضب إذن إن جاء اليوم الذى يناديك فيه فلوباتير قائلا وباستعلاء: يا محمد.. أنا فلوباتير.