رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

رئيس السلام وآلام الزمان

القس جورج شاكر
القس جورج شاكر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لقد ولد السيد المسيح في عصر كله حروب ومنازعات، في زمن يفتقد إلى الأمن والأمان ولكن في يوم ميلاده كانت أنشودة السماء "وعلى الأرض السلام".
نعم! كان السيد المسيح هو الحب المتجسد على الأرض، لذلك رفض إستخدام العنف بكل أشكاله والوانه، فلقد كان ملكوته روحيا وليس جغرافيا، جاء ليملك على قلوب لا على عرش أرضي، فلم تكن لديه أي دوافع للحروب، لأن المحبة الحقيقية لا تجبر أحدًا على شئ، ولهذا كان أسلوب المسيح هو أسلوب المحبة والوداعة التي تأسر قلوب البشر وعقولهم، فلم يشكل جيشا، ولم يعلن حربا، لكنه حارب الخطية والظلم والظلام، من غير أن يمتطي جوادا أو يرفع سلاحًا، ولا حتى صوتا، لقد كان سلاحه الحب، ورمحه الوداعة، وترسه التواضع، وقوته في غفرانه، لم يفتح مدينة واحدة، ولكنه فتح أعين العميان وآذان الصم، كما فتح أبواب الأمل والرجاء أمام البائسين واليائسين، لم يثر مشاعر البغضة والكراهية، ولم يحرض أحدًا على أحد، لكنه شجع الجميع على الحب والتسامح بدون حدود، والعطاء والغفران بغير قيود.
ولهذا لُقب المسيح" برئيس السلام" أي صانع السلام، فلئن كان مفهوم القوة إرتبط في ذهن البعض بالعنف والقتل وإراقة الدماء، لكنه كان يعلم أن الانتقام أول علامات الضعف، أما الغفران فهو أبرز سمات القوة
ولهذا قال في موعظته على الجبل" أحِبّوا أعداءَكُمْ. بارِكوا لاعِنيكُمْ. أحسِنوا إلَى مُبغِضيكُمْ، وصَلّوا لأجلِ الذينَ يُسيئونَ إلَيكُمْ ويَطرُدونَكُمْ". 
نعم! إنه "رئيس السلام" فلقد جاء إلى أرضنا ليمنح عالمنا سلامه الذي يفوق كل عقل، ويتحقق ما تنبأ به النبي إشعياء " ويُدعَى اسمُهُ عَجيبًا مُشيرًا، إلَهًا قديرًا، أبًا أبديًّا، رَئيسَ السَّلامِ". 
وهو رئيس السلام لأنه علّم تلاميذه وتابعيه في كل جيل وعصر أن يصنعوا السلام مهما كان الثمن، ومهما كانت التضحية في سبيل ذلك فقال " طوبَى لصانِعي السَّلامِ، لأنَّهُمْ أبناءَ اللهِ يُدعَوْنَ" 
هذا والجدير بالذكر أن طبيعه ونوعية سلام المسيح... إنه سلام فوق حد التصور... سلام يتحدي مخاوف الزمان ومخاطر الحياة برسوخ وشموخ... والسر في ذلك أن المسيح قبيل إنطلاقه من الأرض إلى السماء كانت تركته لأتباعه "السلام" إذ قال: سلامي أعطيكم... سلامي أترك لكم؟!.
والحقيقة التي لا يشوبها أدنى شك هو أنه لا يمكن أن يتمتع الإنسان بالسلام الحقيقي إن لم يحصل على سلام مع الله، فمن حُرم سلامًا مع الله لا يمكن أن يهنأ بسلام مع نفسه، أو بسلام مع الآخرين، لأن الله هو مصدر كل سلام، لذلك في ذكرى الميلاد المجيد أصلى أن يختبر كل إنسان سلام الله حتى يعرف كيف يستمتع بحياته على الأرض، كما أرفع دعائي إلى الله أن يغمر بلادنا الغالية مصر بسلامه العجيب الذي يفوق إدراك العقول، وأن يمتعها وينعم عليها بالخير والإستقرار والتقدم والازدهار.