فى "حلب" الصورة لا تكذب ولكن إما أن يكون مصورها كاذبا أو حاملها منافقًا، هنا يكمن سر العديد من الحروب النفسية التي خاضتها داعش والنصرة، وبشار، وكل أطراف النزاع بسوريا بعنوان "حرب الصور المفبركة " هذا النوع من الحرب لم يكن وليد حصار حلب ولكنه بدأ منذ بدء الثورة السورية وكنا نحن فى "البوابه نيوز" شاهدا على إحدى هذه المرات فى أيام حصار مضايا حيث نشرنا تقريرنا الكامل عن استخدام الصور وفبركتها فى ملف جاء بعنوان "الحصار الكافر بمضايا "والآن نرصد أحداث الجولة الجديدة من تلك الحرب ضمن ملفنا "حلب تتحدث".
وككل مرة المدنيون هم من يدفعون ثمن تلك الحروب التى لا علاقة لهم بها، فحقوقهم تضيع وأموالهم تسلب ويتاجر بصورهم أمام العالم أجمع، لتخرج لنا مجموعة من الأكاذيب من قبل الطرفين تسهم فى القضاء على الحقيقة المطلقة مما يترتب عليه تخلى الكثير من سكان العالم عن القضية وأهلها.
ولا ننس أن قبل بداية الحرب ألصق إعلام النظام السوري بالثورة أعمالًا إرهابية منذ الأيام الأولى لها شأنه من شان باقي الأنظمة العربية وتصديها لثورات الربيع العربي، ونشرت فيديوهات تظهر مدى وحشية الثوار وارهابهم الغاشم واستخدامهم للسلاح ولكن لم النصر ليحالف هذه الأكذوبة طويلا حيث خرج بشار الأسد بعد عام كامل من بدء الثورة قائلا في خطاب له في مجلس الشعب إنه " في الأشهر الستة الأولى، لم يكن هناك سلاح ولا مسلحون"، وأكد نائبه فاروق الشرع ذلك بعد ستة أشهر وتم عزله وقتها، وكالعادة كمثل كل مرة تبدأ حرب الفبركة تشتعل ما بين قناتى الجزيرة الموالية للنظام والعربية الموالية للثوار.
وعلى جانب آخر لم يمتثل صحفيو المعارضة والثوار إلى آداب المهنة، وبدأوا ايضا بفبركة الصور التي تظهر مدى وحشية النظام لترد بها على فبركته والتى كان من ابرزها صورة لطفلة نشرتها المعارضة على أنها تهرب من قصف قوات النظام، إلا أن الصورة اتضح انها مفبركة من فيديو كليب لفنانة لبنانية تدعى هبة طوجي، عام 2014.
فى الوقت ذاته قام بشار الجعفري ممثل سوريا الدائم في الأمم المتحدة أثناء كلمته بالمجلس برفع صورة لجندي ينحني ليستقبل امرأة كبيرة السن على ظهره لتمر من فوقه، حتى يتضح للعالم ان النظام السوري يرحم الأبرياء ولا يتجاوز بحقهم، ولكن في الحقيقة اتضح أن هذه الصورة تخص الجيش العراق كما ذكرت صحيفة ليموند الفرنسية تعقيبًا على حرب الصور المفبركة وقالت: إن الصورة تم اقتصاص العلم العراقي منها دون ظهور العلم ايضا على الملابس العسكرية للجنود الظاهرين فيها وهو ما جعل نشطاء مواقع التواصل الاجتماعى بسرعة البحث عن الصورة الاصلية وعرضها لفضح النظام.
يذكر أن الصورة كان الظهور الأول لها في يونيو الماضي، وقد بثتها قناة آفاق العراقية الشيعية، وقالت آنذاك: إنها تعود إلى عنصر من قوات الحشد الشعبي ذات الغالبية الشيعية وهو يساعد أشخاصا يصعب عليهم التحرك في الفلوجة، ولكنها لاقت سخرية كبيرة على موقع التواصل الاجتماعي، لكونها دعاية مكشوفة.
في المقابل قام نشطاء العراقيون على فيسبوك بنشر الصور التي تكشف جرائم الحشد الشعبي بحرق وقتل المدنيين في الفلوجة ووصفتها المنظمات الدولية بالانتهاكات القاسية ضد الانسانية، ولم يتضح ما إذا كان الجعفري على علم بمصدر الصورة الحقيقي أو بالتلاعب الذي حصل فيها.
صحيفة “لوموند” الفرنسية، خصصت عنوان احد اعدادها الرئيسي، للحديث عن " الصور المزيفة والدعاية في معركة حلب "، وتحدثت عن صعوبة مهمة من يبحث عن الحقيقة في ظل ما يجري في حلب لكثرة المعلومات المختلقة والصور الزائفة.
وقالت: إن نشر الجعفري والبعض من عناصر المعارضة لصور مزيفة عن الحرب في حلب يزيد من معاناة أهل المدينة.
فيما أكدت الصحيفة أن هذه الحرب الباردة التي ينتهجها طرفي النزاع بعد كشف فبركة الصور من صحفيين فاريين من حلب إلى بيروت، لن تفيد المدنيين بشئ بل أنه ستزيد من معاناتهم.
وعلى جانب آخر أكد المحلل الفرنسي أوليفييه بيريور أن "هناك مؤامرة في الغالب على سوريا ككل "، وتابع: "رأينا في الفترة الأخيرة قصفا على آخر مستشفى في حلب وهناك من نشر صورا تدين النظام وهناك من نشر صورا تدين المعارضة ".
وقد وصل التلفيق الإعلامي الذي يرافق الحرب في سوريا منذ بدايتها، إلى حدوده القصوى في المرحلة الأخيرة من معركة حلب، إلى درجة أن بعض وسائل الإعلام الغربية، لم تعد قادرة على التزام الصمت أمام ضخامة الحملة الدعائية المبالغة في نشر معلومات غير دقيقة.
وعلى جانب اخر انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو قصير يعرض بطريقة ساخرة مراسلا على بعد عشرة أميال من مكان الحدث الذي لم يتمكن من الدخول إليه لكنه رغم ذلك يتحدث عن مئات الألاف من القتلى. وتم تعريف الفيديو على أنه واقع حال كل الناشطين اليوم الذين يغردون تحت هاشتاغ #حلب.
وكان الصحافي البريطاني باتريك كوكبرن تساءل كيف للمؤسسات الإعلامية التي تخشى إرسال صحافييها إلى المناطق التي يسيطر عليها أكثر المسلحين اعتدالا خوفا من أن يتعرضوا للخطف والقتل، أن تصدّق ما يرد عليها من تلك المناطق؟
ورأى الكاتب البريطاني أنه لا مفرّ أمام المعارضة التي تخشى على وجودها من إنتاج أو السماح بإنتاج معلومات في إطار البروباغندا الخاصة بها مشيرا إلى أن الخطأ لا يكمن فيها بل في وسائل الإعلام التي تسمح بأن يتم تغذيتها بأخبار مشكوك في صحتها ومن جانب واحد.
وعلى هذا النحو لا زالت حرب الصور تشتعل اكثر فاكثر والغريب ان القصه لم تقتصر فقط على حلب فى الداخل ولكن امتدت الى خارج سوريا حيث استطاعت السلطات المصريه بالقاء القبض على مصور شاب بالسويس ومجموعة معه يقومون بتصوير طفلة فى مشهد دامى على انه فى سوريا ليظهر وحشية النظام وارتكابه للجرائم، واعترفت المجموعه باكملها على انهم كانوا يقومون بتصوير مشاهد تمثيليه على احداث حلب، واستطعنا ان نصل لبعض المصادر المقربة الى هذا الشاب المصور والذين اكدو بدورهم انهم لا يعرفون حقيقة نيته ولكن هو فى الاساس مصور افراح لا علاقة له باى عمل سياسي وهو ما يضع فى اذهان متابعين القضية العديد من علامات الاستفهام.
وعلى نحو آخر نشرت صحيفة ليموند نصائح خمسة لمعرفة إن كانت الصورة مفبركه أم لا قائلة:
*يجب أن نضع افتراض أن المعلومات أو الصور المقدمة على شبكات التواصل الاجتماعي خاصة في أحداث سوريا من قبل شخص غريب، فالبتالي هي صور كاذبة إلى أن تتضح الحقيقة.
*يجب التعرف على أسماء الصحفيين والمؤسسات الإعلامية المعترف بها والتي يعملون بها حتى يتم التصديق على المعلومة أو الصورة المقدمة.
*في حالات مثل أزمة حلب، وتدفق المعلومات بشكل سريع جدا، يمكن في كثير من الأحيان أن يحدث خطأ غير مقصود من مؤسسة إعلامية كبرى في المعلومة، لذلك يجب الانتظار حتى يتم نشر المعلومة ذاتها فتتضح الحقيقة.
*يجب التاكد من حساب شخص يدعى أنه ناشط سياسي من المدينة التي بها الأزمة، إذا نشر صورة ما، فالصورة ليست دائمًا دليل فقد تكون قديمة، لذلك يجب التأكد.
*المبدأ الأساسي أن تعطي كل وسائل الإعلام عدة إثباتات بأن الصور صحيحة وموثوقة.
للعوده الى باقى الملف من هنا