أسلاك شائكة وجنود وبنادق، استطاعت أن تفصل بين جسديهما ولكنها لم تستطع أن تفرق بين الأرواح والقلوب التي ما زالت تنبض على أمل لقاء جديد على نفس الأرض التي شهدت أول لقاء بينهما "حلب".
تحت دوي الرصاص والانفجارات كان اللقاء الأول بين "حليم كاوا" 24 عامًا وحبيبته "نسمة بادنجكي"، حيث تعرفوا على بعضهما البعض بحسب ما قال حليم لـ"البوابة نيوز" أثناء المظاهرات التي كانت تخرج من جامعة حلب عام 2012 حيث كانت حبيبته تحضر دائما مع أصدقائها في الجامعة تلك المظاهرات.
كان "حليم" يرى فى نفسه السند الدائم لحبيبته التي لم يحب غيرها، وكان دائم الدعم لها إلى أن قررت أن تهاجر إلى تركيا لتكمل دراستها هناك، لم يمانع رغم ما احسه من وجع الفراق ولكنه يعلم تمامًا أن المستقبل لم يعد في سوريا، افترقت أجسادهما، وظلت أرواحهما معلقة رغم بعد المسافات والحدود الفاصلة بينهم.
في الوقت ذاته رفض حليم أن يهجر بلده كما فعل غيره الكثير من الشباب، ولكن كان يواظب على زيارة حبيبته في عيد ميلادها كل عام إلى أن أصبح حبيسًا لحصار لا يعرف معنا للحب، فقد أغلقت تركيا معابرها فى وجه السوريين على حين غفلة، فلم يستطع أن يزورها كما اعتاد كل عام فكتب لها على جدران حلب "بيني وبينك معبر وتيل وشوية جندرما.. كل عام وانتى بخير من حلب 30/3/2016".
بتلك الحيلة حاول حليم أن ينتصر على الحرب التى فرقت بينه وبين حبيبته كما هو الحال فى جميع أهل سوريا منذ اندلاع الثورة عام 2011 ضمن ثورات الربيع العربي.
ويضيف "حليم" فى حديثه لـ"البوابة نيوز": لست أنا فقط الذى أعانى من فقدان أحبائي ولست حالة خاصه ولكن معظم السوريين على هذا الحال، بل زاد الوضع سوءا بعد الحصار وبعد إغلاق تركيا لمعابرها فأصبحنا غير قادرين على التواصل مع أي شخص".
فى نهاية حديثنا معه قال "حليم": إن أمنيته أن تعود حبيبته إلى الأراضي السورية، وأن تنتهى الحرب ليستطيع أن يكمل معها حياته كما يتمنى.
لم تكن تلك هي المرة الأخيرة التي كتب فيها حليم لحبيبته على جدران حلب ولكن فى قلب الحصار وخنقته أحب أن يشاركها وجعه فكتب لها "أحبيني بعيدا عن بلاد القهر والكبت.. بعيدًا عن مدينتنا التى شبعت من الموت.. حلب المحاصرة آخر يوم 15/12/2016".
انقطع الاتصال بيننا وبين حليم عدة أيام إلا أن خرج من حلب يوم 19/12/2016 وقبل هذا التاريخ بيومين استطعنا أن نتواصل مع حبيبته نسمه فى تركيا من دون أن يعرف، واتفقنا معها أن ترسل له رسالة حب يتفجأ بها وهو يقرا هذا التقرير فوافقت بشرط أن تطمئن عليه أولا بعد أن يعاود الاتصال بها.
بعد يومين استطاع أن يكتب على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" أنه بخير، وأنه سيخرج من حلب، فطمأنت على الأقل أنه ما زال على قيد الحياة، وأرسلت لنا رسالتها الصغيرة له بخط يدها قائلة: "إلى من بقي جميلا في بلد من الكبت والقهر، بوصلتي في الثورة والإنسانية والحب، الثورة أنت وقلبك حلب"، بتلك الكلمات المختصرة والبسيطة عبرت له عن حبها وشوقها للعودة إليه مرة أخرى".
للعوده الى باقى الملف من هنا