راحت سنة وجت سنة ولسه محلك سر قول آمين يا محمد.
كيف نجعل عام ٢٠١٧ أقل قسوة.. اقتصاديا؟
هيا نهتف مع د. سلوى العنترى
السياسات الاقتصادية التى تمضى الحكومة قدما فى تنفيذها، طبقا لبرنامج قرض صندوق النقد الدولى، يترتب عليها ليس فقط التهاب المستوى العام للأسعار والإطاحة بجزء معتبر من القوة الشرائية لدخول القاعدة العريضة من المواطنين وتخفيض مستوى معيشتهم، وإنما أيضا تخفيض معدلات الاستثمار ومعدلات النمو والتشغيل، نظرا لرفع تكاليف الإنتاج فى قطاع الأعمال.. السياسات الانكماشية تهدد بزيادة عدد المشروعات، التى تضطر إلى إغلاق أبوابها وإشهار إفلاسها، وزيادة عدد المواطنين الذين ينضمون إلى جيش العاطلين والباحثين عن فرصة عمل، وزيادة عدد الملايين الذين يسقطون تحت خط الفقر.
الحكومة لا تنفى الآثار الانكماشية لما تطبقه من سياسات، ولكنها تقول: إن تلك الآثار لن تستمر طوال مدة البرنامج، بل ستتلاشى فى غضون عام ونصف، وبعدها سيبدأ انطلاق الاقتصاد المصرى إلى التعافى والنمو.. فقط علينا أن نصبر ونتحمل لمدة عام ونصف لا أكثر!
وسواء شاركنا الحكومة تفاؤلها أم لا.. فالمؤكد أن هناك حاجة ملحة لتخفيف أثر السياسات الانكماشية، التى يتضمنها برنامج القرض على القاعدة العريضة من المصريين، وذلك من خلال مجموعة من الإجراءات العاجلة لعل من أهمها:
زيادة قيمة الدعم المقدم من خلال بطاقات التموين إلى المستوى الذى يكفل استمرار حصول المواطن على نفس كميات السلع الغذائية الأساسية التى كانت البطاقات تكفلها قبل ارتفاعات الأسعار.
التوسع فى طرح السلع الاستهلاكية الأساسية بأسعار مقبولة من خلال المنافذ الحكومية المختلفة، بما يغطى كافة أنحاء البلاد، وخاصة فى الأقاليم والأحياء الشعبية.
رفع حد الإعفاء الضريبى للشريحة الدنيا من الدخول إلى الضعف.
تحمل الدولة لفرق تكلفة استيراد وإنتاج الأدوية والمستلزمات الطبية، وفروق تكاليف البناء فى مشروعات الإسكان الاجتماعى.
المواجهة الحقيقية للاحتكارات ووضع حد أقصى لهامش الربح فى قطاعات النشاط المختلفة.
مد مظلة برامج تكافل وكرامة ومعاشات الضمان لتغطى كل السكان الذين يقعون تحت خط الفقر، والذين يمثلون ما يقرب من ٦ ملايين أسرة.
تعديل قانون إيجارات الأراضى الزراعية بما يكفل استقرار العقود وتحديد القيمة الإيجارية بحسب جودة الأرض والعائد الفعلى لها.
زيادة المقررات الموزعة بالجمعيات الزراعية من مستلزمات الإنتاج المدعمة وتسليمها للمزارعين الفعليين وليس الملاك.
تعديل قانون إيجارات المساكن الجديدة بما يكفل عقود إيجار مستقرة وأسسا موضوعية واضحة لتحديد قيمة الإيجار، تأخذ فى الاعتبار تكلفة الأرض والمبانى ومستوى التشطيب واختلاف الموقع.توفير التمويل المطلوب لكل ما سبق بإجراء التعديلات الضريبية التى طالبت بها الغالبية الساحقة من الاقتصاديين على اختلاف توجهاتهم، والتى يأتى فى مقدمتها فرض ضريبة لمرة واحدة بمعدل ١٠٪ على الثروات التى تتجاوز ٢٠ مليون جنيه، والتطبيق الفعلى للضريبة التصاعدية على دخول الأفراد، بما يرفع معدلات تلك الضريبة لتصل إلى ٣٠٪-٣٥٪ عند شرائح الدخل العليا، واستعادة الضريبة على الأرباح الرأسمالية للمتعاملين فى البورصة، فضلا عن ضم الصناديق الخاصة للموازنة العامة للدولة.
أما على صعيد قطاع الأعمال فقد يتمثل طوق النجاة من الانكماش الاقتصادى فى أمرين رئيسيين: أولهما هو تشغيل المشروعات المتوقفة أو التى تعمل بجزء ضئيل من طاقتها الكاملة، وخاصة تلك التى توفر سلعا استهلاكية للقاعدة العريضة من المواطنين، كما هو الحال بالنسبة للصناعات الغذائية وصناعة الملابس والمنسوجات. ويمكن أن يتوفر التمويل اللازم من خلال طرح اكتتابات لزيادة رؤوس أموال تلك المشروعات، فضلا عن دخول البنوك كمساهم فى رؤوس أموالها، على أن يرتبط ذلك كله بوجود خطة واضحة معلنة للتطوير وإعادة الهيكلة، بتوقيتات ومؤشرات أداء ومعدلات ربحية محددة، وإدارة تتمتع بالكفاءة والنزاهة.
أما الأمر الثانى فيتمثل فى تفعيل مبادرة البنك المركزى المصرى بشأن إلزام البنوك بألا تقل نسبة ما تقدمه من تمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة عن ٢٠٪ من إجمالى ما يقدمه كل بنك من تسهيلات ائتمانية خلال ٤ سنوات، وذلك بعائد بسيط متناقص يتراوح بين ٥٪ و ٧٪. وقد اشترط البنك المركزى أن يتم التركيز على المشروعات الزراعية والصناعية والمشروعات المنتجة للمكونات الوسيطة للصناعة أو لإحلال الواردات، فضلا عن الأنشطة كثيفة العمالة والتى تستهدف التصدير. وهذا هو بالتحديد ما نحتاج إليه خلال المرحلة الحالية.
البنك المركزى سبق أن أعلن أن إجمالى القروض التى يمكن ضخها من خلال تلك المبادرة تقدر بنحو ٢٠٠ مليار جنيه، وأن تلك المبالغ يمكن أن تغطى ٣٥٠ ألف شركة ومنشأة، ويترتب عليها خلق ٤ ملايين فرصة عمل جديدة.. والمؤكد أن ضخ هذا الحجم المعتبر من التمويل منخفض التكلفة يمكن أن يمثل بالفعل طوق نجاة للاقتصاد المصرى للتخفيف من حدة الآثار الانكماشية على معدلات النمو والتشغيل ومستويات المعيشة. إلا أن ذلك يتطلب ليس فقط التزام البنوك بتوفير التمويل، ولكن وهو الأهم قيام الدولة بتوفير العديد من المتطلبات التشريعية والمؤسسية، وعلى رأسها:
حل المشكلات المتعلقة باستخراج التراخيص وبطء الإجراءات وتعدد جهات الرقابة.
إعادة تنظيم السوق على النحو الذى يفتح أمام المشروعات الصغيرة والمتوسطة الباب لدخول المجالات التى تهيمن عليها الاحتكارات، وخضوع الجميع على قدم المساواة لما تنص عليه التشريعات من قيود تنظيمية وما تتيحه من مزايا.
إيجاد آلية واضحة لربط المشروعات الصغيرة والمتوسطة بمراكز التوزيع داخليا وأسواق التصدير فى الخارج.
إيجاد آلية واضحة لاستخدام المشروعات الصناعية الصغيرة والمتوسطة كصناعات مغذية والربط بينها وبين المشروعات المستخدمة لمنتجاتها.
تنظيم برامج جادة لتوفير التدريب والمعونة الفنية للقائمين على المشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال وزارة التجارة والصناعة والهيئة العربية للتصنيع واتحاد الصناعات
إزالة القيود التشريعية الحالية التى تعوق إنشاء وتوسيع نشاط تعاونيات الإنتاج والتسويق.
خلاصة ما سبق أن هناك بالفعل العديد من الآليات التى يمكن استخدامها للتخفيف من أثر السياسات الانكماشية التى تمضى الدولة فى تطبيقها، سواء على مستوى معيشة القاعدة العريضة من السكان أصحاب الدخول الثابتة والمحدودة، أو على قطاع الأعمال والتشغيل.. فهل آن للحكومة أن تتعامل مع هذه الآليات بجدية؟
مات الكلام بعد كلام الأستاذة.