معالم مصر الأثرية سواء الإسلامية أو المسيحية الضاربة بجذورها في عمق التاريخ، تؤكد على قدسية واحترام مصر لجميع الأديان، فكثيرًا ما نشاهد مآذن المساجد تعانق أجراس الكنائس في صورة حضارية وتاريخية لم يشهد لها أي من بلدان العالم مثيلا.
وتزامنًا مع أعياد الميلاد المجيد يرصد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان ظاهرة معمارية لا مثيل لها فى العالم تؤكد أن المسيحية والإسلام نسيج معمارى فنى تنفرد به آثار مصر على آثار العالم أجمع وهى وجود مدخل كنيسة لجامع الناصر محمد بن قلاوون بالنحاسين بشارع المعز من خلال ما كتبه المؤرخ تقى الدين المقريزى المتوفى عام 845هـ فى كتاب "المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار" وكتاب بدر الدين العينى "عقد الجمان فى تاريخ أهل الزمان" من خلال دراسة أثرية للباحث فى الآثار الإسلامية أبو العلا خليل.
وقال ريحان في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز": إن الطراز المعمارى لمدرسة وجامع الناصر محمد هو الطراز المملوكى المكون من صحن أوسط وأربعة إيوانات لتدريس المذاهب الأربعة عدا المدخل فهو على طراز العمارة القوطية، مشيرا إلى أن المدخل فى الأصل كان مدخلا لكنيسة لاتينية شيدها الصليبيون فى مدينة عكا تسمى كنيسة سان جان وعندما دخل السلطان الأشرف خليل بن قلاوون المدينة بعد أن استردها من الصليبيين عام 690هـ - 1290م أخذ الأمير علم الدين سنجر الشجاعى أحد الأمراء المرافقين للأشرف خليل البوابة المصنوعة من الرخام، سواء قواعدها وأعضادها وأعمدتها وحملها إلى القاهرة واحتفظ بها عنده.
واستطرد: لما سمع الأمير بدر الدين بيدرا نائب السلطنة بأمر الباب سأل الأمير علم الدين سنجر الشجاعى أن يمنحه إياه إحسانًا منه إليه فقدمه إليه وظل الباب عند الأمير بيدرا حتى عام 693هـ ولما تسلطن الأمير زين الدين كتبغا وتلقب بالملك العادل اختار أن يجعل له مدرسة ومكانًا يدفن فيه فسعى له جماعة ودلوه على المكان المجاور لمدرسة السلطان قلاوون بشارع المعز ففرح بذلك واشتراه من ورثته وشرع فى عمارته وأخبره من كان يعرف بأمر الباب أنه عند ورثة بيدرا فسأل كتبغا ورثة بيدرا عن ذلك فأحضروه اليه وأمر بوضعه بابًا للمدرسة.
وأشار ريحان إلى أن الناصر محمد احتفظ بالمدخل القوطى الجميل كعنصر معمارى وجعله مدخلًا لجامعه بشارع المعز، لافتا إلى أن المدخل تحيط به إطارات متداخلة على هيئة عقود ترتكز على أعمدة رخامية ذات تيجان كورنثية يحيط بها جفت لاعب ينعقد فى ميمة دائرية فوق العقد بها لفظ الجلالة وعلى جانبيه زخارف نباتية فى نصف دائرة ويتوسط المدخل فتحة باب مستطيلة يعلوها عتب رخامى ذو زخارف نباتية محورة وبأعلاه إفريز بداخله نص كتابى إنشائى يليه نافذة دائرية ذات مصبعات معدنية داخل جفت لاعب من الرخام.
ونوه ريحان إلى الظاهرة الثانية بمنطقة مصر القديمة حين اختار مؤسس المتحف القبطى مرقص سميكة باشا واجهة جامع الأقمر الفاطمى بشارع المعز لتكون واجهة المتحف القبطى حين تأسيسه والموجودة حتى الآن، مشيرا إلى أن الواجهة هى نموذج طبق الأصل من واجهة جامع الأقمر وأضاف إليها الفنان التشكيلى راغب عياد الرموز المسيحية فيما تأسس المتحف عام 1908 وافتتح رسميا عام 1910.