عندما تتجول فى دولة الإمارات، تشعر بحق أن هناك اهتماما بكل تفاصيل الحياة، بدءا من الطرق والمرور، إلى المواصلات العامة، إلى المبانى والأبراج السكنية والتجارية الشاهقة، لكن لابد أن تتوقف عند قطاع السياحة والتى أولته الدولة اهتماما كبيرا قفز بها إلى مصاف المقاصد الأولى للسياحة العالمية خلال سنوات قليلة.
لقد أبدت الإمارات، خلال السنوات الأخيرة، اهتمامًا كبيرًا بالقطاع السياحي، من خلال تطوير بنية تحتية متطورة، ومرافق تلبي متطلبات السياح الأجانب، بالإضافة إلى الارتقاء بمستوى الخدمات في القطاع الفندقي والنقل المريح، فضلًا عن إقامة الفعاليات والمهرجانات التي كان لها دور واضح في استقطاب السائحين من شتى أنحاء العالم.
وتعتبر الإمارات الدولة الأكثر جذبًا للسائحين على الصعيد العربي، وتحديدا إمارة دبى، التي اكتسبت شهرة دولية، من خلال تنوع الأنشطة السياحية بها من سياحة مائية، وسياحة المؤتمرات، وسياحة الصحراء، والسياحة التراثية، فضلا عن سياحة الأثرياء التى تقدمها من خلال فنادقها ذات السبع نجوم؛ وبذلك صارت الإمارات تعتمد بشكل كبير على السياحة، كواحد من أهم القطاعات غير النفطية في مواردها، مما حولها من أكثر 4 وجهات سياحية نموا في العالم وفق منظمة السياحة العالمية.
وكمؤشر لسير الإمارات على الطريق الصحيح فى المجال السياحى، وصل عدد السائحين الوافدين إليها أكثر من 15.5 مليون سائح، أمكن استيعابهم بفضل التطور الكبير للقطاع الفندقي؛ حيث وصل على سبيل المثال عدد الفنادق من فئة (5 نجوم) وحدها إلى ما يقارب 120 فندقا، وهو رقم يتجاوز عدد الفنادق المماثلة في دول مجلس التعاون الخليجى الخمس الأخرى مجتمعة، وبالطبع تتوفر في هذه الفنادق مختلف وسائل الراحة والترفيه العائلي، وأماكن فاخرة لإقامة المؤتمرات والمعارض؛ إذ تعتبر سياحة المعارض من أهم مجالات الاستقطاب السياحي في الدولة؛ وذلك بخلاف برج خليفة الذى يعد الأعلى فى العالم، والذى يحرص أكثر من 5ر1 مليون سائح سنويا على الحضور إليه فى احتفالات رأس السنة الميلادية لمشاهدة كرنفالات الألعاب النارية، بالإضافة إلى شواطئ جميرا الممتدة وسط المياه الصافية.
وتصدرت الإمارات الأسواق العربية الآسيوية في الإسهام المباشر لقطاع السياحة والسفر في الناتج المحلي الإجمالي، بحسب بيانات مجلس السياحة والسفر العالمي؛ حيث بلغ إسهام القطاع في ناتج المنطقة ككل نحو 76 مليار دولار، وجاءت الإمارات في مقدمة هذه الدول؛ حيث بلغ الإسهام المباشر فيها لقطاع السياحة والسفر في الناتج المحلي الإجمالي نحو 25 مليار دولار، وبحسب بيانات المجلس الوطني للسياحة والآثار، فقد بلغ عدد نزلاء الفنادق في الدولة 1.6 مليون نزيل بنمو 14%، ووصلت عدد الليالي الفندقية 51.4 مليون ليلة بنمو 16%، بينما بلغ إجمالي العائدات 22.2 مليار درهم بنمو 2.7%.
وبعد أن كان اعتماد القطاع السياحي المحلي بصورة أساسية على الاستثمارات المحلية؛ جاءت الإمارات في مقدمة الدول في الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاع السياحة خلال الفترة من 2003 إلى 2013، محتلة المركز الخامس إلى جانب كل من الصين، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، والهند، من خلال تسجيل 169 مشروعًا، متفوقة على البرازيل ومعظم أجزاء أمريكا الجنوبية التي تعتبر وجهات سياحية شهيرة.
وتزامن ذلك مع التطور الكبير الذي لحق بشركات الطيران المحلية، فمن المتوقع أن تصل عدد الحركات الجوية في 2025 إلى 1.2 مليون حركة جوية، كما احتلت شركة "طيران الإمارات" المرتبة الأولى على مستوى الشرق الأوسط للسنة الرابعة على التوالي، وقٌدرت قيمة علامتها التجارية حاليًا بـ 5.48 مليار دولار أمريكي بزيادة نسبتها 34% عن قيمتها في عام 2013 ؛ وذلك حسب تقرير “براند فاينانس العالمي السنوي”، كما حلت شركة "طيران الإمارات" في المركز الرابع عالميا من حيث أعداد الركاب لسنة 2014 مع نحو 47.2 مليون راكب، بحسب ما أعلن الاتحاد الدولي للنقل الجوي "إياتا".
وأصبحت إمارة دبي الوجهة السياحية الأولى في الشرق الأوسط، ليس فقط للأوروبيين الباحثين عن الدفء وروعة الشرق، ولكن لقطاعات مختلفة،؛ حيث تمكنت بفضل معمارها المصرى والفريد، وخدماتها المتميزة من جذب قطاع كبير من شريحة الشباب، وهم القوة الدافعة في صناعة السياحة.
كل تلك النجاحات لم تتحقق من قبيل الصدفة، أو نتيجة الموقع الجغرافى للإمارات، ولكنها تحققت من خلال التخطيط الجيد، والعمل الجاد والطموح المتزايد فى وضع الإمارات على قمة السياحة العالمية فى الوقت القريب، حيث من المتوقع خلال العامين المقبلين صعودها للمركز الثالث فى المقاصد السياحية العالمية؛ وذلك فى الوقت الذى يهدف فيه حاكم إمارة دبى الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم إلى رفع التدفقات السياحية من 15.5 مليون سائح سنويا إلى 20 مليون سائح كل عام بحلول عام 2020، فضلا عن مضاعفة المساهمة السنوية للقطاع السياحى فى الاقتصاد المحلى لدبى إلى ثلاثة أضعاف ما يتم تحقيقه حاليا.