فجأة كانت المفاجأة، دخول الكارت الذكي للخدمة متسللا من باب التجريب بعد فترة انتظار طالت أكثر من عامين سبقها وتخللها عشرات من الشائعات والاتهامات للسيد المذكور "الكارت الذكي" الذي قيل عنه أنه " كارت.. وراح"، لكن الحكومة كانت عندها الرد قبل ايام بتشغيله وسط تساؤلات من جانب البعض، كيف خرج ولماذا خرج الآن مع إصرار على بدء عمله بمحطات الوقود، الأغرب أن بتروليين وصفوه بـ" بعديم الجدوى " وقالوا: إنه منظومة بلا جدوى وتحتاج إلى معجزة تضمن وصول البنزين لمسحقيه فيما كانت الصدمة الكبرى من برلماني حين قال: "فوجئنا بتطبيقه".
أيا كان الوضع للكارت الذكي، خرج فجأة، أو خرج بإذن، لكن يبقى الشىء الملموس أن الكارت صار حقيقة وخرج للنور، وزارة البترول من جانبها أكدت أن الهدف من بدء التشغيل التجريبي للكارت الذكي هو بناء قاعدة بيانات للاستهلاك الفعلي من الوقود، موزعة وفقا لنوعه سواء سولار أو بنزين، والمنطقة الجغرافية التي سيتم التوزيع فيها، ونوعية المستهلك، وذلك لضبط السوق ومراقبة توزيع المنتجات.
ورأى السيد حجازي الباز، عضو لجنة الطاقة بالبرلمان، أن تطبيق الكارت الذكي قد ينجح في القضاء على السوق السوداء داخل، لكن التطبيق للمنظومة سيولد مشاكل بالنسبة للسيارات مثل الزحام على المحطات، ضاربا مثالا بما حدث مع منظومة الخبز، متسائلا عن كيفية تطبيق المنظومة لآلاف التكاتك التي لم ترخص إلى الآن بجانب السيارات الأخرى غير المرخصة، مستنكرا تطبيق تلك المنظومة في ظل اقتراب أسعار البترول من الأسعار العالمية ووجود نية من الدولة لذلك، لافتا إلى وجود فئات غير مستحقة للدعم قد تستفيد من المنظومة مثل السفارات وغيرها وهو أمر خاطئ.
وأضاف الكارت الذكي سيسبب مشاكل كثيرة للمواطنين وخاصة ممن لم يصدر الكارت الذكي بعد، لافتا إلى أن من حصل على الكارت منذ 5 سنوات قد لا يجده الآن لديه، وهو ما سيجعله يرغب في عودة إصداره مجددا، لافتا إلى أن ملاك الأراضي الزراعية أيضا لا يمكنهم الاستفادة من تطبيق المنظومة لا سيما مع وجود ارتفاعات في أسعار الري.
وأكد أنه فوجئ مثله مثل الكثير بإعلان وزارة البترول عن تطبيق منظومة الكارت الذكي في الوقت الذي ارتفعت خلاله أسعار المواد البترولية وفي الوقت الذي نتجه خلاله الدولة لرفع الدعم عن البترول خلال الأربعة سنوات القادمة، لافتا إلى أن التطبيق الذي أعلنته وزارة البترول هو تطبيق تجريبي وليس تام حيث تقول الوزارة أن تطبيق المنظومة لرؤية نجاحها من عدمه، لافتا إلى أن الهدف منها عدم تعرض المحروقات للسرقة أو بيعها من خارج منافذ التوزيع.
وقال الدكتور رمضان أبو العلا، الخبير البترولي الدولي: إن الحديث عن تطبيق منظومة كارت الوقود الذكي ليس له معنى خلال الفترة الحالية، خاصة بعد اقتراب أسعار الوقود من الأسعار العالمية، وهو ما يجعل تفعيله أمر لا معنى له لأن الدعم انخفض جدا، وأصبح الآن لتر البنزين بسعر 3.5 جنيه، مشيرا إلى أنه لا بد من محاسبة المسئول عن أكذوبة كارت الوقود الذكي خلال الفترة الماضية بتهمة إهدار المال العام؛ لأنه تم إنفاق الملايين على ذلك المشروع ولم يعد له أهمية.
وأضاف: "أعتقد أن تناول الموضوع الآن من قبل وزارة البترول ما هو إلا مزايدة على المواطن، ومحاولة للتغطية على القرارات الاقتصادية الأخيرة الخاصة بتخفيض الدعم"، نافيا صحة الحديث حول جدوى الكارت الذكي لمواجهة السوق السوداء في الوقت الذي أصبحت فيه الأسعار العالمية للوقود متقاربة من سعر البترول حاليا داخل البلاد قائلا: "سوق سودا إيه.. احنا في فترة صعبة للغاية".
واستنكر أبو العلا سياسات وزارة البترول السلبية جدا فيما يتعلق بتطبيق منظومة الكارت الذكي، وخاصة أنه تم مسبقا الإعلان عن تطبيق منظومة الكارت الذكي لأكثر من مرة خلال الفترة الماضية، وناشدت الوزارة بضرورة الاهتمام بالأمر، وتسجيل بيانتهم لتفعيل الكارت الذكي، ورغم ذلك لم يحدث شيئا.
غير أن الدكتور صلاح حافظ، الخبير البترولي ونائب رئيس هيئة البترول السابق، رأى أن تفعيل الكارت الذكي هو السبيل والحل الوحيد خلال الفترة المقبلة في ظل الإجراءات الاقتصادية الأخيرة الخاصة بإزالة الدعم البترولي، لافتا إلى أن تطبيق منظومة الكارت الذكي سيساعد على تقنين وصول المشتقات البترولية، وضمان وصولها لمستحقيها، حيث يتم إنشاء قواعد بيانات قومية لتوزيع المنتجات البترولية على مستوى الجمهورية ومراقبة توزيع المنتجات البترولية لجميع السيارات والمركبات في شتى محافظات الجمهورية معرفة مدى حاجتها واستهلاكها داخل قواعد البيانات تلك، بالإضافة إلى التأكد من عدم تهريب المنتجات البترولية خارج حدود الجمهورية، وتوجيه المبالغ النقدية والتي توفرها المنظومة علي إقامة مشروعات أخرى وهو ما يضمن وصول الوقود لمستحقيه.
وأضاف: تتمثل أهمية تلك الخطوة في دعم قرار ترشيد استهلاك البترول، وتقليل المخصصات المادية المنفقة على ذلك القطاع، والتي كانت تأخذ ثلث ميزانية الدولة قبيل قرار رفع الدعم، حيث تكلف الدولة 49 مليار جنيه سنويا قبل ذلك، مشيرا إلى أن هناك دولا كثيرة لا يوجد بها دعم للبترول أو الكهرباء أو الغاز مثل لندن، والتي يبلغ سعر لتر البنزين بها ما يعادل 24 جنيها مصريا، حيث يدفع المواطن ضرائب نظير حصوله على الوقود.