الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

منى هانم مينا.. سيدة 2016

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تلك المصرية حتى النخاع، تلك المرأة التى تذوب عشقًا فى تراب الوطن تلك الناعمة كالحرير مع كل محتاج وأصلب من الفولاذ فى مواجهة الفساد والفاسدين، صورتها البشوشة المبتسمة وهى تقتحم بمفردها جحافل الأمن المركزى للتضامن مع الصحفيين، لفت ودارت الدنيا عبر وكالات الأنباء ووسائل الإعلام هى تستحق بلا منازع أن تتوج سيدة العام ٢٠١٦.
من أجلها أنشأ محبوها العديد من الصفحات على شبكة التواصل الاجتماعى، واحدة من أجل ترشيحها لجائزة نوبل وأخرى من أجل حصولها على لقب الأم المثالية لشباب الأطباء وثالثة للتضامن معها ضد الفاسدين وأراجوزات النظام الذين يتربصون بها ورابعة وخامسة وسادسة حتى تعبت من العد والمتابعة.
عندما علمت بخبر وجود صفحة تعمل على ترشيحها لجائزة نوبل للسلام اتصلت بالمسئول عن الصفحة وقالت له إنها فى الحقيقة لا تتفق مع الفكرة ورد المسئول أن هذه الفكرة ستتيح الفرصة لمحبيها للتعبير عن مشاعرهم وتقديرهم لمشاركتها ومواقفها الصلبة المتجردة فى كافة الأحداث الوطنية التى مرت بها مصر، هذا النضال الذى لم يتوقف منذ سبعينيات القرن الماضى وحتى الآن والذى جعل منها نموذجًا ناصعًا للمثقف الثورى، لكنها أجابت بأن هذه المشاعر تعد بالنسبة إليها أعظم بكثير من أى جائزة ولم يجد المسئول كما يقول مفرًا إلا النزول على رغبتها وكله أسف، وإغلاق الصفحة والاعتذار لكل من تحمّس للفكرة وسجل اسمه فى قائمة المؤيدين لها وقدم لهم عظيم الشكر.
وعندما كشفت بعضًا من فساد المنظومة العلاجية فى الدواء والمستشفيات سارع المتربصون بتقديم البلاغات واحدًا تلو الآخر، و«زاط» الإعلام الفاسد وراءهم، مطالبين برأسها، وقفت أمام النيابة ولم تكن المرة الأولى وفضحت الجميع.
ولم يتركها أبناء الوطن الذى عشقته وكانت أكبر حملة تضامن مع شخصية عامة تحت شعار «كلنا ندعم صوتها الحر»، وقّعَ ضد الهجمة الشرسة عليها أكثر من ألف شخصية عامة وسياسية ونقابية وحقوقية، و٢٣ نقابة وحركة وحزبا سياسيا، وانتقد الموقعون على البيان حملة التشويه والتصيد التى انطلقت لتهاجمها بعد حديثها الذى كان بداية لكشف مشكلة عجز الدواء والمستلزمات الطبية.
وضمت قائمة الموقعين مرشحين سابقين للرئاسة ووزراء سابقين وأعضاء بلجنة الخمسين لوضع الدستور وأساتذة جامعيين وعددا كبيرا من الكتاب والمفكرين والنقابيين والمحامين والصحفيين والمهندسين والأطباء والممرضين.
وقال المتضامنون: نحن نرى أن الهجوم الشرس هو محاولة مكشوفة - ضمن سلسلة محاولات عديدة - لإسكات كل الذين يرغبون فى كشف جروح مجتمعنا كخطوة أولى وأساسية من أجل العلاج.
هى سيدتى الدكتورة منى معين مينا غبريال الطبيبة والناشطة والمنسق العام لحركة أطباء بلا حقوق والمتحدثة باسمها، وهى عضو مجلس النقابة العامة لأطباء مصر، والوكيل الأول لها رغم أنف الإخوان المجرمين الذين استولوا على النقابة زمنا طويلا.
شاركت منى مينا فى تنظيم إضرابات الأطباء فى مايو ٢٠١١ وأكتوبر ٢٠١٢ للمطالبة بتحسين الأجور وتأمين المستشفيات ورفع ميزانية الصحة فى مصر، وترأست المظاهرات أمام دار الحكمة كما شاركت فى ثورة ٢٥ يناير من بدايتها وكانت عضوًا بارزًا فى المستشفى الميدانى الذى أنشئ لإسعاف المصابين من المتظاهرين.
تخرجت منى مينا فى كلية طب جامعة عين شمس سنة ١٩٨٣، وحصلت على دبلوم الدراسات العليا فى طب الأطفال سنة ١٩٩٠.
وصفها زوجها المهندس سعيد أبوطالب، بأنها إنسانة بمعنى الكلمة، وشجاعة إلى أقصى مدى، تبكى برقة عندما ترى ضعيفًا يحتاج المساعدة، ساردًا بعض مواقف لزوجته منها تواجدها فى ميدان التحرير منذ اندلاع أحداث ثورة ٢٥ يناير، وأنها رفعت الراية البيضاء فى ليلة ٢٨ يناير بالمستشفى الميدانى بعمر مكرم لإسعاف الحالات الحرجة وطلبًا لوقف إطلاق النيران، وكيف أنها رفضت تسليم المصابين قائلة «على جثتى». 
كتبت منى مينا على صفحتها الخاصة كثيرًا مما لا يعجب الفاسدين وكانت تلك الآراء سببا فى وقوفها أمام النيابة من بينها:
■ أزمة الدواء: يُترك النزاع بين وزارة الصحة وشركات الأدوية ليتصاعد، حتى يبدو الأمر، وكأنه لا مفر من الاستسلام لشروط شركات الأدوية برفع الأسعار، وهذا استنتاج خاطئ وكاذب يبدو أننا ندفع دفعًا للاستسلام له، وذلك بترك أزمة النواقص تتفاقم دون حل، لننزلق لوضع خطير يسمح بانفلات خرافى لأسعار الدواء، هو باختصار قتل للمرضى الفقراء.
■ مثال بسيط للحلول المهمة الموجودة بين أيدينا ونهملها بلا أى سبب مفهوم، هو وضع شركة النصر للكيماويات الدوائية، وهى شركة قطاع أعمال عام مصرية، اشترت وجهزت خطوط إنتاج جديدة للمحاليل ولفلاتر الغسيل الكلوى بعشرات الملايين، وهى ماكينات مستعدة للعمل فور صدور التصريح من وزارة الصحة منذ شهور طويلة، ولكن وزارة الصحة لا تعطى التصريح.
■ هل يمكن توفير الدواء بعد تضاعف سعر الدولار دون زيادة سعره فى ظل أن ٩٨٪ من مستلزمات إنتاج الدواء نستورده بالدولار؟! نعم.. ممكن لأن كثيرًا من الأدوية المستوردة (مرتفعة الثمن) لها مثائل محلية الصنع متفاوتة السعر بشكل كبير، ولنأخذ كمثال أحد الأدوية المستخدمة كمضاد للتجلط، سعر الدواء المستورد ٢٠٥ جنيهات، وسعر بعض المثائل المحلية يصل إلى ١٤٥ جنيها، وسعر مثائل محلية أخرى ١٠ جنيهات و١٢ جنيها.
الحل باختصار هو تصحيح سياسات التسعير لرفع سعر المنتج المسعر بسعر شديد التدنى إلى ٢٠ جنيها على أقصى تقدير، لتستطيع الشركة المنتجة التوسع فى إنتاجه.. وبهذه الطريقة نستطيع تغطية احتياجات المواطن بالمثيل الأرخص سعرًا، كما تستطيع الدولة تلبية احتياجات المستشفيات الحكومية والجامعية والتأمين الصحى بهذه المثائل الرخيصة السعر.
■ تستطيع الشركات توفير الدواء بهذا السعر وتربح وتستمر فى العمل والإنتاج فى ظل تضاعف سعر الدولار بشرط دعم غير مباشر من الدولة مثل إعفاء مستلزمات الإنتاج من الجمارك.
س: وهل المثائل المحلية ذات السعر الرخيص فعالة؟!
ج: هنا تأتى أهمية مطالبة النقابة بتفعيل دور الهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية، وإعطائها حق أخذ عينات من على أى خط إنتاج فى أى شركة، والالتزام بمصادرة وإعدام المنتج إذا قررت هيئة الرقابة أنها غير مطابقة للمواصفات فورًا.
س: وماذا عن الحلول التى تناقش حاليا عن رفع لسعر الدواء ٥٠٪ للأصناف أقل من ٥٠ جنيها وحدة التسعير.. و٤٠٪ لأقل من ١٠٠ جنيه وحدة التسعير.. و٣٠٪ لأكثر من ١٠٠ جنيه؟! هل يمكن أن يفيد؟! 
ج: هذا المقترح مقترح كارثى.. لن يحل أى شىء.. وسيبقى ويكرس تشوهات التسعير.. وكمثال لدواء التجلط الذى قدمنا التفاوت غير المبرر فى سعر المثائل المستوردة والمحلية له سيرتفع الدواء ذو الـ٢٠٥ جنيهات إلى ٢٦٥ جنيهًا، وسيرتفع المثيل ذو الـ١٠ جنيهات إلى ١٥ جنيها، بما يعنى إفلاس الشركة المحلية ومزيدًا من السيطرة لاحتكارات الدواء المتعددة الجنسيات، ولعلنا لم ننس بعد الرفع العشوائى الذى حدث لسعر الدواء فى مايو الماضى (٢٠٪ للدواء وحدة التسعير ٣٠ جنيها فأقل) ونتج عن ذلك اضطراب شديد فى سعر الدواء ولم يتم توفير النواقص ولا دعم الشركات الخاسرة، وبهذه الطريقة فالشركات المحلية تسير نحو مزيد من الضعف ونقص القدرة على المنافسة، مما سيؤدى بها للإفلاس، وستقع سوق الدواء أكثر فأكثر لقمة سائغة لشركات الأدوية العملاقة متعددة الجنسيات.
سيدتى منى هانم مينا أنتِ سيدة العام رغم الداء والأعداء.