السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

ولكنكم تحرقون أغصان شجرة عيد الميلاد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أطلق الداعية الإسلامى السعودى محمد العريفى، عبر حسابه على موقع التغريدات المصغرة «تويتر» فى العشرين من ديسمبر الحالى ١١ تغريدة فيما وصفه حكم التعامل مع المسيحيين فى عيد الميلاد ورأس السنة، موجهًا تلك الفتاوى إلى المغتربين فى أوروبا، مؤكدًا من خلالها عدم جواز تقبل الهدايا ولا إهدائها، كما منع امتلاك أو صنع شجرة عيد الميلاد، مؤكدًا أنه رمز دينى مثل الصليب. 
وكتب العريفى: «إن تعاملنا مع النصارى، والبوذيين، وغيرهم، يجب أن يكون بخُلِقٍ حَسَن، وتعاملٍ لطيف، ورفقٍ، ولين، وابتسامة، وهدايا، رغبةً بتأليف قلوبهم». وتابع العريفى: «حسنُ الخلق مع الكافر، واللطف، الرفق، التبسم، الصدقة عليه، التهادى معه، مساعدته لحل مشاكله، مؤاكلته مشاربته.. جائز تأليفًا وتقريبًا لهدايته، وُلد المسيح صيفًا لا فى ٢٥ ديسمبر شتاءً، قال الله «وَهُزِّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا» والرُطَبُ بالصيف».
ومضى على نهج العريفى فى مسلسل الفتاوى السلفية المتشددة محمود لطفى عامر وسامح عبدالمجيد ومن قبلهما ياسر برهامى، وكلهم من عُتَاة السلفية المصريين من معتنقى الفكر الوهابى، بفتاواهم بحرمانية تهنئة الأقباط فى أعياد الميلاد، معتبرين من يقول بغير هذا الرأى آثمًا، وهو ما يخالف رأى المؤسسة الدينية الرسمية ممثلة فى الأزهر الشريف حصن الإسلام الوسطى المعتدل.
وقد أثارت هذه الفتاوى السلفية الوهابية غضبى وغيْرتى على الإسلام كدين وعلى المسلمين كبشر يتمتعون بالصفاتِ والقيمِ الإنسانية فى التعامل مع أمثالهم من بنى البشر، وخاصةً أن هذه الفتاوى تتناقض مع ما ورد فى القرآن الكريم من نصوص: «لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ»، أين نحن من هذه الآية القرآنية التى تجعل النصارى هم أقرب الناس مودةً من المسلمين، ويجب أن نلاحظ التبجيل والاحترام للمسيحية ولرجال الدين المسيحى فى الآية الكريمة.
أين العريفى وأتباعه من شيوخ السلفية الوهابية السعوديين وأتباعهم من المصريين الذين يكفرون المسيحيين جهارًا نهارًا، رغم أن النص القرآنى يقول بغير هذا، ورغم إشاعة احترامهم المزعوم للنص القرآنى. وعلاوة على ذلك فإن كل ما ورد عن الرسول الكريم والسلف الصالح يوصى بالنصارى خيْرًا، ولم يعمد أو حتى يلمح إلى تكفيرهم.
إن شيوخ التكفير والتطرف والإرهاب، شيوخ بن لادن وفصيله والقاعدة وأخواتها الذين مزقوا الإسلام إربًا إربًا، وأراقوا دماء المسلمين أنهارًا فى كل وادٍ يذهبون إليه فى أفغانستان وباكستان والعراق وسوريا واليمن وليبيا. كم من الدماء تكفيكم لكى ترتووا وتطفئوا ظمأكم الأبدى إلى الدماء، وكأن الإسلام جاء ليحل لكم إراقة الدماء، ولم يكن دين رحمة وسلام، ولم يُرسل نبيه رحمةً للعالمين.
ألم تكفكم الحروب المذهبية بين السنة والشيعة التى أشعلتموها فى العراق وسوريا واليمن؟، ألم يخزكم الله ويردكم على أعقابكم مهزومين منكسرين تعلو وجوهكم المذلة وأمارات الهزيمة والعار، عندما ضاعت كرامتكم وملياراتكم فى سوريا واليمن؟، ألم تعلموا أن فكركم السقيم هو الذى أدى إلى حروب لا تنتهي، ودماء لأبرياء تتم إراقتها دون ذنب، لا يعرفُ فيها القاتلُ لماذا يَقْتل، ولا يعرف القتيلُ لماذا يُقْتَل؟.
أبعد أن أشعلتم حروبًا بالوكالة عن الصديق الأمريكى والدولة اليهودية على أساس مذهبى لتفرقوا المعتصمين بحبل الله من المسلمين سواء السنة منهم أو الشيعة، تعاودون الآن لعبتكم القذرة مدعومة بفتاواكم التكفيرية وأموالكم المغموسة فى براميل النفط الأسود الذى ينفث نيران حقده المقدسة فى عباد الله وخلقه لتشعلوها فتنةً طائفية بين المسلمين والمسيحيين، ولا تجدوا مناسبة لذلك سوى احتفال الإخوة الأقباط «المصريين» بأعياد الميلاد المجيدة ورأس السنة الميلادية. أتساوون بين المسيحيين والبوذيين والكُفار وتضعونهم فى سلة واحدة. ألسنا جميعًا أيها المتطرفون من أبٍ واحد وأمٍ واحدة، وننتمى إلى إله واحد، كل من يعبده على طريقته ووفقًا لديانته. إننى أحترم الناس جميعًا بغض النظر عن دينهم ومذهبهم وعقيدتهم ولونهم وسلالتهم، أليست هذه هى سماحة الإسلام فى أرقى صورها، والتى كان ينبهر بها كل من يتعرف على روعة هذا الدين؟، لماذا تقدموا الإسلام على أنه دين الدم والإرهاب والتكفير؟!.
ثم يا شيخ عريفى.. يا خبيرَ البَلَح والرُطَب، يجب أن تعلم أن البلح يختلف أوان نضجه من دولة إلى أخرى، بل من منطقة إلى أخرى داخل الدولة الواحدة؛ ففى مصر مثلًا نجد أن البلح فى المناطق الحارة مثل أسوان والواحات ينضج فى شهر أغسطس ويصل إلى مرحلة الرطب فى أواسط شهر سبتمبر، فى حين أنه فى دمياط فى شمال مصر حيث القرب من البحر والمناخ الأقل حرارة نجد أن البلح الأحمر يكون موجودًا فى النخيل والسماء تُمطر، ومن الواضح أنك فاكر أن كل البلح ينضج فى وقت واحد بتوقيت مكة المكرمة، وهو التوقيت المعتمد لفضائيات تبث من الدوحة وعواصم أخرى، وكان يجب عليك ألا تفتى فيما لا تعلم، أو كان يجب عليك أن ترسل الهدهد ليأيتك بخبر النخلة التى اتكأت عليها السيدة مريم العذراء، ليقول لك تاريخ مولد السيد المسيح.. ما هذه الهرطقة؟!.
يكفينا ما عانيناه من الفتاوى المتنطعة التى تُكتب بمداد النفط الأسود والكراهية العمياء، وأتحداكم أن توجهوا فتاواكم للأمريكان أو للرئيس الأمريكى الحالى أوباما، أو حتى تجرؤوا على أن تقولوا للرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب فى وجهه «أنت كافر»، أو لا تهنئوه بعيد الميلاد، هو والحامى الجديد للديار، السيدة تريزا ماى ووزيرة دفاعها التى تحدت سلفيتكم الوهابية ومضت وهى مكشوفة الرأس وترتدى بنطالًا، وهى تمضى معتزةً بنفسها إلى جوار كبار رجال الدولة، وهو ما أثار لغطًا فى مجتمعاتكم التى لا ترى من المرأة عقلها، ولكن ترى فيها أجزاءً أخرى أكثر جاذبية.
بالتأكيد سيكون خطابكم وقتها عن المسيحية وعيد الميلاد المجيد وشجرة الكريسماس مختلفًا تمامًا، وهنا سيظهر أن المسيحية دين الرحمة والسماحة والمحبة، وأتوقع أنكم حينما تقولون ذلك للأمريكان والأوروبيين بخطابكم المزدوج الجبان سيردون عليكم بعد ما علموه من فتاواكم السقيمة التى تذهب مذهبًا آخر.. ولكنكم تحرقون أغصان شجرة عيد الميلاد.