ما إن تذهب لأى مكان.. إلا وتجد الحديث عن ارتفاع الأسعار، وقلة الدخل اللذين أصبحا حديث الغالبية العظمى لأبناء الشعب، خاصة الطبقات الشعبية، والطبقة الوسطى التى هبطت للأسفل.. بل بعض أجزاء من الطبقات العليا فى بعض الأحيان. لأن انفلات الأسعار، وعدم السيطرة عليها، أصبحا مسألة فى غاية الخطورة، ويهددان الجميع، وهذا السبب الذى دعا السيد رئيس الجمهورية فى اجتماعه الذى انعقد يوم الأربعاء ٢١/١٢/٢٠١٦ مع كل من رئيس مجلس الوزراء، ومحافظ البنك المركزى، ووزراء الدفاع، والخارجية، والداخلية، والعدل ورئيس المخابرات العامة، وهيئة الرقابة الإدارية، إلى التأكيد على ضرورة مواصلة الحكومة جهودها من أجل التوسع فى شبكات، وبرامج الحماية الاجتماعية وتكثيف الرقابة على الأسواق، والإسراع فى وتيرة إنشاء التجمعات الصناعية لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ومحاسبة مستغلى الظروف الاقتصادية برفع أسعار بعض السلع بشكل مبالغ فيه، وأيضًا فى اليوم التالى بمناسبة افتتاح تطوير مجمع كوبرى القبة الطبى، ومن خلال إحدى مداخلاته حينما سأل مدير مجمع كوبرى القبة الطبى عما إذا كانوا بيأخذوا فلوس على انتظار السيارات فى الساحات الملحقة بالمجمع الطبى، ويرد عليه: نعم يا فندم.. فكان تأكيد السيد الرئيس أيضا «مهم جدًا إننا ندور على مصدر دخل للمشاريع اللى بنضخها، عشان أحافظ على الخدمة اللى بتتقدم للناس لازم أفكر أجيب الفلوس إزاى.. عشان أعمل إحلال وتجديد لازم فلوس، مش معقول الـ٣ أو الـ٤ جنيه انتظار السيارة عبء على المواطن.. لا دى ظروف دولة وبلد ظروفها صعبة.. لازم كل واحد فينا يمد إيده يحط حاجة».
ومن جانبنا، هذا أقل ما يمكن مطالبتهم به خاصة الطبقات الثرية التى كونت ثروات طائلة من دم وعرق الشعب، والوطن، خلال الفترة التاريخية السابقة لثورتى ٢٥ يناير و٣٠ يونيو، ونحمد الله أن يخاطبهم السيد الرئيس بهذه الطريقة الودية، ونأمل فى أن تكون لها صدى لديهم، ويقدموا على التبرع لتقديم المساعدة لشعبهم، ووطنهم فى محنته الاقتصادية والتى قد يكونون أحد أسباب حدوثها، بدلًا من اللجوء لإجراءات استثنائية لاسترداد الأموال التى نهبوها، وكلنا نعلم هذا وتتذكر كيف بدأوا حياتهم الاقتصادية، حيث كانوا لا يملكون إلا الستر، واستفادوا أقصى استفادة من الإجراءات والقرارات الاقتصادية التى أعلن عنها إبان فترة الانفتاح والخصخصة.
حيث فتح البلد على مصراعيه لكن من هب ودب، وطالت أيديهم كل ما بناه الشعب المصرى خلال فترة التنمية الأساسية التى بدأت فى مطلع الستينيات.
حيث تم بناء آلاف المصانع، والتى لعبت دورًا أساسيا فى سد احتياجات الشعب، والتوسع فى استصلاح الأراضى الصحراوية، وزراعتها، إلى جانب المساحات الأخرى الصالحة للزراعة ليعم خير الإنتاج ربوع الوطن، وكنا فى طريقنا إلى الاكتفاء الذاتى لولا العدوان الغادر علينا فى عام ١٩٦٧ لتتوقف عمليات التنمية، وتوجه كل الموارد من أجل المعركة، واسترداد كامل الأراضى العربية التى احتلتها إسرائيل. فكان انتصار أكتوبر ١٩٧٣، وتأتى الرياح بما لا تشتهى السفن، ويتم تبنى سياسة الانفتاح الاقتصادى، وما استتبعها من إجراءات الخصخصة ليتم تدمير كل ما تم بناؤه، ولتظهر طبقة الطفيليين التى تاجرت فى كل شىء حتى المحظورات من أجل تكوين ثروات طائلة، والغنى السريع، فحصلوا على توكيلات الشركات الأجنبية الكبرى ليصبحوا وكلاء لها بالداخل، فأغرقوا السوق بالسلع الأجنبية، بالرغم من إنتاجها من خلال الإنتاج المحلى، الأمر الذى أدى إلى ركود بضائع شركات القطاع العام، والتكدس بالمخازن، فبدأ الكلام عن خسائر شركات القطاع العام، وأنها أصبحت عالة على الاقتصاد المصري، ويجب التخلص منها بالبيع، والتصفية، تمهيدًا لإحلال الخصخصة، وتم بيعها بأرخص الأسعار وعلى المحاسيب، وتكهين معداتها لبيعها خردة، وبيع الأراضى التى كانت تقام عليها المصانع كأراضى بناء.
وعلى الجانب الآخر، امتد البناء على أجود الأراضى الزراعية فى القرى، والنجوع. خاصة التى تنتج الخضروات والفاكهة، والمحاصيل الزراعية لنصبح مستوردين لكل شىء، وهذا مكنهم من تكوين ثروات طائلة.
وجاء نظام مبارك ليسير على ذات النهج، وتزاوجت الثروة مع السلطة، وتوقف الإنتاج، وحل محله ماكينات طبع الفلوس ما أدى إلى مزيد من التضخم، وكانت هذه الظروف أحد أسباب ثورة ٢٥ يناير.
وللأسف الشديد نظرًا لعدم وجود قيادة تمت سرقة ثورة الشعب من قبل جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، والطابور الخامس المتحالف معها. فكان لا بد من ثورة الشعب المصرى مرة أخرى فى ٣٠ يونيو لتصحيح مسار الثورة، وانضم الجيش، وجهاز الشرطة لها دفاعًا عن الشعب.
وبدأت مرحلة جديدة حيث الإصلاح فى جميع المجالات.. حقًا لقد تسلم الرئيس عبدالفتاح السيسى شبه دولة، ومنذ اليوم الأول أخذ فى إقامة المشاريع القومية الكبيرة التى ستدر خيرًا كثيرًا للشعب، وستظهر آثارها فى المستقبل، واستتبعتها قرارات وإجراءات اقتصادية أخرى، خاصة تعويم الجنيه، الأمر الذى أدى إلى ارتفاع الأسعار بفعل مافيا السوق، ومحتكرى السلع، الأمر الذى أدى إلى معاناة شديدة للشعب، ولجميع فئات المجتمع، خاصة الطبقتين الشعبية والوسطى.
إلا أن الشعب تقبل هذه القرارات حبًا فى الرئيس عبدالفتاح السيسى، والقوات المسلحة اللذين ليسا لديهما يد فى ذلك.
إلا أن الوزارة والأجهزة التنفيذية أصبحت عاجزة عن السيطرة على الأسعار، وبالتالى تنفيذ توجهات القيادة السياسية برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسى، وغياب تحمل الطبقات العليا، التى كانت أحد أسباب ما نعانيه من ظروف اقتصادية سيئة، وما زال لهيب الأسعار مشتعلًا، ويشوى جسد الفئات الشعبية، والطبقة الوسطى. فالسكر وصل إلى ٢٠ جنيهًا للكيلو، ولا يوجد بالأسواق، وكذلك الأرز، والزيت، وبالرغم من زيادة المنتجات البترولية والغاز، يتردد بشكل قوى وجود زيادات أخرى فى الأيام المقبلة، الأمر الذى يخشى معه من ازدياد حالة الاحتقان الشعبى، ونأمل فى أن تقوم الوزارة والأجهزة التنفيذية بتنفيذ توجهات السيد الرئيس، وإلا نفذ مجلس النواب اقتراح لجانه البرلمانية الست، بسحب الثقة من الحكومة.