قال الناقد يسري عبدالله: إن عبدالحكيم قاسم يعتبر كاتبًا فريدًا في متن السردية المصرية والعربية؛ ومن ثم تعد استعادة مناقشة أدبه إنجازًا لجملة من القيم الجوهرية في الأدب واللغة والحياة.
وأشار "يسري" - خلال مناقشته رسالة ماجستير للباحثة هبة محمد عبدالعزيز بعنوان "شعرية السرد في الفن القصصي لعبدالحكيم قاسم" بجامعة القاهرة اليوم - إلى أن هذا الأمر يقتضي وضع المشروع الأدبي للكاتب المصري الراحل موضع المراجعة النقدية انطلاقًا من كونه علامة دالة على الذين دفعوا بالكتابة إلى مغامرة جديدة أمثال يحيى الطاهر عبدالله وجمال الغيطاني ومحمد البساطي وبهاء طاهر وخيري شلبي وإبراهيم أصلان غير أن هذا المشروع الإبداعي لجيل الستينات لا يمكننا التعاطي معه بوصفه كتلة صماء، مؤكدًا ان تأتي أهمية الدراسة العلمية الرصينة التي تحسب حقًا للباحثة ومشرفها صاحب النفس الجديد في الدرس النقدى والإبداع الشعري فى آن الدكتور أحمد بلبولة.
وأكد، "يسري" على أن أهمية الدراسة العلمية تأتي من زاوية الاهتمام البحثي والمنهجي بالمنجز الجمالي لمبدع بحجم وقيمة عبد الحكيم قاسم الذي يصنع نصًا ثريًا متعدد الطبقات بتوصيف مارتن إسلن، كما تكمن أهميتها أيضًا في الالتفات إلى إحدى أهم الملامح الجمالية للمشروع السردي لعبدالحكيم قاسم وهي اللغة الأدبية بنزوعها الشعري وتجلياتها الأسلوبية المختلفة وقدرتها على مجاوزة الخطاب العادي المألوف إلى الخطاب الأدبي الإبداعي عبر آلية الانحراف اللغوي، ثم جاء الخاتمة حاوية تلخيصًا تحقيقًا لما يسمى بأدبية الأدب التي تلعب الشعرية بوصفها منهجًا وإطارًا للفن في تكريسها.
وقد أحسنت الباحثة صنعا بالتمهيد الذي يعد تأطيرًا نظريًا لمعنى الشعرية التي تصير معها اللغة أداء غائيًا، ومرزًا أصيلا في النص السردي.
وجاءت الفصول تنويعًا على إمكانات اللغة وجمالياتها في النص السردي لدى عبد الحكيم قاسم، ومن ثم قسمت إلى أربعة فصول: شعرية الإيقاع عند عبد الحكيم قاسم، شعرية اللغة عند عبد الحكيم قاسم، شعرية التصوير عند عبد الحكيم قاسم، شعرية توظيف الموروث عند عبد الحكيم قاسم.
وقبل أن أشير إلى عدد من الملاحظات الأساسية عن الرسالة أشير إلى الصنيع الفارق الذي أحدثه قاسم في الرواية العربية: بدأ النص الباكر لعبد الحكيم قاسم "أيام الإنسان السبعة" إرهاصًا إلى أننا أمام شكل روائي يتخلق في رحم الكتابة المصرية آنذاك 1969، ويستدعي روح المكان، وطبائع البشر، مستلهمًا البيئة الريفية ذات الحس الصوفي، حيث نصبح أمام سبعة مشاهد/مقاطع من الحياة: الحضرة - الخبيز -السفر- الخدمة- الليلة الكبيرة-الوداع- الطريق.. تشكيل المتن السردي للنص، وفضاؤها الزمن، ومتكأها المكان، ودلالاتها ملامح البشر في لحضات إنسانية ضافية، وشفيفة، يعمقها الكاتب ويقدمها برهافة، ساهمت فيها استعمالات خاصة للغة، ووعي حاد بطبيعة الانحراف عن المسارات التقليدية، والمألوفة للصيغ، والتراكيب اللغوية.