تكتسب انتخابات المجالس البلدية للفترة الثانية التي شهدتها سلطنة عُمان في الخامس والعشرين من ديسمبر الجاري، أهمية كبيرة، باعتبارها ثاني انتخابات من نوعها لهذه المجالس، حيث أنشأت سلطنة عمان أول مجلس بلدي في مدينة مسقط عام 1939، وأعيد تشكيله عام 1972 ليقتصر على محافظة مسقط وكان يتم تعيين جميع أعضائه، ثم شهد عام 1973 إنشاء ما سُمي مجالس "أمهات المناطق" وتغير مسمى هذه المجالس إلى "لجان بلدية" في عام 1986.
وتأتي انتخابات المجالس البلدية العُمانية في سياق استكمال البناء المؤسسي الحديث المنوط به استدامة مشاركة المواطنين في العملية السياسية والاقتصادية والتنموية في آن واحد.
فقد قامت فكرة البناء المؤسسي في سلطنة عُمان على عدد من الأسس، أبرزها: توسيع عملية المشاركة السياسية وإشراك المواطن في صياغة القرارات السياسية والاقتصادية باعتباره شريكًا أساسيًا في التنمية والبناء، ولتحقيق قيم التحديث عبر مراحل متتالية، مع الحفاظ على الخصوصية التاريخية والاجتماعية للواقع العماني، والأخذ بأسلوب التطور التدريجي السلمي البعيد عن النظريات المستوردة التي لا تتفق مع الثقافة السياسية العمانية.
فالمتابع السياسي للمراحل المختلفة التي مرت بها التجربة السياسية العمانية خلال نحو نصف قرن، يمكن أن يميز بين بعدين مهمين ضمن رؤية شاملة لإرساء معالم الدولة العصرية الحديثة، الأول هو تحقيق العدالة الاجتماعية: من خلال إطلاق المرحلة الأولى للتحولات الاقتصادية والاجتماعية عبر خطط خمسية شكلت النواة الرئيسية التي قام عليها الاقتصاد العماني.
أما البعد الثاني هو بناء دولة المؤسسات وإعطاء دفعة قوية للتجربة السياسية العمانية، الجناح الآخر في الدولة الحديثة، حيث تصدر النظام الأساسي للدولة المشهد منذ عام 1996 ليكفل للمواطن العماني كافة حقوقه السياسية والاقتصادية والثقافية والفكرية والقانونية.
والواقع أنه إذا كانت التجربة التنموية العمانية قد سبقت بناء المؤسسات السياسية للدولة بخطوة عبر مجلسي الشورى والدولة ثم مجلس عمان، ثم المجالس البلدية في مرحلة لاحقة، فإن ثمة قناعة لدى صانع القرار بأهمية التحرك الديمقراطي على مراحل وتحقيق التناغم بين مختلف الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية في مناخ اتسم بالخصوصية للتجربة السياسية العمانية.
بيئة الانتخابات
خاض الانتخابات البلدية للفترة الثانية 2016 نحو 731 مرشحًا ومرشحة منهم 708 مرشحًا، و23 مرشحة، وذلك لاختيار نحو 202 مرشح ومرشحة للتمثيل في المجالس البلدية للسنوات الأربع القادمة (2017 – 2020)، وحازت محافظة شمال الباطنة النصيب الأكبر في عدد المرشحين المقرر تمثيلهم في الفترة الجديدة بمعدل 30 مرشحا، بينما احتلت كل من محافظات مسندم والبريمي والوسطى أقل عدد بمجموع 8 مرشحين في كل محافظة.
وقد بلغ عدد الناخبين في مختلف المحافظات والولايات 623224 ناخبًا وناخبة، منهم 333733 ناخبًا، و289491 ناخبةً، وأكبر عدد من الناخبين سجل في محافظة شمال الباطنة بمجموع 128208 ناخبين وناخبات، بينما سجلت محافظة مسندم أقل عدد بمجموع 9924 ناخبا وناخبة.
كما بلغ عدد المراكز الانتخابية المخصصة للانتخابات البلدية 107 مراكز انتخابية، بينها 18 مركزا مخصصة للذكور، و18 آخر مخصصا للإناث، بالإضافة إلى 71 مركزا مشتركا للذكور والإناث، وموزعة في عدد من الولايات.
وقد أظهرت النتائج النهائية لانتخابات المجالس البلدية للفترة الثانية، فوز 202 عضوًا بينهم سبع نساء في ست ولايات، هي: العامرات والسيب والسنينة ولوى والخابورة والمصنعة من بين 61 ولاية بـ11 محافظة جرت بها الانتخابات، بنسبة مشاركة 39.85 في المئة.
وتجرى انتخابات المجالس البلدية بصفة عامة طبقًا للمرسوم الذي أصدره السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان، في شهر أكتوبر 2011، بشأن قانون المجالس التي تختص بكافة شئون العمل البلدي، وتقوم بتقديم الآراء والتوصيات بشأن كل ما يتعلق بالجوانب الخدمية والتنموية وتطويرها في نطاق المحافظات وذلك في حدود السياسة العامة للدولة وخطتها التنموية.
ونظرا لكثرة عدد ولايات السلطنة وحتى تضمن الحكومة العمانية تمثيلًا مناسبًا لكل المحافظات، تم تحديد ممثلي كل ولاية في المجلس البلدي وفقًا لعدد سكانها على أساس أن الولاية التي يزيد عدد سكانها العمانيين عن 60 ألف نسمة يمثلها 6 أعضاء وتنتخب الولاية التي يزيد عدد سكانها العمانيين عن 30 ألف نسمة 4 أعضاء فيما تنتخب الولاية التي لا يزيد عدد سكانها العمانيين عن 30 ألف نسمة عضوين اثنين.
وينضم إلى الأعضاء المنتخبين اثنان من أهل المشورة والرأي يتم اختيارهما من بين أبناء المحافظة من قبل وزير الداخلية ومن الوزير المختص بالنسبة لمحافظتي مسقط وظفار وتضم المجالس أيضا ممثلين غير منتخبين من الجهات المعنية.
وعلى الرغم من أن محافظة مسقط هي الأعلى من حيث عدد السكان في السلطنة، إلا أن شمال الباطنة هي الأولى من حيث عدد الناخبين، الذين يبلغ عددهم فيها 128 ألف بنسبة 20%، تليها مسقط بنسبة 14%، ثم جنوب الباطنة بنسبة 12%، والداخلية وظفار بنسبة 11%.. أما أقل المحافظات من حيث العدد الناخبين، فهي الوسطى ومسندم بنسبة 1.6%.
وقد شهدت الفترة الثانية لانتخابات المجالس البلدية بسلطنة عُمان عدة مظاهر ومستجدات حديثة أبرزها:
أولًا: أن صندوق التصويت كان عبارة عن صندوق تصويت وصندوق للفرز في آن واحد، ومن خلاله كانت تتم قراءة مؤشرات المرشح في اللحظة نفسها، كما أن التطبيقات الهاتفية الذكية باتت متاحة للاطلاع على كافة العمليات الانتخابية والنتائج أول بأول في كل ولاية عبر منافذ التطبيق المتاحة في البرنامج، إذ تم تدشين برنامج خاص في الهواتف يتيح للمستخدم متابعة كافة العملية الانتخابية وأعداد الناخبين والمرشحين من خلال التطبيق المتوفر في (سوق بلاي) أو (جوجل بلاي).
ثانيًا: حرصًا منها على إدخال التقنيات الحديثة في مجال تنظيم العملية الانتخابية مستهدفة السرعة والسهولة لإجراءات التصويت والفرز وصولًا لظهور النتائج بما يضمن الدقة والشفافية، توسعت السلطنة في برنامج التصويت الإلكتروني، ليشمل في هذه الفترة الانتخابية فتح مركز انتخاب موحد في محافظة ظفار تم تخصيصه للناخبين المقيمين فيها من غير ناخبي ولايات المحافظة، وتصويت أعضاء اللجان العاملة في الانتخابات في ولايات محافظة ظفار، إضافة إلى مركز الانتخاب الموحد في محافظة مسقط والذي خُصص للناخبين من ولايات محافظتي ظفار ومسندم وأعضاء اللجان العاملة في الانتخابات في ولايات محافظة مسقط.
ثالثًا: تم تقسيم عملية فرز الأصوات إلى قسمين: الأول: عملية فرز الأصوات آليا ومباشرة في قاعات التصويت عند وضع الناخب لاستمارة التصويت في الجهاز دون إظهار النتائج في تلك المرحلة.
الثاني: عملية فرز الأصوات إلكترونيا وبشكل كامل عن طريق رؤساء لجان الفرز في الولايات باستخدام بطاقات الذاكرة لتلك الأجهزة عن طريق قراءاتها بواسطة برنامج خاص لفرز النتائج والذي يتيح لرؤساء لجان الفرز التحقق من جميع الاستمارات المرفوضة آليا من الجهاز والتحقق منها، بالإضافة إلى إرسال نتائج الفرز مباشرة إلى رئيس لجنة الانتخابات البلدية آليا بواسطة البرنامج، ومن ثم إرسالها إلى رئيس اللجنة الرئيسية لاعتمادها وإعلانها.
وبالرغم من تأخر سلطنة عمان في تطبيق فكرة المجالس البلدية التي أخذت بها معظم الدول الخليجية، إلا أن هذه الخطوة تأتي متسقة مع خصوصية التجربة العمانية ومع نهج الدبلوماسية العمانية القائمة على التدرج في بناء دولة المؤسسات.
كان المجلس البلدي يتبع بلدية مسقط وفقا لقانون بلدية مسقط رقم (8/92) وبإصدار قانون المجالس البلدية في أكتوبر 2011 أصبح مستقلا عن البلدية، حيث كان يُعين أعضاء المجلس بمقتضى مرسوم سلطاني بناء على اقتراح مجلس الوزراء من ضمن قائمة ترشيح يعدها وزير ديوان البلاط السلطاني من أربعين مرشحا، على أن يكون أحد ولاة محافظة مسقط نائبا للرئيس وأصبح وفقا لقانون المجالس البلدية رقم (116/2011) يشكل المجلس من أعضاء منتخبين ومعينين يمثلون الجهات الحكومية الخدمية في محافظة مسقط، إضافة إلى تعيين اثنين من ذوي الرأي والمشورة، مع الرئيس ونائبه، بالإضافة إلى أمين السر ومقرر المجلس البلدي. ويعقد المجلس جلسة اعتيادية مرة على الأقل كل شهر بدعوة من رئيسه، وتصدر قرارات المجلس بالأغلبية المطلقة لأصوات الأعضاء الحاضرين.
لا ازدواجية في الاختصاصات
فضلًا عن أنه لا توجد ازدواجية بين عمل المجلس البلدي ومجلس الشورى، فمجلس الشورى هو مجلس أعلى من المجلس البلدي وجميع أعضائه تحت قبة واحدة برئيس، وهو مجلس تشريعي مُنح صلاحيات رقابية وإدارية، بينما المجلس البلدي مجلس تنموي خدمي ليس له علاقة بالتشريع والرقابة ويعمل في إطار المحافظة فقط.
ويرى مراقبون أن تجربة سلطنة عمان في انتخابات المجالس البلدية هي تجربة جديرة بالمتابعة لأنها تمثل إرساء بناء جديد في مؤسسات الدولة وفقا لقواعد منضبطة، وذلك بالنظر إلى الشروط الواجب توافرها في المترشح لعضوية المجلس البلدي، والتي من أهمها، ألا يكون عضوًا في مجلسي الدولة أو الشورى، وألا يكون موظفًا بإحدى وحدات الجهاز الإداري للدولة.
فضلًا عن الشروط الأخرى ومنها، أن يكون المترشح عماني الجنسية وألا يقل سنه عن ثلاثين سنة ميلادية، وأن يكون من ذوي المكانة والسمعة الحسنة في الولاية، وألا يكون قد حكم عليه بعقوبة جنائية ما لم يكن قد رد إليه اعتباره، وأن يكون على مستوى مقبول من الثقافة، وأن تكون لديه خبرة عملية مناسبة، وأن يكون مسجلا بالسجل الانتخابي في مكتب الوالي في الولاية التي يريد الترشح عنها.
تلك الشروط تضمن استقلالية عضو المجلس البلدي، وتبعده عن ازدواجية الانتماء والولاء، ويظل انتماؤه الأول للولاية التي يدافع عن قضاياها ويقدم المقترحات اللازمة لتنميتها ونهضتها في إطار جمعي يسعى لبناء الوطن.
وحتى يكون للمجالس البلدية العُمانية دورًا ملحوظًا لابد من تفعيل الاختصاصات الحالية للمجالس وممارسة أدوارها بعيدًا عن النظرة القبلية، إلى جانب تحقيق المزيد من التنسيق بين الجهات الحكومية من أجل وضع توصيات المجالس البلدية موضع التنفيذ، والمشاركة الفاعلة من جميع الجهات في تطوير أعمال المجالس بالإضافة إلى أهمية معرفة الأعضاء بالقوانين واللوائح وما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات.
وختامًا يمكن القول أن بناء الدولة في سلطنة عُمان ارتكز على مجموعة من الثوابت والمبادئ، من أهمها أن يتم البناء وفق الخصوصية العُمانية وفي إطار من النهج التدريجي الذي يستوعب النخب السياسية الجديدة التي تثري التجربة السياسية العُمانية، وأن يكون في إطار من التكامل والتعاون بين مؤسسات الدولة العصرية الحديثة التي يحكمها القانون، باعتبار أن هذا التعاون بين مؤسسات الدولة تنفيذية وتشريعية يصب في خدمة الوطن والمواطن.
وقطعت السلطنة شوطًا كبيرًا في إرساء مؤسسات الدولة الحديثة التي يحكم طبيعة تفاعلاتها القانون.. فإضافة إلى مجلس الشورى بتطورات مراحله الثمانية، ومجلس الدولة بمراحله الستة وبالتالي مجلس عُمان بفتراته الست أيضًا، كانت تجربة سلطنة عمان في المجالس المحلية البلدية للفترة الثانية.
وتأتي انتخابات المجالس البلدية العُمانية في سياق استكمال البناء المؤسسي الحديث المنوط به استدامة مشاركة المواطنين في العملية السياسية والاقتصادية والتنموية في آن واحد.
فقد قامت فكرة البناء المؤسسي في سلطنة عُمان على عدد من الأسس، أبرزها: توسيع عملية المشاركة السياسية وإشراك المواطن في صياغة القرارات السياسية والاقتصادية باعتباره شريكًا أساسيًا في التنمية والبناء، ولتحقيق قيم التحديث عبر مراحل متتالية، مع الحفاظ على الخصوصية التاريخية والاجتماعية للواقع العماني، والأخذ بأسلوب التطور التدريجي السلمي البعيد عن النظريات المستوردة التي لا تتفق مع الثقافة السياسية العمانية.
فالمتابع السياسي للمراحل المختلفة التي مرت بها التجربة السياسية العمانية خلال نحو نصف قرن، يمكن أن يميز بين بعدين مهمين ضمن رؤية شاملة لإرساء معالم الدولة العصرية الحديثة، الأول هو تحقيق العدالة الاجتماعية: من خلال إطلاق المرحلة الأولى للتحولات الاقتصادية والاجتماعية عبر خطط خمسية شكلت النواة الرئيسية التي قام عليها الاقتصاد العماني.
أما البعد الثاني هو بناء دولة المؤسسات وإعطاء دفعة قوية للتجربة السياسية العمانية، الجناح الآخر في الدولة الحديثة، حيث تصدر النظام الأساسي للدولة المشهد منذ عام 1996 ليكفل للمواطن العماني كافة حقوقه السياسية والاقتصادية والثقافية والفكرية والقانونية.
والواقع أنه إذا كانت التجربة التنموية العمانية قد سبقت بناء المؤسسات السياسية للدولة بخطوة عبر مجلسي الشورى والدولة ثم مجلس عمان، ثم المجالس البلدية في مرحلة لاحقة، فإن ثمة قناعة لدى صانع القرار بأهمية التحرك الديمقراطي على مراحل وتحقيق التناغم بين مختلف الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية في مناخ اتسم بالخصوصية للتجربة السياسية العمانية.
بيئة الانتخابات
خاض الانتخابات البلدية للفترة الثانية 2016 نحو 731 مرشحًا ومرشحة منهم 708 مرشحًا، و23 مرشحة، وذلك لاختيار نحو 202 مرشح ومرشحة للتمثيل في المجالس البلدية للسنوات الأربع القادمة (2017 – 2020)، وحازت محافظة شمال الباطنة النصيب الأكبر في عدد المرشحين المقرر تمثيلهم في الفترة الجديدة بمعدل 30 مرشحا، بينما احتلت كل من محافظات مسندم والبريمي والوسطى أقل عدد بمجموع 8 مرشحين في كل محافظة.
وقد بلغ عدد الناخبين في مختلف المحافظات والولايات 623224 ناخبًا وناخبة، منهم 333733 ناخبًا، و289491 ناخبةً، وأكبر عدد من الناخبين سجل في محافظة شمال الباطنة بمجموع 128208 ناخبين وناخبات، بينما سجلت محافظة مسندم أقل عدد بمجموع 9924 ناخبا وناخبة.
كما بلغ عدد المراكز الانتخابية المخصصة للانتخابات البلدية 107 مراكز انتخابية، بينها 18 مركزا مخصصة للذكور، و18 آخر مخصصا للإناث، بالإضافة إلى 71 مركزا مشتركا للذكور والإناث، وموزعة في عدد من الولايات.
وقد أظهرت النتائج النهائية لانتخابات المجالس البلدية للفترة الثانية، فوز 202 عضوًا بينهم سبع نساء في ست ولايات، هي: العامرات والسيب والسنينة ولوى والخابورة والمصنعة من بين 61 ولاية بـ11 محافظة جرت بها الانتخابات، بنسبة مشاركة 39.85 في المئة.
وتجرى انتخابات المجالس البلدية بصفة عامة طبقًا للمرسوم الذي أصدره السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان، في شهر أكتوبر 2011، بشأن قانون المجالس التي تختص بكافة شئون العمل البلدي، وتقوم بتقديم الآراء والتوصيات بشأن كل ما يتعلق بالجوانب الخدمية والتنموية وتطويرها في نطاق المحافظات وذلك في حدود السياسة العامة للدولة وخطتها التنموية.
ونظرا لكثرة عدد ولايات السلطنة وحتى تضمن الحكومة العمانية تمثيلًا مناسبًا لكل المحافظات، تم تحديد ممثلي كل ولاية في المجلس البلدي وفقًا لعدد سكانها على أساس أن الولاية التي يزيد عدد سكانها العمانيين عن 60 ألف نسمة يمثلها 6 أعضاء وتنتخب الولاية التي يزيد عدد سكانها العمانيين عن 30 ألف نسمة 4 أعضاء فيما تنتخب الولاية التي لا يزيد عدد سكانها العمانيين عن 30 ألف نسمة عضوين اثنين.
وينضم إلى الأعضاء المنتخبين اثنان من أهل المشورة والرأي يتم اختيارهما من بين أبناء المحافظة من قبل وزير الداخلية ومن الوزير المختص بالنسبة لمحافظتي مسقط وظفار وتضم المجالس أيضا ممثلين غير منتخبين من الجهات المعنية.
وعلى الرغم من أن محافظة مسقط هي الأعلى من حيث عدد السكان في السلطنة، إلا أن شمال الباطنة هي الأولى من حيث عدد الناخبين، الذين يبلغ عددهم فيها 128 ألف بنسبة 20%، تليها مسقط بنسبة 14%، ثم جنوب الباطنة بنسبة 12%، والداخلية وظفار بنسبة 11%.. أما أقل المحافظات من حيث العدد الناخبين، فهي الوسطى ومسندم بنسبة 1.6%.
وقد شهدت الفترة الثانية لانتخابات المجالس البلدية بسلطنة عُمان عدة مظاهر ومستجدات حديثة أبرزها:
أولًا: أن صندوق التصويت كان عبارة عن صندوق تصويت وصندوق للفرز في آن واحد، ومن خلاله كانت تتم قراءة مؤشرات المرشح في اللحظة نفسها، كما أن التطبيقات الهاتفية الذكية باتت متاحة للاطلاع على كافة العمليات الانتخابية والنتائج أول بأول في كل ولاية عبر منافذ التطبيق المتاحة في البرنامج، إذ تم تدشين برنامج خاص في الهواتف يتيح للمستخدم متابعة كافة العملية الانتخابية وأعداد الناخبين والمرشحين من خلال التطبيق المتوفر في (سوق بلاي) أو (جوجل بلاي).
ثانيًا: حرصًا منها على إدخال التقنيات الحديثة في مجال تنظيم العملية الانتخابية مستهدفة السرعة والسهولة لإجراءات التصويت والفرز وصولًا لظهور النتائج بما يضمن الدقة والشفافية، توسعت السلطنة في برنامج التصويت الإلكتروني، ليشمل في هذه الفترة الانتخابية فتح مركز انتخاب موحد في محافظة ظفار تم تخصيصه للناخبين المقيمين فيها من غير ناخبي ولايات المحافظة، وتصويت أعضاء اللجان العاملة في الانتخابات في ولايات محافظة ظفار، إضافة إلى مركز الانتخاب الموحد في محافظة مسقط والذي خُصص للناخبين من ولايات محافظتي ظفار ومسندم وأعضاء اللجان العاملة في الانتخابات في ولايات محافظة مسقط.
ثالثًا: تم تقسيم عملية فرز الأصوات إلى قسمين: الأول: عملية فرز الأصوات آليا ومباشرة في قاعات التصويت عند وضع الناخب لاستمارة التصويت في الجهاز دون إظهار النتائج في تلك المرحلة.
الثاني: عملية فرز الأصوات إلكترونيا وبشكل كامل عن طريق رؤساء لجان الفرز في الولايات باستخدام بطاقات الذاكرة لتلك الأجهزة عن طريق قراءاتها بواسطة برنامج خاص لفرز النتائج والذي يتيح لرؤساء لجان الفرز التحقق من جميع الاستمارات المرفوضة آليا من الجهاز والتحقق منها، بالإضافة إلى إرسال نتائج الفرز مباشرة إلى رئيس لجنة الانتخابات البلدية آليا بواسطة البرنامج، ومن ثم إرسالها إلى رئيس اللجنة الرئيسية لاعتمادها وإعلانها.
وبالرغم من تأخر سلطنة عمان في تطبيق فكرة المجالس البلدية التي أخذت بها معظم الدول الخليجية، إلا أن هذه الخطوة تأتي متسقة مع خصوصية التجربة العمانية ومع نهج الدبلوماسية العمانية القائمة على التدرج في بناء دولة المؤسسات.
كان المجلس البلدي يتبع بلدية مسقط وفقا لقانون بلدية مسقط رقم (8/92) وبإصدار قانون المجالس البلدية في أكتوبر 2011 أصبح مستقلا عن البلدية، حيث كان يُعين أعضاء المجلس بمقتضى مرسوم سلطاني بناء على اقتراح مجلس الوزراء من ضمن قائمة ترشيح يعدها وزير ديوان البلاط السلطاني من أربعين مرشحا، على أن يكون أحد ولاة محافظة مسقط نائبا للرئيس وأصبح وفقا لقانون المجالس البلدية رقم (116/2011) يشكل المجلس من أعضاء منتخبين ومعينين يمثلون الجهات الحكومية الخدمية في محافظة مسقط، إضافة إلى تعيين اثنين من ذوي الرأي والمشورة، مع الرئيس ونائبه، بالإضافة إلى أمين السر ومقرر المجلس البلدي. ويعقد المجلس جلسة اعتيادية مرة على الأقل كل شهر بدعوة من رئيسه، وتصدر قرارات المجلس بالأغلبية المطلقة لأصوات الأعضاء الحاضرين.
لا ازدواجية في الاختصاصات
فضلًا عن أنه لا توجد ازدواجية بين عمل المجلس البلدي ومجلس الشورى، فمجلس الشورى هو مجلس أعلى من المجلس البلدي وجميع أعضائه تحت قبة واحدة برئيس، وهو مجلس تشريعي مُنح صلاحيات رقابية وإدارية، بينما المجلس البلدي مجلس تنموي خدمي ليس له علاقة بالتشريع والرقابة ويعمل في إطار المحافظة فقط.
ويرى مراقبون أن تجربة سلطنة عمان في انتخابات المجالس البلدية هي تجربة جديرة بالمتابعة لأنها تمثل إرساء بناء جديد في مؤسسات الدولة وفقا لقواعد منضبطة، وذلك بالنظر إلى الشروط الواجب توافرها في المترشح لعضوية المجلس البلدي، والتي من أهمها، ألا يكون عضوًا في مجلسي الدولة أو الشورى، وألا يكون موظفًا بإحدى وحدات الجهاز الإداري للدولة.
فضلًا عن الشروط الأخرى ومنها، أن يكون المترشح عماني الجنسية وألا يقل سنه عن ثلاثين سنة ميلادية، وأن يكون من ذوي المكانة والسمعة الحسنة في الولاية، وألا يكون قد حكم عليه بعقوبة جنائية ما لم يكن قد رد إليه اعتباره، وأن يكون على مستوى مقبول من الثقافة، وأن تكون لديه خبرة عملية مناسبة، وأن يكون مسجلا بالسجل الانتخابي في مكتب الوالي في الولاية التي يريد الترشح عنها.
تلك الشروط تضمن استقلالية عضو المجلس البلدي، وتبعده عن ازدواجية الانتماء والولاء، ويظل انتماؤه الأول للولاية التي يدافع عن قضاياها ويقدم المقترحات اللازمة لتنميتها ونهضتها في إطار جمعي يسعى لبناء الوطن.
وحتى يكون للمجالس البلدية العُمانية دورًا ملحوظًا لابد من تفعيل الاختصاصات الحالية للمجالس وممارسة أدوارها بعيدًا عن النظرة القبلية، إلى جانب تحقيق المزيد من التنسيق بين الجهات الحكومية من أجل وضع توصيات المجالس البلدية موضع التنفيذ، والمشاركة الفاعلة من جميع الجهات في تطوير أعمال المجالس بالإضافة إلى أهمية معرفة الأعضاء بالقوانين واللوائح وما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات.
وختامًا يمكن القول أن بناء الدولة في سلطنة عُمان ارتكز على مجموعة من الثوابت والمبادئ، من أهمها أن يتم البناء وفق الخصوصية العُمانية وفي إطار من النهج التدريجي الذي يستوعب النخب السياسية الجديدة التي تثري التجربة السياسية العُمانية، وأن يكون في إطار من التكامل والتعاون بين مؤسسات الدولة العصرية الحديثة التي يحكمها القانون، باعتبار أن هذا التعاون بين مؤسسات الدولة تنفيذية وتشريعية يصب في خدمة الوطن والمواطن.
وقطعت السلطنة شوطًا كبيرًا في إرساء مؤسسات الدولة الحديثة التي يحكم طبيعة تفاعلاتها القانون.. فإضافة إلى مجلس الشورى بتطورات مراحله الثمانية، ومجلس الدولة بمراحله الستة وبالتالي مجلس عُمان بفتراته الست أيضًا، كانت تجربة سلطنة عمان في المجالس المحلية البلدية للفترة الثانية.