لا شك أن أهم حدث بعد ثورة ٢٥ يناير هو اندلاع ثورة الثلاثين من يونيو وما تلاها من خارطة الطريق التى نصت على وضع دستور جديد تم الاستفتاء عليه وإقراره، وانتخاب رئيس جمهورية جديد، وتمت هذه الخطوة بانتخاب الرئيس «عبدالفتاح السيسى»، وأخيرًا انتخاب مجلس نواب جديد وتم ذلك بالفعل.
وقد واجهت الدولة المحاولات اليائسة لجماعة الإخوان المسلمين لإسقاط النظام السياسى الجديد بالقبض على زعماء الجماعة وتوجيه تهم متعددة لهم، أهمها التحريض على العنف وممارسته، تنظرها المحاكم التى أصدرت أحكامها بالفعل على عدد منهم. غير أنه أهم من ذلك صدور قانون يقضى بأن جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية.
ومع أن الجماعة مارست الإرهاب بصور شتى سواء ضد الشخصيات العامة من القيادات القضائية مثل النائب العام، أو ضد ضباط الشرطة وضباط القوات المسلحة، أو ضد الشعب ذاته حين اتجهت لنسف أبراج الكهرباء، إلا أنها دأبت على أن تنفى عن نفسها تهمة الإرهاب، وبالتالى كانت تتنصل من مسئولية الاغتيالات التى قامت بها أو أعمال العنف ضد مؤسسات الدولة وضد قوات الشرطة والقوات المسلحة فى سيناء على وجه الخصوص.
ولجأت فى سبيل هذا إلى التخفى وراء مسميات ابتدعتها لتنظيمات إرهابية تابعة لها مثل أنصار «بيت المقدس»، أو «حركة حسم»، أو غيرها والتى تنكر تبعيتها لها.
غير أنه مما يلفت النظر بشدة ردود فعل الجماعة إزاء إعدام «حبارة» هى وأبواقها الإعلامية وقنواتها التليفزيونية التى تبث من تركيا، بالإضافة إلى قناة الجزيرة القطرية التى تدعم كل العمليات الإرهابية الإخوانية وتقف فى نفس الوقت موقف المعادى لثورة ٣٠ يونيو. والواقع أن «حبارة» الذى تم بالفعل إعدامه من أخطر الإرهابيين، وقد عومل معاملة قانونية عادلة إذ استمرت محاكمته أكثر من ثلاث سنوات وبعدها صدر حكم محكمة النقض البات والنهائى بإعدامه بعد ثبوت ارتكابه الجرائم التى اتهم بها، وأخطرها قتل مجموعة من جنود الأمن المركزى فى سيناء.
لفت النظر حقا أن الجماعة الإرهابية وأبواقها الإرهابية أصيبت بصدمة شديدة بعد تنفيذ الحكم على «حبارة»، بل اعتبرته «شهيدًا» تم قتله دون أن يعامل معاملة قانونية عادلة.
والسؤال الجوهرى هنا: ما هو سر هذا الدفاع الحار عن الإرهابى «حبارة» لو لم يكن عضوا عاملا بالجماعة الإرهابية؟.
أليس فى هذا السلوك فى حد ذاته اعتراف علنى وصريح بأن جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية تمارس العنف وتبرر الاغتيال باعتباره وسيلة مشروعة للوصول إلى السلطة ولو باستخدام القوة المسلحة؟.
والواقع أننا لم نكن فى حاجة إلى التدليل على أن ممارسة العنف والإرهاب إحدى الوسائل الرئيسية التى تتبعها جماعة الإخوان المسلمين لتحقيق أهدافها، وذلك لأن تاريخها الثابت منذ أنشأها «حسن البنا» عام ١٩٤٨ يؤكد ذلك.
والوقائع التاريخية تقول بأن «البنا» أنشأ ما أطلق عليه «الجهاز السرى» ومهمته قيامه باغتيال الشخصيات العامة التى يرى المرشد العام للجماعة ضرورة تصفيتها باعتبارها معادية للجماعة.
وبتطبيق هذه السياسة الإرهابية صدرت أوامر الجماعة لعضو من أعضائها للقيام باغتيال «النقراشى» باشا الذى كان رئيس وزراء مصر فى الأربعينيات، كما تم اغتيال المستشار «الخازندار» الذى سبق له أن أصدر أحكاما مشددة على بعض أعضاء الجماعة.
ومن ناحية أخرى من الثابت تاريخيًا أن أحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين من شعبة الإخوان فى إمبابة هو الذى حاول اغتيال الرئيس «جمال عبدالناصر» فى ميدان المنشية بالإسكندرية عام ١٩٥٤.
ومن ناحية أخرى قام سيد قطب المنظر التكفيرى للجماعة عام ١٩٦٥ بتكوين تنظيم إرهابى مسلح لقلب نظام الحكم.
ومن هنا يمكن القول إن القانون الخاص باعتبار جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية قد تأخر كثيرًا للأسف الشديد.
هذا التأخر يرجع إلى أن الرئيس «السادات» فى معركته السياسية ضد الناصريين والشيوعيين الذين عارضوا سياساته وخصوصا حين أبرم اتفاقية «كامب ديفيد» هو الذى فتح لهم الباب واسعا وعريضا وسمح لأعضاء الجماعة المنفيين بالعودة إلى مصر وممارسة نشاطهم حتى إنه سمح لهم بإعادة إصدار مجلتهم «الدعوة».
كما أن الرئيس السابق «حسنى مبارك» أخلى لهم المجال الاجتماعى بالكامل حتى تغلغلوا فى كل أنحاء الوطن بل إنهم نجحوا فى عهده فى إنجاح أكثر من ثمانين نائبا فى مجلس النواب كان من بينهم الرئيس المعزول «محمد مرسى».
إن قانون اعتبار جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية يقف حائلا دون أى محاولة «للصلح» المزعوم مع الجماعة الذى تدعو له مجموعة من الأصوات المشبوهة!.