الأربعاء 03 يوليو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

"سبوبة إسكان الغلابة".. 8 ملايين شقة "مغلقة".. بَنتها الدولة لمحدودي الدخل واستولى على معظمها "حيتان التسقيع".. مصادر: السبب غياب الدور التشريعي والرقابي.. وعدم قدرة المستفيدين على التشطيب

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ملف الإسكان الاجتماعى مثله مثل ملف الدعم، كلاهما لا يصل إلى مستحقيه، أكثر من 7.7 مليون شقة مغلقة، "سبوبة" تدار من جانب أفراد ومقاولين وموظفين بالمحليات يقومون بشراء شقق الغلابة من الباطن وتسقيعها لسنوات من خلال غلقها ثم بيعها لاحقا بأثمان مضاعفة، بلا رقيب أو رادع فمن يضبط تلك العجلة، ومن يضمن وصول شقة الإسكان إلى محدودى الدخل، وكيف نواجه ظاهرة التسقيع والغلق؟ 
لا يمر عام إلا ونجد إعلانا من وزارة الإسكان والمرافق عن بدء الحجز فى مشروعات الوزارة التى تصنفها ما بين مشروعات محدودى الدخل ومشروعات الاسكان الاجتماعى والتى تضع لها شروطا مجحفة تشير إلى جدية الحجز وعدم تدخل المحسوبية، ورغم ذلك نجد ملايين مهولة مهدرة على خزانة الدولة، هناك مثلا ما يقرب من 500 ألف وحدة أعلنت عنها خلال العام الجارى وتم التقديم لحجزها.
وتهدر الثروة العقارية فى مصر المليارات نتيجة الفساد وسوء الإدارة فهذا البنك الدولى فى العام 1997، قدر حجم الثروة العقارية المهدرة بنحو 240 مليار دولار، وقدرها تقرير حديث بما يزيد عن 4 تريليونات جنيه، وجاء فى التقرير: "لا نحسن الاستفادة منها ونهدرها فى شكل وحدات سكنية يتم الانفاق عليها بالمليارات وفى النهاية يتم حجزها من قبل أشخاص ليسوا فى حاجة إليها ويغلقونها لبيعها بعد فترة بأسعار خيالية ".
ووفقا لتقديرات أخيرة، يبلغ عدد تلك الوحدات المغلقة ما بين 7.7 – 8 ملايين وحدة، لا يتم الاستفادة بها سواء تلك التى يتم تسليمها ضمن مشروعات الإسكان أو التابعة للقطاع الخاص وأحيانا يكون سبب غلقها هو عدم قدرة أصحابها على إنهاء تشطيبها بحسب ما أقرت به المهندسة نفيسة هاشم، مستشار وزير الإسكان لشؤون قطاع الإسكان والمرافق، حيث قالت: يوجد 4.4 مليون وحدة غير مستغلة لهذه الأسباب، كما يوجد حوالى 1.8 مليون وحدة إدارية وتجارية ومخازن غير مستغلة، وهناك 2 مليون ملك أغلقها أصحابها إما لسفرهم، أو انتظارًا لأولادهم حتى يكبروا، إضافة إلى تلك التى ينتفع بها أصحابها بنظام الإيجار القديم ويغلقونها بسبب بضع جنيهات يدفعونها فى الوقت الذى لا يستطيع أحد إجبارهم على تركها أو تسكينها للغير.
بالبحث فى قضية "تسقيع" وحدات الإسكان الاجتماعى وجدنا أن مشروع "ابنى بيتك" الذى كان الرئيس المخلوع حسنى مبارك قد بدأه إبان ترشحه لفترة رئاسية أخيرة فى 2010 هو الأشهر حيث إن كثيرا ممن حجزوا فيه كان بغرض الاستثمار حاضرا أو مستقبلا فمن لم يقم بالحجز بغرض بيعها للغير أو ربما كان قد حجز باسمه لأن غيره لا تنطبق عليه المواصفات، فالنية متوفرة لاستلام الوحدة وغلقها فور الانتهاء من شروط جهاز التنمية العمرانية بالوزارة، على أن يتم استكمال التشطيب بالبطيء لأن معظم الحاجزين كانوا من محدودى الدخل.
ولا مانع من تدخل المحسوبية فى توزيع بعض الشقق على بعض المعارف للعاملين فى المحليات وإن كان عددهم لا يقارن بعدد تلك الوحدات التى جرى العرف على "تسقيعها" فالشروط لا تجبرك على السكن فى مدة معينة لكن تلزمك بالتسديد لكامل الأقساط، والتشطيب الظاهري، وتسكن على مهلك، فما يهم الوزارة فى مشروعاتها أن تذر الرماد فى العيون، "أهو إحنا بنبنى ونوزع شقق بس الناس اللى مش بتسكن.. نعملهم إيه!".
وأكد "عمرو حجازي" نائب رئيس جمعية حقوق المضارين من قانون الإيجارات القديم أن استمرار قانون الإيجار القديم بوضعه الحالى يكرس لأزمة الإسكان فى مصر ويقضى على إمكانية الاستفادة من أى حلول لتلك القضية فى الحاضر أو المستقبل ما لم يعد النظر فيه، منوها إلى أنهم فى الجمعية بح صوتهم سواء على المستوى التشريعى بتقديم مسودة قانون لأعضاء البرلمان لإلغاء هذا القانون لفك قيد وغلق ما يقرب من 8 ملايين وحدة سكنية أغلبها مؤجر بقيم إيجارية لا تتجاوز بضعة جنيهات ما يجعل صاحبها عاجزا عن الاستفادة منها وكذلك استفادة مؤجر جديد منها بينما يتم غلقها لا لسبب غير رخص إيجارها فتتفاقم أزمة الإسكان دون سبب حقيقي.
وطالب نائب رئيس الجمعية بضرورة طرح القانون فى شكله الجديد على البرلمان فى دورة انعقاده الحالية دون تأخير وذلك بعد عقد جلسات حوار مجتمعى لعرض جميع جوانبه والوصول لأفضل صيغة له تحقق الفائدة المرجوة من تلك الوحدات.
وفى محاولة لفهم دور "المحليات" وتدخلها فى عملية "التسقيع" وضح عبدالرحمن حسن خبير الإدارة المحلية القول بوجود رشاوى ومحسوبيات فى بعض الأجهزة المحلية فى توزيع الشقق والوحدات السكنية فى المشروعات التى يتم الإعلان عنها لكن المشكلة أنه لا يمكن ضبطها أو رصدها كلها وهذا يمكن تعميمه فى كثير من القطاعات بالجهاز الإدارى فى الدولة وليس قطاعا بعينه، لكن فرصة ظهوره أكثر فى الإدارات المحلية والوحدات والمراكز والمدن التى يكون فيها التقديم للوحدات بشكل مباشر مع الموظف، لكن المشروعات التى يكون فيها الحجز عن طريق مكاتب البريد أو البنك يقل فيها المحسوبيات لانعدام الاحتكاك مع اللجنة.
وأشار "حسن" إلى أن وجود المجالس الشعبية المحلية يعد الحل لمنع انتشار تلك السلوكيات ونحن نعلم أنها غير موجودة منذ 2011 فى إشارة إلى وجود فراغ مؤسسي، وربما هذا يجعل وجودها الآن ضرورة ملحة ويجب التعجيل بها، والحديث عن وجود مجاملات مع أعضاء البرلمان فى حجز وحدات لمعارفهم كلام لا يمكن إثباته بسهولة مع أن الحديث عنه متكرر، لكن من يمكنه الرقابة والضبط على الجميع هم أعضاء المجالس المحلية.